المحتوى الرئيسى

Ahmed Nsr يكتب: الصراعات الدينية بين التفكير والتكفير | ساسة بوست

05/11 13:55

منذ 1 دقيقة، 11 مايو,2017

الصراعات الدينية لا تخرج عن فريقين:

1- فريق يرى أنك تختلف معه في أصل الدين.

2- فريق يرى أنك تختلف معه في الفهم.

دائمًا تكون ثقافته هي الأحادية في التناول، وإذا احتد بينكما الخلاف لربما يصل إلى تكفيرك، وإذا أردت أن تحسم الحوار بالاستشهاد بأقوال بعض العلماء السابقين لتأييد قولك لأن هذه الأمة تتطمئن كثيرًا إذا نسبت قولك لفلان، فالتعصب دائمًا يكون من الدونية للمتكلم وليس للخطاب رد عليك بأن هذا العالم مبتدع أو ضال أو…

ولو دعوته للتفكير قليلًا لقال الدين ليس بالهوى! ويسمي استخدام العقل هوى وهذه مغالطة صريحة؛ لأن الله في عشرات الآيات دعانا للتفكير «أفلا يعقلون، أفلا يتفكرون»، والله لم ينزل إلينا شرائع تخالف العقول التي وهبنا إياها كما قال «ابن سينا»، والشرع أبدًا لا يخالف العقل لأن الشرع إما:

– أن يكون «نصًّا» يحتاج إلى من يفهمه وهذا إنتاج بشري.

– وإما أن يكون «فهمًا» من العلماء للنص وهذا إنتاج بشري آخر.

فنحن إذن أمام إنتاجين كلاهما بشري، والإسلام أخرج لنا في هذا النطاق مدرستين: الأولى: هي مدرسة الحديث والنصوصيين وهؤلاء كان يرأسهم «عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص في المدينة»، وكانوا يكرهون كثرة السؤال ولا يجيزون الفتوى فيما لا نص فيه.

حتى جاء رجل يسأل سالم بن عبد الله بن عمر، فقال له لا أعلم، قال قل رأيك، قال لو قلت لك رأيي لربما أرجع عنه ولم يفتيه.

– ومن تلامذتهم الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل. وكان يذمون الرأي؛ حتى أن أحمد بن حنبل كان إذا وجد «نصًّا ضعيفًا ورأيًا» في مسألة أخذ بالحديث الضعيف ولم يأخذ بالرأي، وهذا جلي في كتابه «المسند»؛ إذ إنه كان يستعمل الحديث الضعيف إذا لم يجد غيره.

وهذه المدرسة في عصرنا متمثلة في السلفيين؛ لأنهم يقدمون النص على أي شيء، حتى قالوا «إذا استطعت ألا تحك ظهرك إلا بأثر فافعل».

– المدرسة الثانية: كان على رأسها عمر بن الخطاب المُلهم ثم من تلامذته ابن مسعود إلى الحنفية والمعتزلة والمتكلمين،

وكانوا ينظرون إلى الشريعة على أنها معقولة المعنى «أي أن كل حكم شرعي له حكمة وعلة».

فمثلًا، منع عمر الزكاة لـ «المؤلفة قلوبهم» بعد وفاة النبي، وقال نحن كنا نعطيهم المال في أول الإسلام لأننا كنا قلة، أما الآن فلا حاجة إليهم مع وجود النص الصريح بذلك، وآراؤه في هذا الباب كثيرة جدًا يصعب سردها خشية الإطالة حتى أنك إذا قرأت سيرته ستجد «وكان أول من فعل كذا وكذا وكذا».

نرجع للفريق الأول الذي ربما يصدر أحكامًا على أشخاص ولم يقرأ لهم كتابًا واحدًا، فضلًا عن أن يعرف منهجهم أو تطور آرائهم. حكمه نابع من كلام الآخرين عنه، فيرمي هذا بوحدة الوجود، وهذا بالاتحاد، وهذا بالزندقة، وهذا بالفسق، وهذا بالسفسطة، وهذا بالمبتدع، ولم يقرأ لهم كتابًا، فضلا عن أن يستوعب مناط كلامهم، وهذا الفريق كبر عليه أربعًا، ولا تنشغل بالحوار معه.

فهو يعلم أن الاختلاف في الفهم هو خلاف جرى قديمًا وحديثًا، ولم يُفصل فيه لأن الله أراد ذلك، أراد هذا الخلاف حتى يتسنى للناظر أن هذا الدين استوبع الجميع «وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ» سورة الحجر

فكما وجد أبو هريرة الراوي وجد أيضًا عُمر صاحب الرأي والاجتهاد مع وجود النص الصريح فهو من عطل نصيب «المؤلفة قلوبهم»، وقال لا حاجة لنا به فقد انتشر الإسلام، وهو الذي عطل حد السرقة في المجاعة، وكما وجد ابن تيمية الأثري وجد ابن الجوزي الجهمي وابن حجر العسقلاني والنووي، وهم أشاعرة، وابن عربي والحلاج وابن الرومي وشمس الدين التبريزي أئمة التصوف، والغزالي وابن رشد الفلاسفة، ومحمد بن عبد الوهاب السلفي، والنظار والزمخشري المعتزلي وابن حزم الظاهري والمعري والرازي وابن سينا العقلانيون، وأبو نواس المتحرر.

وكل هؤلاء لم يشتك واحد منهم من الدين أبدًا، ولم يروه ضيق الأفق بل اختلافهم فقط في الفهم، فكيف تحجرون على واسع!

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل