المحتوى الرئيسى

أشهر "اليهود" في الدراما المصرية

05/11 17:18

ترى بماذا شعر الفنان أحمد عبد الهادي حين تم استدعاؤه للقيام بدور ضابط مخابرات إسرائيلية مرتين؟ هل وثق الفنان في مؤهلاته كممثل يتلون مع الأدوار والأعمال، أم اهتزت ثقته في مصريته وكره ملامحه التي تحبسه في هذا الإطار؟

هل تردد عهدي صادق في قبول دور اليهودي أكثر من مرة؟ هل خاف أن ينحصر في هذا الدور أم تشجَّع على أدائه كل مرة بشكل مختلف ومغاير للمرة التي قبلها؟ وهل كانت الممثلة اليهودية الراحلة فيكتوريا كوهين تشعر بالمهانة أو الحرج عندما تقوم بدور يهودية بخيلة؟

هذه السطور تحمل الإجابة، تحمل كم مرة قام الممثلون بأداء الشخصية اليهودية وهل أحببهم الجمهور العربي في تلك التجارب أم لا.

قام بأداء دور "كوهين" في فيلمين: أولهما فيلم "حسن ومرقص وكوهين: القصة التي كتبها نجيب الريحاني وبديع خيري وقدماها للسينما والمسرح معًا. وثانيهما كان الخواجة كوهين في "آخر شقاوة" الفيلم الذي أظهره كيهودي بخيل لا يجد حرجًا في أن يسوئ سمعة ابنته ويدعي أنها أنجبت طفلًا غير شرعي من شاب لأسرة غنية حتى يدفع له أهل الشاب مبلغًا من المال كي يتكتم الخبر.

ربما كان روستي أكثر من أجادوا دور الرجل اليهودي في حقبة الأبيض والأسود بسبب ملامحه التي تبدو أجنبية. وهذا صحيحٌ إلى حد كبير، فقد وُلِد عام 1891 لأم إيطالية وأب نمساوي كان سفير النمسا بالقاهرة. وحين انفصل والده عن والدته عاش روستي في مصر ودخل مدرسة " رأس التين" الابتدائية، وبدأ حياته الفنية منذ عشرينيات القرن الماضي بفيلم ليلى عام 1927.

حين تسمع هذا الاسم، ما الشكل الذي يرتسم في خيالك؟ هل تقفز إلى رأسك الصورة الأصلية الحقيقية لجولدامائير أم صورة "إنعام سالوسة"، رغم أنه دور واحد الذي يُذكر لها في ذلك الملف الفني، لكنه دور كالجبل. ربما حين يقرأ مواليد الثمانينات والتسعينات عن "جولدامائير" لا يعرفون شكل السيدة الأصلي بينما يقفز إلى أذهانهم شكل "إنعام سالوسة" في "السقوط في بئر سبع" أمام إسعاد يونس وسعيد صالح اللذين برعا في دور التجسس على مصر لصالح إسرائيل.

وحالة إنعام سالوسة في التقمص هنا حالة نادرة صادرت شخصية جولدامائير لصالحها تمامًا، فلا نكاد نعرف شيئًا عن شكل السيدة الحقيقية على الإطلاق.

ممثلة مصرية يهودية اشتهرت بأداء دور السيدة اليهودية شديدة البخل كما في فيلم "آخر شقاوة" في دور أم كوهين "ستيفان روستي". ولدت عام 1891 وانضمت لفرقة رمسيس التي أسسها يوسف وهبي. وقدمت عددًا قليلاً من الأعمال السينمائية والمسرحية، لكنها أعمال تعلق بالذاكرة حتى وإن لم تذكر اسمها الحقيقي فإنك ستتذكر شكلها وأحد أدوارها حين يقول لك أحدهم: "الست االلي كانت عاملة يهودية في فيلم كذا"، ستتذكر فورًا وجه فيكتوريا كوهين.

وجهه دقيق الملامح وصفاته الجسدية جعلته محط اختيار المخرجين لأدوار الشخصيات اليهودية وكذلك اليونانية أيضًا على الشاشة المصرية. بدأت تلك الأدوار بـ"الخواجة تودري" في زيزينيا، المسلسل الذي ضفَّر فيه أسامة أنور عكاشة الطائفة اليونانية في مصر بالفدائيين الوطنيين بأبناء الحارة بأبناء الطبقة الأرستقراطية بالـ"معلِّمين" والفتوات بالعاشقين الهائمين تغزلًا في حبيباتهم بالدراويش. نسيج خاص لا يصنعه إلا أسامة أنور عكاشة وكان الخواجة تودري أحد خيوط ذلك النسيج.

وكان الكاهن اليهودي "إسحاق" في فارس بلا جواد أمام محمد صبحي، وهو المسلسل الذي أثار ضجة حين عُرض لأول مرة لتناوله كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" وعرضه لقصة شاب يحارب اليهود ويخدعهم ويكبدهم الخسائر ولا يستطيعون المساس به.

ثم نرى عهدي صادق "الخواجة رافاييل" في "حلم الجنوبي" مهرب الآثار الذي يرتكب الجرائم من تهريب الآثار إلى القتل، ثم يُتوَّج المشوار بالعمل الأسطوري "رأفت الهجان" في دور اليهودي "فيليب ناتاسون".

"الست لاتانيا" مهربة المخدرات في فيلم "ابن حميدو" و"راشيل" الحبيبة اليهودية محمد فوزي في "فاطمة وماريكا وراشيل"، راقصة البالية صاحبة أشهر رقصات إيقاعية في الأفلام المصرية. هي مصرية يونانية لعبت الأدوار اليهودية وأقنعتنا بها ربما بسبب ملامحها الأجنبية إلى حد ما.

كانت نيللي مظلوم (أولجا روسوس) الراقصة البارعة طفلة مصابة بشلل الأطفال، ثم عالجها طبيب يوناني متزوج من راقصة باليه. ضمَّتها زوجة الطبيب إلى مدرسة البالية الخاصة بها بعد شفائها وأصبحت وكبرت لتصبح ممثلة مشهورة.

تزوجت نيللي مظلوم عدة مرات كان أحدها من "أندرياس روسوس" الذي أنجبت منه طفلًا أصبح فيما بعد المطرب العالمي الشهير "ديميس روسوس". وكان أحد أزواجها أيضًا رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف صدقي.

ربما لا يعني لك الاسم أي شيء، لكنك تعرف من نتحدث عنه جيدًا عندما تنظر إلى صورته. إنه بطل المشهد الشهير: "من المخابرات المصرية إلى المخابرات الإسرائيلية، نشكركم على تعاونكم معنا طوال ست سنوات مثمرة، وقد توجتم هذا التعاون بإمدادنا بجهازكم الإنذاري الخطير مع رجلنا جمعة الشوان". إنه رئيس جهاز الموساد في "دموع في عيون وقحة".

كان عبد الهادي هو "يعقوب سويف" ضابط المخابرات الإسرائيلية كذلك في رأفت الهجان، والقائم بدور "شمعون شوحة" في مسلسل "زمن عماد الدين". ورغم أن أعماله ليست كثيرة للدرجة لكن دوره أمام جمعة الشوان/ عادل إمام في "دموع في عيون وقحة" ثبَّت صورته في أذهان المشاهد بأنه الرجل ذي العينين الملونتين الذي يرتدي تلك الطاقية الصغيرة ويقوم جمعة الشوان بخداعه طوال الأحداث.

اليهودي الطيب الذي منح رأفت الهجان اسمه وصفته وتبناه ماديًا ومعنويًا. هو شارل سمحون الذي جعل رأفت ينتمي إليه ليصبح "ديفيد شارل سمحون". الاسم الذي صاحبه طوال حياته. وهي شخصية مغايرة للصورة المرسومة في الأذهان عن الرجل اليهودي البخيل "الأخنف" في كثير من الأحيان. كانت هذه الشخصية تشبه شخصيات الآباء التي نعرفها عن قرب ونتعاطف معها.

وللمرة الثانية يظهر حسن عبد الحميد كرجل يهودي حينما لعب دور ضابط المخابرات الإسرائيلية في "دموع في عيون وقحة" أمام عادل إمام وأحمد عبد الهادي ومصطفى فهمي. 

وما زالت الأعمال الفنية المصرية تتناول شخصيات يهودية بخلاف من ذكرناهم سابقًا، لكن هؤلاء هم الأبرز والأكثر تأثيرًا في مشاعر المشاهد المصري والعربي. وعلى هذا ومع اختلاف الممثلين إلا أن السمت العام للشخصية اليهودية كان متقاربًا إلى حدٍ بعيد.

تُعلِّق على ذلك الناقدة الفنية علا الشافعي لرصيف22 قائلة إن المنتجين والمخرجين المصريين كثيرًا ما "يستسهلون" اختيار الممثلين للأدوار كما يستسهلون أيضًا في رسم الشخصيات دون بحث كامل ووفي عن طبيعة الشخصية. فمثلًا السبب في تكرار بعض الممثلين بعينهم لأدوار يهودية أنهم نجحوا في أداء الدور لأول مرة فتهافت عليهم المنتجون لأداء أدوار شبيهة دون تكلف عناء البحث عن ممثلين جدد.

وتعتبر الشافعي أن الأعمال الفنية الحديثة بدءًا من رأفت الهجان وإعدام ميت ومؤخرًا "حارة اليهود" تحمل صورة مختلفة للشخصية اليهودية التي ليست بالضرورة ترتدي نظارة وتتحدث بصوت أخنف وتنظر بخبث ولؤم. ويبدو أن هذه الأعمال أجرت بحوثًا حقيقية على الشخصية اليهودية ولم تكتفِ بالمُتخَيَّل عنها.

ويتفق الكاتب والمخرج الشاب روماني صبري مع الشافعي فيما أسموه مبدأ "الاستسهال" وهو ما يتبعه المنتجون والمخرجون من عدم دراسة الشخصية اليهودية دراسة وفية متقنة. وهذا لا يحمل أي عيب أو تقصير من جانب الممثل المصري الذي أدَّى ما "تخيله" عن الشخص اليهودي بإتقان، ولو كان هناك تتبع لصفات الشخصية اليهودية بشكل أعمق لأداها الممثل المصري ببراعة كذلك.

ماذا تقول لنا هذه الخيارات عن مجتمعنا وعن علاقتنا بتاريخنا وهويتنا؟

العربية والعبرية: كيف أثرت كل منهما في "أختها"؟ ثنائيات السينما المصرية... عشاق أمام الشاشة وخلفها هكذا ساعد المسلمون الضحايا اليهود خلال الحرب العالمية الثانية

وما زالت الأعمال الفنية المصرية تتناول شخصيات يهودية بخلاف من ذكرناهم سابقًا، لكن هؤلاء هم الأبرز والأكثر تأثيرًا في مشاعر المشاهد المصري والعربي. وعلى هذا ومع اختلاف الممثلين إلا أن السمت العام للشخصية اليهودية كان متقاربًا إلى حدٍ بعيد.

تُعلِّق على ذلك الناقدة الفنية علا الشافعي لرصيف22 قائلة إن المنتجين والمخرجين المصريين كثيرًا ما "يستسهلون" اختيار الممثلين للأدوار كما يستسهلون أيضًا في رسم الشخصيات دون بحث كامل ووفي عن طبيعة الشخصية. فمثلًا السبب في تكرار بعض الممثلين بعينهم لأدوار يهودية أنهم نجحوا في أداء الدور لأول مرة فتهافت عليهم المنتجون لأداء أدوار شبيهة دون تكلف عناء البحث عن ممثلين جدد.

وتعتبر الشافعي أن الأعمال الفنية الحديثة بدءًا من رأفت الهجان وإعدام ميت ومؤخرًا "حارة اليهود" تحمل صورة مختلفة للشخصية اليهودية التي ليست بالضرورة ترتدي نظارة وتتحدث بصوت أخنف وتنظر بخبث ولؤم. ويبدو أن هذه الأعمال أجرت بحوثًا حقيقية على الشخصية اليهودية ولم تكتفِ بالمُتخَيَّل عنها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل