المحتوى الرئيسى

مصطفى فاوي الخطيب يكتب: شجاعة حسني وما خفي كان أزهر | ساسة بوست

05/09 11:52

منذ 30 دقيقة، 9 مايو,2017

جدل واسع أثارته تصريحات القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر السابق، الدكتور أحمد حسني، حول ردة مقدم البرامج، إسلام بحيري، فلا شك أن الرجل ارتكب خطأ كارثيًا سرعان ما أقر هو وقوعه فيه، إلا أن المشهد الكامل بداية من التصريحات التي أدلى بها وصولًا إلى إعفائه من منصبه حمل العديد من الدلالات والدروس الهامة التي يجب الوقوف عليها.

شجاعة نادرة في الإقرار بالخطأ

الدكتور حسني سبق الجميع ولم تمض ساعات حتى أصدر بيانًا أقر فيه بخطئه، هل خلا الدكتور حسني بنفسه خلوة الباحث الأكاديمي، ليدرك هذا الخطأ؟ ربما، هل استمع إلى آراء زملائه الصادقين بعد الحلقة؟ ذلك وارد، وقد يكون كلا الأمرين، المهم أن من يقرأ بيانه يدرك أنه أصبح معلومًا باليقين لديه أنه قد ارتكب خطأ، والأهم من ذلك شجاعته النادرة في اعترافه بالخطأ وعدم محاولته إلقاء اللوم على القناة أو المحاور بادعاء اقتطاع كلامه أو تحميله ما لا يحتمل وهي الجمل التي تعودنا سماعها كثيرًا من المسؤولين، بل أقر بمسؤوليته الكاملة، واستخدم ألفاظًا قوية وحاسمة تدل على الوضوح والصراحة مثل «الرد الذي رددته كان خاطئًا تمامًا»، «هذا تجاوز لا يعبر عن منهج الأزهر»، لقد قدم الدكتور حسني للمسؤولين درسًا نادرًا في الشجاعة وتحمل المسؤولية، ربما لم يسبقه إليه أحد منهم، فأقر بخطئه قبل ودون أن يتعرض لأية ضغوط من إعلام أو رأي عام، فبيانه سبق الكل، وشجاعته لم تمهل المتصيدين الوقت لكي ينالوا منه.

تيار الأزهر يرفض الخطاب التكفيري

للوهلة الأولى قد يرى البعض أن خطأ الدكتور حسني يؤكد ما كان يدعيه بحيري وغيره من المهاجمين للأزهر من أن الأزهر يعزز الخطاب التكفيري، لكن من يقرأ المشهد كاملًا يدرك أن النتيجة عكس ذلك تمامًا، فخطأ القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر لم يقره أزهري واحد، بما يعني أن المناخ العام في الأزهر رافض لهذه الدعوات، وكما قيل رب ضارة نافعة، فأحيانًا لا يمكنك التأكد من اتجاه تيار الماء إلا إن حاولت السباحة عكسه، وعندما سبح الدكتور حسني للحظات عكس توجه التيار الأزهري اتضح توجه هذا التيار الرافض لتكفير أي شخص، وقد أدرك ذلك الدكتور حسني فعدل اتجاهه سريعًا، إذًا فالموقف في المحصلة أثبت عكس ما يدعيه إسلام بحيري، وهو في صالح الأزهر لا ضده فقد كشف أن التيار السائد والطاغي في الأزهر هو تيار الوسطية والاعتدال.

البعض حاول ترويج بيان الدكتور أحمد حسني وكأن الأزهر يعتذر لإسلام بحيري، وفي رأيي أن هذه محاولة ضعيفة وهزيلة لبناء قصة خيالية لا تستند إلى واقع، فالدكتور أحمد حسني هو من أصدر البيان بشكل شخصي، وهو يعبر عنه لا عن المؤسسة وهو ما أكده الدكتور حسني، من جهة أخرى فإن قارئ البيان لا يحتاج إلى تدقيق حتى يكتشف أن حسني اعتذر في المقام الأول للأزهر ومنهجه عندما خالف هذا المنهج ووقع في خطأ ابتعد به عن جوهره، أما بحيري فقد صدر ضده حكم نهائي في قضية ازدراء الأديان، ورغم ذلك فلم يعتذر عما حوكم بسببه، وهنا يتضح الفارق بين الباحث فعلًا عن الحقيقة الذي يرجع للحق إن خالفه والمكابر الذي لا يهمه إلا الانتصار لرأيه ولو حكم عليه قضائيًا ببطلانه وفساده.

استقلال الأزهر ضمانة الإصلاح الحقيقي

لقد اتضح من خلال هذا الموقف أن الأزهر مؤسسة إصلاحية بطبيعتها، فهو يصلح نفسه بنفسه ويرأب صدوعه بيده ويلأم جراحه بدوائه، ولا يحتاج إلى أياد خارجية للتدخل فيه، كما تبين أن استقلال الأزهر هو الضمانة الحقيقية لاستمرار هذا النهج الإصلاحي التجديدي، فهو يعطيه ميزة الإصلاح السريع والتعامل مع المواقف والمستجدات بطريقة خارج إطار الروتين والبروتوكول الذي تعرفه معظم المؤسسات.

أهمية هذا الاستقلال أدركها أعضاء البرلمان المصري فأعلنوا تضامنهم مع الأزهر الشريف وتصديهم لمشروع قانون مشوه قدمه أحد النواب للنيل من هذه الاستقلالية، بعد أن كشفت الأحداث المتوالية أن استقلالية الأزهر ليست رفاهية أو مصطلحًا يتباهى به الأزهريون بل هو من أهم ضمانات الاستقرار المجتمعي، وأحد ركائز الأمن القومي المصري والعربي بل والإنساني، ولم أذهب بعيدًا في ذلك، فهذا ليس كلامي، إنما هو ما شهدت به القيادات الدينية وحتى السياسية للغرب قبل الشرق.

وأخيرًا، لا تتصيدوا في الماء الصافي:

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل