المحتوى الرئيسى

العولمة.. والاستطرادات الخرافية

04/29 22:16

.. ويبدأ د. محمود حمدى زقزوق فى دراسة موضوع جديد ربما لم يناقَش من قبل فى كتابه الذى نستعرضه عبر ثلاث حلقات وهذه هى الرابعة، وهو موضوع موقف الإسلام من قضية العولمة. ويقول فى البداية «لقد درج البعض فى عالمنا الإسلامى على إبداء تخوفهم وفزعهم عند ظهور أى تيار فكرى جديد أو مذهب سياسى أو اقتصادى أو غير ذلك من تيارات تهب علينا من الشرق أو الغرب. ومن منطلق خشيتهم على القيم الدينية من أخطار تلك التيارات يتجهون ابتداءً إلى رفض هذا التيار أو ذاك لما يمثله ذلك -من وجهة نظرهم- من غزو فكرى أو اقتصادى، بل قد يميلون إلى الاعتقاد بأن هذا الغزو يمثل أحد فصول مخطط مرسوم بعناية للقضاء على الإسلام والهوية الإسلامية. وبالمقابل نجد البعض الذى يتقبل كل ما يأتى من الشرق أو الغرب دون تمحيص يتحمس له ويتهم الرافضين بالتخلف والجهل والرجعية فكل ما يأتى من الدول المتقدمة يكون فى نظرهم متضمناً أسباب التقدم والرقى» (ص69).

ويمضى د. زقزوق ناقداً لكلا الطرفين قائلاً: «ويمثل هذان الفريقان نظرة أحادية الجانب لا تريد أن تستوعب القضايا المطروحة على بساط البحث وتناقشها بكل ما لها وما عليها». وأستأذن د. زقزوق كما أستأذن القارئ فى أن أستخدم وصفاً لأمثال هؤلاء قال به فضيلة الشيخ على جمعة فقد وصف موقفهم بـ«الفقه الأعور» فهو لا ينظر بعينين وإنما بعين واحدة. ونعود إلى رحاب د. زقزوق لنقرأ «ومن هنا فنحن -ابتداءً- لسنا مع العولمة أو ضدها، ولكننا مع النظرة النقدية الداعية للعولمة وغيرها من التيارات الوافدة». ثم يقدم بعض ملاحظاته حول هذا الأمر، ومنها:

- الإسلام كدين ليس تياراً فكرياً حتى يُخشى عليه من التيارات الفكرية الوافدة. فالإسلام له جذور ضاربة فى أعماق الكيان الإسلامى، وأصول راسخة لا تستطيع أن تنال منها هذه التيارات الوقتية. وأضيف من عندى أن الإسلام يتجذر فى أعمق أعماق الإنسان المسلم بحيث قد يتبدى أنه ينصرف عن بعض العبادات أو يتبدى حتى منصرفاً عن الدين لكنه ما إن تمتد يد إلى عقيدته، الكامنة كما قلنا فى أعمق أعماقه، حتى يستيقظ ضد هذه اليد المعتدية.

- العولمة واقع لا يجدى معه أسلوب الرفض، إنه تيار اقتصادى سياسى ثقافى ووضع نفسه على خريطة أوروبا وشعوبها، وهذا الواقع أصبح حقيقة ماثلة أمامنا لا مجال لأن ننكرها.

- إننا لا نعيش وحدنا فى هذا العالم. ونعيش الآن فى عصر ثورة الاتصالات والمعلومات والثورة التكنولوجية وعصر السماوات المفتوحة ولا مجال للانعزال أو التقوقع.

- وإذا كانت العولمة تستهدف إزالة الحواجز الزمانية والمكانية والثقافية والسياسية بين الأمم والشعوب وتحاول فرض قيم معينة وحضارية معينة هى قيم الحضارة الغربية أو قيم الأقوياء فإن ذلك ينبغى ألا يصيبنا بالفزع وإنما يدفعنا للتفكير فنحن أمام واقع وواجبنا أن نتعامل معه ولعله واقع ليس كله خيراً ولا كله شراً.

- والعولمة، فى نظر د. زقزوق، تشتمل على عناصر جوهرية كما تشتمل على عناصر مصاحبة وهى تحاصر الناس فى كل مكان من العالم وتحيط بهم فتنتشر على سبيل المثال فى المأكولات والمشروبات السريعة «الهامبرجر والكوكاكولا» والملبوسات مثل الجينز، والأفلام والموسيقى.. وغيرها، لكن الشىء الأهم هو ما تحمله العولمة فى طياتها من الترويج لأنماط معينة فى العلاقات الأسرية والاجتماعية والجنسية السائدة فى الغرب ونحن لا نستطيع أن نمنع وصول هذه الأنماط عبر الفضائيات والتليفزيون والإنترنت والفيس بوك.. إنه واقع يفرض نفسه وعلينا أن نحصن أنفسنا وشبابنا إزاء مثل هذه الأنماط. وأن نقدم لهم بدائل موضوعية وراقية وخالية من تحدى قيمنا وتعاليمنا الدينية.

ونأتى إلى موضوع آخر، تعمدت أن آتى به من صفحة 45 فى الكتاب إلى ختام كتاباتى وأن آتى به بعد الحديث عن العولمة لأوضح إلى أى مدى يتسع الفارق بين أفكارهم ومقاصدهم وتقدمهم العلمى والتكنولوجى وقدراتهم على توحيد اقتصادييهم فى مؤسسات ذات قوة طاغية ومهيمنة، ونستمع للدكتور محمود زقزوق الذى يصفع ما نحن فيه بهذه المقارنة قائلاً «أود أن أشير إلى ما يشتمل عليه الفقه الإسلامى من مسائل افتراضية (هو قالها هكذا بأدبه الجم، أما أنا فأصفها بأنها مسائل خرافية وغير عاقلة ولا معقولة والاعتقاد بها يقتاد صاحبه إلى إسكات صوت عقله وفكره) وهى مسائل تعد من المستحيلات، ومن أمثلة ذلك المسألة التالية: إذا ولدت بقرة كائناً على هيئة إنسان وتعلم وحفظ القرآن وتفقه فى الدين وخطب فى الناس خطبة عيد الأضحى بعد أن صلى بهم إماماً فهل يجوز التضحية به باعتباره ابن بقرة؟ (ص45).. وأضيف أنا مسألة أخرى طالعتها فى أحد الكتب التى كانت مقررة على طلبة وطالبات السنة الثانية الإعدادية الأزهرية (وأتمنى أن تكون قد أزيلت من المناهج الجديدة) وهى أن خروج ريح من البطن ينقض الوضوء. ثم يكون الاستطراد فى الأسئلة حتى تصل إلى حد اللامعقول ويكون السؤال.. فما حكم حامل لقربة مليئة بالفساء. فهل ينقض وضوءه.. وأياً كانت الإجابة فإن السؤال يستخف بالعقل ويقيده بقيد أبدى هو الرضوخ للخرافة طالما ارتدت رداءً دينياً وويل لنا من عقول تقيدها قيود الخرافة.

ويضيف د. زقزوق فى حاشية الصفحة أسئلة أخرى خالية من العقل.. المتزوج لأربعة هل يجوز له أن يتزوج زوجة خامسة من الجن؟ وهل يحسب الجن من نصاب أفراد صلاة الجمعة؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل