المحتوى الرئيسى

السيسي في الخليج.. وضعٌ جديد لإخماد اللهيب

05/08 21:27

"ماذا بعد شهر؟".. يسأل الناس من الآن، وفي مخيلتهم أنَّ شيئًا ما يعد خلف أبواب القادة المغلقة، تحمل واقعًا جديدًا لمنطقة العرب الملتهبة.

قبل زيارة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية بعد أسبوعين، حمل الرئيس عبد الفتاح السيسي بوصلته، وتوجَّه إلى المملكة قبل أسابيع ومن بعدها الإمارات، ثمَّ إلى الكويت، والدور على البحرين.. جولة خليجية تحمل كثيرًا من الأهمية، سواء سياسيًّا وكأن واقعًا جديدًا يُرتب للمنطقة يلوح أفقه أكثر من أي وقت مضى، أو اقتصاديًّا حيث حصلت مصر ولا تزال على مساعدات اقتصادية من دول الخليج، لا سيَّما منذ وصول السيسي للسلطة.

على الصعيد السياسي، فإنَّ الأحلام الوردية التي سادت في ثورات الربيع العربي تحولت إلى سيول دموع ودماء، وذاك تشير بلا ريب أو شك إلى واقع عربي، بلغ حدًا لا يمكن السكوت عنه، فدول عربية بات مجرد وجودها على الخريطة، كاملةً موحدة، أمرًا غير مضمون.

زار الرئيس السيسي السعودية في الأسبوع الأخير من أبريل الماضي، والتقى الملك سلمان بن عبد العزيز، وذلك بعد خلافات مع المملكة، كان سببها الموقف من القضية السورية، وتجلَّى ذلك حين صوَّتت مصر لصالح مشروع قرار في مجلس الأمن دعت إليه روسيا "حليف نظام بشار الأسد"، ويومها بلغ الانتقاد السعودي لمصر حدًا بالغًا، ذكَّرت فيه مصر بأنَّها "عربية".

توجَّه السيسي إلى الإمارات، وكان وعقد مباحثات مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبعد أيامٍ قليلة من الزيارة، انعقد لقاء في أبو ظبي، لطالما سعت القاهرة إلى انعقاده، بين القائد العسكري الليبي خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وتمخّض عن الاجتماع توافق غير معلن بشكل رسمي، لكنَّه شكَّل خطوةً في مشوار الألف ميل لحل الأزمة الليبية.

السيسي بدأ أمس جولةً في الكويت، وهي الثانية له منذ توليه الرئاسة في يونيو 2014، حيث بحث هناك سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والقضايا الإقليمية والدولية، وغادرها صباح اليوم متوجِّهًا إلى البحرين.

جولة السيسي الخليجية تسبق جولةً في المنطقة أيضًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فبعد أسبوعين سيزور إسرائيل والسعودية، وسط تواتر أنباء عن زيارة أيضًا لرام الله، ولقائه بالرئيس عباس.

ربط محللون هذه الجولة بزيارة ترامب للمنطقة، لا سيَّما أنَّ السيسي أطلق من بيت ترامب الأبيض، عبارة "قضية القرن" وتحدث عن خطة لحلها في إشارة إلى القضية الفلسطينية، وما يدعم هذا الربط أنَّ ترامب استقبل خلال الأشهر الماضية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس عباس، وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وكذا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، كما كان قد تلقَّى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح اتصالًا من الرئيس الأمريكي.

ما يجري على الأرض يؤشر إلى أنَّ تغيير مرتقبًا سيطال المنطقة خلال الفترة المقبلة، لا سيَّما بعدما شهد الدور الأمريكي تراجعًا أو خمولًا خلال حقبة الرئيس السابق باراك أوباما، إلا أنَّ الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات السوري في أبريل الماضي قادت إلى ترجيح أنَّ أمريكا لن تترك الساحة الإقليمية إلى روسيا وإيران، حيث يرى محللون أنَّ الأولى عبثت بسوريا والثانية فرَّغت اليمن من مضمون الدولة.

الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية شدَّد على أهمية الجولة الخليجية للرئيس السيسي، مؤكِّدًا أهمية الاتفاق على رؤية عربية موحدة للتعامل مع إدارة ترامب أو الاتفاق على وضع حد للأزمات السائدة في المنطقة.

وقال - لـ"مصر العربية": "إذا كان الثمن في ذلك أن تصبح مصر دولة تابعة للسعودية وأن تقود المملكة المنطقة ضد إيران فهذا خطر شديد، ولا أنصح الرئيس أن يتبع هذا المنحى، خاصةً أنَّ ما يحاك للقضية الفلسطينية لا يمكن أن يكون تسوية حقيقية وإنما سيكون في واقع الأمر تصفية لهذه القضية، وسيكون في الأغلب محاولة لإدماج إسرائيل في المنطقة بدعوى أنَّ وجودها سيكون ضروريًّا ضد التوسع الإيراني".

وأضاف: "نحن أمام مرحلة تستدعي اليقظة والانتباه بشدة، ونتطلع لأن تكون جولة السيسي بدايةً لإحياء النظام العربي بتوافق استراتيجي بين مصر والسعودية".

زيارة ترامب للسعودية فسَّرها نافعة بأنَّها تعني أنَّ الولايات المتحدة ستعتمد على المملكة وإسرائيل في قيادة المنطقة وتتحول مصر لدولة تابعة، محذِّرًا من خطورة هذا الأمر، كونه يهدِّد المنطقة بأكملها ويجر مصر إلى مواجهة مع إيران.

التدخلات الإيرانية التي تمثِّل - كما يرى محلِّلون – خطرًا على أمن الخليج أعادت إلى الأذهان عبارة "مسافة السكة" التي أطلقها الرئيس السيسي وهو في حوارٍ لقناة "سكاي نيوز عربية"، حين أشار صراحةً إلى أنَّ مصر لن تصمت إزاء أي خطر يهدِّد أمن أي دولة عربية.

والسيسي - وهو يتحدث عن حرص مصر على حماية أمن العرب، ومنهم "الخلايجة" - شدَّد على قوة الجيش المصري لكنَّه أشار إلى أنَّ هذه القوة عاقلة تحمي ولا تهدِّد أمن أحد.

ارتبطت جولة السيسي الخليجية بمصطلح "مسافة السكة"، بل إنَّ خبراء اعتبروا الزيارة تأكيدًا لهذا النهج المصري إزاء أمن الدول العربية، لا سيَّما في ظل التهديدات التي تلاحق دول المنطقة، في ظل الصراع والاقتتال الدائر في عددٍ من البلدان والتي تؤثر على مستقبل المنطقة برمتها.

الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية شدَّد على أنَّ الجولة الخليجية للرئيس السيسي تطرَّقت إلى العمل على حفظ الأمن الخليجي الذي اعتبره جزءًا من أمن مصر القومي وأنَّ مصر على استعداد تام للدفاع عنه.

وقال – لـ"مصر العربية" – إنَّ هناك شيئًا يتم إعداده في المنطقة، مستشهدًا بزيارة ترامب للسعودية وجولة السيسي الخليجية وزيارته للولايات المتحدة وكذا زيارة الرئيس الفلسطيني إلى واشنطن أيضًا، مؤكِّدًا أنَّ المرحلة المقبلة ستشهد التركيز على مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة.

وأضاف: "المنطقة العربية تعيش حالة مخاض حقيقي لشيء كبير جدًا يتم الترتيب له وسوف يتم التعرف عليه في فترة قريبة، خاصةً أنَّ ترامب دعا القادة العرب للقائه في الرياض".

العلاقات المصرية التركية كانت حاضرةً في تأويلات جولة السيسي الخليجية، ومدعى هذا الربط أنَّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيزور اليوم الكويت التي غادرها السيسي صباحًا، وهنا دار تفسيرٌ بأنَّ الكويت قد تكون وسيطًا لإصلاح العلاقات بين القاهرة وأنقرة المتدهورة منذ ثلاث سنوات "3 يوليو"، فلا تعترف تركيا بنظام السيسي وتراه غير شرعي، فيما تؤكِّد القاهرة أنَّ "السيسي انتخب رئيسًا بعد ثورة شعبية أزاحت الرئيس الراحل محمد مرسي".

اللاوندي تحدث عن وساطة كويتية بين مصر وتركيا بزيارة السيسي وأردوغان إليها،  معتبرًا أنَّ محاولة الصلح بين القاهرة وأنقرة يمثل إنجازًا كبيرًا في المرحلة الراهنة.

وشدَّد على أنَّ مصر ليست لديها مواقف مسبقة من تركيا، لكنَّها تريد منها ألا تتدخل في الشأن الداخلي المصري مثلما أنَّ مصر لا تتدخل في شأنها الداخلي.

اقتصاديًّا، مثَّلت دول الخليج، ولا تزال، الداعم الأكبر لاقتصاد نظام الرئيس السيسي، فكشفت تقارير إعلامية أنَّ أكثر من 30 مليار دولار حصلت عليها القاهرة كدعم من دول الخليج عقب "30 يونيو".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل