المحتوى الرئيسى

«قيثارة السماء» محمد رفعت.. عين امرأة أفقدته بصره وفاروق سبب سوء تسجيلاته

05/09 11:30

لطالما سبحت عقول شاردة في فلك صوته الذي استحوذ على آذان الملايين وأسر قلوبهم، مسلمين ومسيحيين، عربًا وأجانب، ملوكًا وسلاطين، وكذا كادحين ومُعدمين، فهو الصوت الذي وحّد في حبه جميع الأطياف، حتى أصبح جزءًا من الهوية المصرية بشكل عام، وليس فقط الإسلامية، كما قال عنه المخرج العالمي يوسف شاهين إن صوته يبعث على السكينة ويساعد على التأمل.

في التقرير التالي يرصد لكم "التحرير لايف" مقتطفات من حياة سيد المقرئين وقيثارة السماء الشيخ محمد رفعت.

في 9 مايو 1882، ولد محمد رفعت - وهو اسم مركب - بحي "المغربلين" داخل منطقة الدرب الأحمر في القاهرة، لأب عمل ضابطًا بالبوليس، تولى مأمورية قسم "الخليفة"، ويدعى محمود رفعت، وقبل أن يتم "محمد" عامه الثاني أُصيب بمرض أفقده بصره،  ويقال إن عينيه كانتا جميلتين وكانت سيدات الحي الشعبي يتحدثن عنها، إلى أن حسدته امرأة بقولها: "إنه ابن ملوك، عيناه تقولان ذلك"، فما لبث أن كف بصره.

وهب "محمود بك" ابنه لخدمة القرآن الكريم، فألحقه بكتّاب مسجد فاضل الكائن بحي "درب الجماميز"، حيث أتم حفظ القرآن مُجوّدًا قبل العاشرة، وما إن بلغ الخامسة عشر حتى عُين قارئًا يوم الجمعة، فذاع صيته، لدرجة أن المسجد كان يضيق بالمصلين، وظل صوته يشدو في هذا المسجد لمدة 30 عامًا، ولأن الميكروفونات لم تكن قد دخلت المسجد حينها، فكان يذهب مريدوه مبكرًا بعد صلاة الفجر، وينتظروه حتى يأتي قبل صلاة الجمعة ليستمعوا إليه عن قرب، وفق ما أوضح الشيخ محمد متولي الشعراوي في أحد تسجيلاته التليفزيوينة.

كان الشيخ محمد رفعت أول من افتتح الإذاعة المصرية بصوته في عام 1934، والتي تعاقدت معه نظير 3 جنيهات في الشهر، إلا أنه تردد فى البداية فاستفتي قبل قبوله هذا العرض مشايخ الأزهر فأفتوه بمشروعيتها وجوازها، حيث كان يخشى أن يستمع الناس إلى القرآن وهم في الحانات والملاهي.

و بعدها تعاقدت معه الإذاعة لمدة عامين مقابل قراءة 50 دقيقة يوميًّا، فكان ينتظره جموع المسلمين في العالم بكل لهفة، كما أن الأقسام العربية بعدد من الإذاعات مثل لندن وباريس وبرلين حرصت على بث تلاوته، إلا أنه لم يكن يعبأ بالمال والثراء، وأبى أن يتكسَّب بالقرآن، حتى إنه رفض عرض الهند بأن يذهب إلى هناك لقراءة القرآن مقابل 15 ألف جنيه، ولما ضاعفوا المبلغ إلى 45 ألف جنيه صاح في وجههم غاضبًا: "أنا لا أبحث عن المال أبدًا، فإن الدنيا كلها عرض زائل".

حرص الشيخ رفعت على عدم التقارب مع رجال السلطة في ذلك الوقت وهم الملك فاروق وحاشيته، حتى إنه رفض إحياء ذكرى والده الملك فؤاد في احتفالية خاصة بقصر عابدين، يحضرها رموز السياسة من مصر وخارجها، مفضلًا إحياء ذكرى الملك فؤاد على مستوى أسرته، كذلك رفض الشيخ رفعت تكفل الملك فاروق بمصاريف علاجه بعد إصابته بسرطان الحنجرة، معتبرها إهانة، وقال وقتها للملك: "إن قارئ القرآن لا يهان".

ويذكر الشيخ عمر عبد الكافي في أحد لقاءاته أن الملك فاروق دخل يومًا إلى السرادق الذي كان يقرأ فيه الشيخ رفعت بجوار قصر عابدين، وتصادفت تلاوته للآية الكريمة: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة"، فمنع الملك فاروق الشيخ رفعت أن يقرأ في الإذاعة المصرية، وكان ذلك سبب سوء جودة تسجيلاته فيما بعد، حيث كانت تُسجل خارج استديوهات الإذاعة.

شاء الله أن يُصاب الشيخ محمد رفعت بعدة أمراض جعلته يلزم الفراش، حتى أصيب بمرض الفُواق "الزغطة" الذي منعه من تلاوة القرآن، بل من الكلام أيضًا؛ حيث تعرَّض في السنوات الثمانية الأخيرة من عمره لورم في الأحبال الصوتية "سرطان الحنجرة" أسكت صوته الملائكي ومنعه من الخروج.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل