المحتوى الرئيسى

سهاد محمد روحي يكتب: جريمة قتل في القرآن | ساسة بوست

05/10 10:53

منذ 7 دقائق، 10 مايو,2017

زعموا أن قتل الغلام جريمة نكراء.

قال تعالى: (فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا) [سورة الكهف 74].

وقال تعالى: (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) [سورة الكهف 80 – 81].

ومن صحيح مسلم: (… ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذا غلام يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله. فقال موسى أقتلت نفسًا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئًا نكرًا. قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا قال وهذه أشد من الأولى. قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرًا… الحديث).

ومن حديث آخر في صحيح مسلم أيضًا: (… وأما الغلام فطبع يوم طبع كافرًا وكان أبواه قد عطفا عليه فلو أنه أدرك أرهقهما طغيانًا وكفرًا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرًا منه زكاة وأقرب رحمًا. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته… إلى آخر الآية).

علق المذيع على لفظ فخشينا، واستنكر أن يكون القتل للخشية فقط وليس مبنيًا على اليقين التام، ونوضح هنا أن الخضر كان موقنًا ومتأكدًا بما أوحاه الله له من علم الغيب أن هذا الغلام قطعًا سيرهق أبويه ويدفعهما إلى الهلاك في الدنيا والآخرة وقد أورد القرطبي في تفسيره معنى كلمة فخشينا في هذا السياق كالآتي: (قوله تعالى: فخشينا أن يرهقهما قيل: هو من كلام الخضر – عليه السلام –، قال الطبري: معناه فعلمنا؛ وكذا قال ابن عباس أي فعلمنا، وهذا كما كنى عن العلم بالخوف في قوله إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) انتهى، جاءت هنا بمعنى إلا أن يعلموا ألا يقيما حدود الله.

وتعليقه على كلمة أنه طبع على الكفر أي خرج من المصنع كافرًا فسنكتفي بالرد عليه بإيراد ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (8/362-363): فقوله: (طبع، أي طبع في الكتاب، أي قدر وقضي، لا أنه كان كفره موجودًا قبل أن يولد، فهو مولود على الفطرة السليمة، وعلى أنه بعد ذلك يتغير فيكفر، كما طبع كتابه يوم طبع.

ومن ظن أن المراد به الطبع على قلبه وهو الطبع المذكور على قلوب الكفار، فهو غالط، فإن ذلك لا يقال فيه: طبع يوم طبع، إذ كان الطبع على قلبه إنما يوجد بعد كفره، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تعالى أنه قال: «خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا»، وهذا صريح في أنه خلقهم على الحنيفية، وأن الشياطين اجتالتهم بعد ذلك انتهى المراد منه.

وقال فيه أيضًا (8/427- 428): وأما قوله «الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرًا» فالمراد به: كتب وختم، وهذا من طبع الكتاب، وإلا فاستنطاقهم بقوله «ألست بربكم قالوا بلى» ليس هو طبعًا لهم، فإنه ليس بتقدير ولا خلق.

ولفظ (الطبع) لما كان يستعمله كثير من الناس في الطبيعة التي هي بمعنى الجبلة والخليقة ظن الظان أن هذا مراد الحديث) انتهى.

يتضح لنا إذًا أن الولد لم يولد كافرًا ويحكم له بالإيمان لأن أبويه كانا مؤمنين، فهو مؤمن حال كونه طفلًا غير مميز.

أما قوله إن القتل في الإسلام قد يكون لأجل الدين فقط، فهو قول مجانب تمامًا للصواب، ونؤكد هنا أن هذه قصة أوردها الله بالقرآن لأخذ الدروس والعبر منها وليست لنأخذ منها أحكامًا شرعية، ولا الله أمرنا أن نأخذ منها أحكامًا شرعية، إنما هي أفعال مختصة بسيدنا الخضر بسبب ما حباه الله إياه بما أوحى له من علم الغيب، أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فهم في الإسلام أنواع ولكل نوع أحكام، ولا نريد أن نفصل هنا في ذلك فليس هذا مجاله، ولكن سأستعين هنا بمقالة كتبها أ. د. عبد الحليم عويس يوضح فيها الفرق بين حياة اليهود في ظل حكم إسلامي وحكم مسيحي، فقد كتب: «موقف المسلمين من اليهود في ظل الحضارة الإسلامية:

عندما دخل الإسلام إلى إسبانيا سنة (93هـ)، كان اليهود محكومًا عليهم بالطَّرد منها، ومصادرة أموالهم، وفرض التعميد التنصيري على أبنائهم إذا وصلوا إلى سن السابعة؛ فكان الإسلام طوقَ نجاةٍ لهم من هذا المصير التعيس؛ ولهذا رحَّبوا بالمسلمين، وبالتالي مكَّنهم المسلمون من المناصب ومن الحياة الكريمة، وعاشوا على امتدادِ الوجود الإسلامي في الأندلس – (93 – 897هـ)؛ أي: ثمانية قرون – أعزَّاء أثرياء.

… وعندما دار الزمان، وبدأ النصارى يستشعرون الاستغناءَ عن خدمات اليهود، ويشعرون بأن مستقبل إسبانيا يحتِّم إبعادهم، بدؤوا يعاملون اليهود معاملتَهم الطبيعية السابقة التي استمرَّت خمسة عشر قرنًا قبل ذلك، لقد أبعدوهم، وصادروا أموالهم، وأرغموهم على التظاهر بالنصرانية، وكان لهم نصيبٌ كبير في محاكم التفتيش التي أحرقت المسلمين، وطردتْهم وصادرت أموالهم، وكان هذا درسًا من الله لكُلِّ الغادرين!

ومن العجيب أن نحوًا من مائة وخمسين ألفًا من اليهود طُرِدوا من إسبانيا وأوروبا في هذه الظروف، ومع ذلك كان العالَم الإسلامي يستقبلهم ويُفسِح لهم مكانًا بين جنباته، كأنهم لم يفعلوا شيئًا، وكان هذا موقفًا إضافيًّا يدلُّ على طبيعة حضارة الإسلام، وطبيعة دين المسلمين! رابط الموضوع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل