المحتوى الرئيسى

ترامب يُقلّم أظافر أردوغان قبل لقائه

05/11 00:27

من الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد قد قرر تقليم أظافر نظيره التركي رجب طيب أردوغان قبيل زيارة الأخير واشنطن الأسبوع المقبل. ففي أحد أهم وأخطر وأشد الموضوعات خلافا بين واشنطن وأنقرة، قرر الرئيس ترامب القيام بتحرك مفاجئ. إذ وافق على إمداد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا بالسلاح، وهو ما أكده البنتاجون في وقت لاحق. وقد أكد مسؤولون عسكريون أمريكيون أن ترامب وافق على خطة لتسليح وحدات حماية الشعب الكردية، الحليف المهم لواشنطن، وأن الولايات المتحدة ستعطي الأولوية في التسليح للعناصر العربية في التحالف الذي سيقاتل في الرقة. وشددت وزارة الدفاع الأمريكية على أن قرار تزويد أكراد سوريا بالسلاح يهدف لمساعدتهم بتحقيق النصر على تنظيم داعش في الرقة، مشيرة إلى أن معركة الرقة ستكون طويلة وشاقة ولكنها ستنتهي بإلحاق الهزيمة بالتنظيم الإرهابي.

على الجانب الآخر، وجَّهت تركيا تحذيرا شديد اللهجة للولايات المتحدة بأن قرار تسليح القوات الكردية التي تحارب تنظيم داعش في سوريا قد يفضي إلى الإضرار بواشنطن. بل واتهمت حليفتها في حلف شمال الأطلسي بالانحياز للإرهابيين. والمعروف أن أنقرة تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً سورياً لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة وأوروبا منظمة إرهابية، بينما لا ترى موسكو ذلك، وتتعاون مع حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية.

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم حذَّر واشنطن بأنه "لا تزال أمام الإدارة الأمريكية فرص لوضع الحساسيات التركية بشأن حزب العمال الكردستاني في الاعتبار. لكن إذا اتخذ قرار بغير ذلك فسيكون لذلك قطعا تداعيات وسيتمخض عن نتيجة سلبية بالنسبة للولايات المتحدة أيضا". وإذا كانت وسائل الإعلام الروسية المنعزلة تماما عن الواقع تفسر مثل هذه التحذيرات بأنها إنذار حرب من تركيا ضد الولايات المتحدة، فالتحليلات الرصينة ترى أن أنقرة تحذِّر واشنطن من إمكانية تضرر قواتها في سوريا والعراق بنتيجة تعاون وحدات حماية الشعب الكردية مع الروس ونظام الأسد في سوريا.

في الحقيقة، تركيا غاضبة من الولايات المتحدة زعيمة الناتو وقائدة التحالف الدولي. ولم تكن تتوقع أن تختار واشنطن بين شراكة أنقرة الاستراتيجية وبين منظمة إرهابية، كما ترى الحكومة التركية. ولكن الولايات المتحدة تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية شريكا مهما في المعركة ضد داعش في شمال سوريا، وتقول إن تسليح القوات الكردية ضروري لاستعادة السيطرة على الرقة عاصمة داعش في سوريا ومركز تخطيط الهجمات ضد الغرب.

وزارة الدفاع الأمريكية قالت إنها على علم بمخاوف تركيا التي قدمت دعما حيويا في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش في سوريا والعراق، حيث تنطلق الطائرات التي تنفذ ضربات جوية ضد التنظيم من قاعدة إنجيرليك الجوية التركية التابعة لحلف الناتو. أما وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس فقد أعرب عن ثقته بأن الولايات المتحدة سيكون بوسعها نزع فتيل التوتر، وتهدئة مخاوف تركيا بهذا الصدد. وقال "سنتعامل مع أي مخاوف، وسنعمل عن قرب مع تركيا دعما لأمنها على حدودها الجنوبية التي تعتبر حدود أوروبا الجنوبية، وسنبقى على اتصال وثيق".

من الواضح أن هناك مستوى آخر للصراع بين واشنطن وأنقرة في سوريا. ولكن لا أحد من الطرفين يريد الإفصاخ عنه صراحة، أو الكشف عن أهدافه وآلياته. وربما تكون روسيا أحد متغيرات أو أطراف هذا الصراع. وبالتالي، من الصعب أن تتراجع واشنطن عن قرار إمداد وحدات حماية الشعب الكردية بالسلاح. وهذا ما أكده تقرير لمؤسسة كارنيجي في أوروبا بأن "تركيا ليست لديها مساحة كافية للتحرك أو المناورة هنا، وأن واشنطن قيمت الأمر بهذا الشكل عندما اتخذت هذا القرار". ومع ذلك فهناك مخاوف من قيام تركيا بخلط الأوراق ووضع الكثير من القيود والعقبات أمام عمليات التحالف في سوريا والعراق من جهة، و"اللعب" مع روسيا لترجيح كفتها في سوريا من جهة أخرى، ولكن بشروط تركية.

إن تركيا قد تفرض قيودا على استخدام قاعدة إنجيرليك، وسيؤدي ذلك لعرقلة العمليات ضد داعش. وقد تكثف أيضا الضربات الجوية على أهداف لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق. وبالتالي، فمن الممكن أن نفهم تصريحات وزير الدفاع الزمريكي جيمس ماتيس بشأن أن واشنطن ستعمل مع أنقرة، وستطمئنها وتهدئ مخاوفها. وهو ما جاء أيضا على لسان المتحدثة باسم البنتاجون دانا وايت، التي تزور ليتوانيا حاليا مع وزير الدفاع.

هناك أسباب كثيرة لقيام ترامب بتقليم أظافر أردوغان قبيل زيارته واشنطن، على رأسها أيضا علاقات الأخير مع روسيا، أو بشكل أدق، استخدام الورقة الروسية لابتزاز الولايات المتحدة وإدارة ترامب. والدقة هنا ضرورية للغاية، لأن لا بوتين يثق بأردوغان، ولا أردوغان يثق ببوتين. وربما تكون قمة بوتين – أردوغان في سوتشي يوم 3 مايو قد عكست انعدام الثقة بين الطرفين، ورفض روسيا القاطع لمطالب ترامب بشأن التسوية ومصير الأسد، وزيادة عدد مناطق خفض التصعيد من 4 إلى 6 مناطق وآليات تأمين هذه المناطق، والابتعاد عن دعم الأكراد في سوريا.

ولكن أردوغان، من جهة أخرى، يذهب إلى ترامب بورقة روسية قد تثير بعض القلق لواشنطن وحلف الناتو. ولكنها ورقة ضعيفة للغاية، ومجرد مناورة قد تكون غير محمودة العواقب على مستقبل أردوغان السياسي. إذ عاد الحديث عن توريد منظومات "إس – 400" مجددا إلى الواجهة، حيث كشف وزير الدفاع التركي فكري إيشيق أن أنقرة وموسكو تنشطان مفاوضاتهما بشأن شراء تركيا منظومات صواريخ روسية من طراز "إس-400"، وتناقشان حاليا الجوانب الفنية وسعر الصفقة. بل وأكد إيشيق أن الرئيسين التركي والروسي بحثا هذا الموضوع خلال لقائهما في سوتشي. ولكنه استدرك قائلا: "فقمنا بتفعيل مفاوضاتنا حول التفاصيل الفنية والأسعار. وحالما يتم حل مسألة السعر، سيتخذ زعيمانا، أي رئيسنا ورئيس الوزراء، قرارا نهائيا.. لكن ذلك لا يعني أن هناك استعدادا لإبرام العقد صباح يوم غد".

وزير الدفاع التركي قال إنه من الواضح أن تركيا في حاجة ماسة إلى "إس - 400"، و"مع ذلك لم تقدم الدول الأعضاء في الناتو أي اقتراح مالي فعال بهذا الخصوص. وأضاف بأن موقف الحلف ليس واضحا تماما بالنسبة لأنقرة، لأن الحلف، من جهة، يرفض تسليم تكنولوجيات ذات شأن لتركيا ولا يقدم تنازلات في الأسعار، لكنه من جهة أخرى ينتقد في الوقت نفسه أنقرة عندما تبحث الأخيرة عن حلول بديلة وتخوض مفاوضات مع دول أخرى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل