المحتوى الرئيسى

نوران الراضي تكتب: أيها الشاب! احذر الفيلوفوبيا | ساسة بوست

04/29 19:27

منذ 1 دقيقة، 29 أبريل,2017

من واجبي كطبيبة أن أنبهك قبل شروعك في القراءة أنه  إذا أجبت بنعم على أربعة من الأسئلة الملحقة في طيات المقال؛ فإن فحصك السيكولوجي يُرجح إصابتك بالفيلوفوبيا.

مهلك .. ضع في ذهنك أولًا أن الفيولوفوبيا: كلمة يونانية من مقطعين: فيلو، تعني: الحب، بينما فوبيا: فهي الخوف.  أي خوف الوقوع في الحب.

وتتمثل في حالات من الذعر والـ panic attacks – بمفهومها المعاصر – حين التعرض لأية مشاعر في الحياة اليومية. وقد تتسع لتشمل الدائرة الأسرية والأصدقاء. فلا تقتصر على المحبوب وحده، وإن كان له النصيب الأكبر من المعاناة.

ويستحق الذكر أن للعمل الدرامي الأمريكي: glee، السبق في طرح أزمة الفيلوفوبيا، متمثلة في شخصية إيما.

ينتج هذا المرض – عادة – كتفاعل سيكولوجي لسابقة أليمة مررت بها. ربما مشاكل عائلية في طفولتك أو اضطرارك لإنهاء علاقة ميلودرامية تمسكت بها.

الآن لا بأس من أن تشرفني وتطلع على السطور التالية مجيبًا بصدق. بيني وبينك، إذا كنت مصابًا بهذا المرض اللعين، فلا تخبر أحدًا.

1-هل أنت من مواليد الثمانينات؟ بود ألح عليك تفسير سر ولعك بألعاب الموبايل؟ هل هو الهروب؟ بالتأكيد ليس التخلف الفكري.

الشاب الثلاثيني يخوض مرحلة مبكرة من سن اليأس. أيتها الخمول العاطفي وانطفاء الشغف والشيب .. وتشييع أحلام المستقبل في جنازة عسكرية رسمية بزي فخيم.

ففكرة الزواج والإنجاب أُزيحت على الرف إلى أجل غير مسمى؛ و المبرر انتظار سحابة الاستقرار وزوال الغيمة الممطرة.

 حتمًا سمعت عن هرقليز وزينا: المسلسل الشهير، تتذكر كيف كانت حلقة لقاء البطلين حديث الساعة وقتئذ؟

والمضحك أن سيدك هرقليز – في اللاوعي – عامل مؤثر في تلك الأزمة؛ فالشاب المصري يحتاج لمن ترى فيه القوة وتعينه، ويجوبان العالم نشرًا للخير مطيحين بالفقر؛ عشمًا منهما في الحد من إراقة دماء الضعفاء.

لكن العالم لا يساهم في تحقيق الأساطير؛ فهو أكثر واقعية من قوة هرقليز الفاتنة، وغرامه بالجميلة. لا مجال للآمال الوردية

٣- هل تأكل الفول والطعمية من العربية إثباتًا لفحولتك؟

و لديك من تلك الإثباتات الهاوية الكثير. من أبسط صورها: مطالعة الحسابات التويترية للشباب ما بين الثانوية إلى أواخر الثلاثين، تحديدًا أبناء الأحياء الراقية كالمعادي والمهندسين وسكان الكومبواندات الأثرياء، أغلب التغريدات محشوة بالسباب السخيف والشتائم الخادشة. لم زفارة اللسان يا حمادة؟ تنفي أنك نايتي؟ بلى، تشيليز، وستارباكس، وسجائرك المعطرة بالنعناع لا تدعم زعمك.

من البديهي طرح أن الأشكال الثقافية المتداولة في هذه الفترة قد أثرت إلى حد معقول في بناء جيل كامل من شتى طوائف وطبقات المجتمع دون تمييز.

تتفق معي أن مايكل جوزيف جاكسون شخصية عالمية وجزء من الثقافة الشعبية. ملك البوب ترك مخزونًا لا بأس به في حياة كل شاب. فقد عهدناه راقصًا في المساء وشاعرًا ومناضلًا في القضايا المجتمعية والبيئية في الصباح. سر أيقونته جمعه بين إنتاج أغاني المراهقين ودعمه البارز لحقوق الإنسان.

4- هل أتقنت بعد محاكاة خطواته الرشيقة؟

ومن أبرز الشخصيات يومئذٍ الأميرة ديانا – كنت صغيرًا وقتها فلم تعِ بها حق الوعي – استطاعت تربع قلوب الشرقيين قبل أهل الغرب؛ بجذابيتها وجمالها الآخاذ، إضافة إلى مشاركتها الدءوبة في أعمال الخير، ومساعدة الفقراء والمشردين والمحتاجين. وساهمت في العديد من المؤسسات المهتمة بكبار السن والأيتام ورعاية الشباب. حتى وقتنا الحالي تحاول الفتيات التشبه بهذه السيدة الأنيقة.

الكرتون التي تربيت عليها لم تتركك وشأنك؛ حاصرتك بأن زرعت في روحك القدرة والصبر وصراع الأقوى من أجل الفوز بالمُلك والمال وقلب الأميرة.

المهم أن هناك امرأة في كل قصة وحلقة، تدعك المصباح السحري يجدك الجني، وتنزه ياسمينة على بساطك السحري في نجوم السماء. تحارب التنين وتتسلق القلعة العالية حتى تحرر أميرتك السجينة ذات الشعر الحريري المنسدل في أعالي الوادي، تدخل الأدغال وتعيش قردًا لتنقذها من كيد الشرير.

في سن صغير صرت سياسيًا بارعًا، وناقدًا ساخرًا لا مثيل له؛ لمتابعتك The Simpsons .. نمى عقلك بشكل يختلف عن أبناء الألفية الجديدة. هناك فجوة ذهنية بينكم وإن اقتصرت على بضع سنوات، ثم ما إن أصبحت رجلًا عاقلًا، لا تؤمن بسحر ديزني ومواعظ السيبمسونس، تتحقق نبوءة الكرتون، بفوز ترامب الانتخابات وتتمثل الحلقة الكرتونية على أرض الواقع بأن تسقط لافتة تحملها شابة أثناء صعود ترامب – الرئيس الأمريكي – السلم الكهربائي.

 تماسك، فلم يثبت بعد أن المتحولين على قيد الحياة، ولم يُعثر على سلاحف النينجا في إحدى البالوعات حتى اللحظة.

ترجع اللبنة الاولى في فكرة الهجرة إلى مؤسسات كال Daad الألمانية و yes programs التي فتحت عيون شباب المدارس والجامعات إلى بلاد الخواجات، من خلال أنشطة التبادل الطلابي.

شاهدت مراهقًا mbc2، تجيد بعض التعابير الأمريكية والشتائم ومتحفز جدًا لأن يبتل بها لسانك. أًعجبت بالمني جوب والحرية و اللاعنصرية. أسرك تفتح النساء والسيقان الطويلة حيث مجتمع متساوي وفيمنست.

في بداية ثورة يانير انشغلت عن هذا الحلم الطريف متأثرًا بالوطن والأمل وبناء مستقبل على يديك. فما لبثت قليلًا، وفشلت الثورة، وشعرت بالخيبة والحمق. تثاقلت أنفاسك و ا تقوى على العيش في كنف بلد أهانك. تأبطت كتاب تائه في لندن لمحمد عفيفي، وحملتك الطائرة إلى أراضي الغربة الواسعة.

 لم تتنفس الصعداء – يا مسكين – تجرعت العنصرية في بلاد اللاعنصرية. نظرة المارة تستنكر كونك عربي أسمر اللون. وُصفت في العمل بالإرهابي؛ لأنك مسلم تصوم رمضان. انفصلت عنك حبيبتك بنت الخواجة ذات الشعر الكستنائي حين انفجرت القنبلة في ساحة الميدان الكبير. وأُصيب خمسون مواطن على رصيف البرلمان، والمتهم ذو أصول عربية. هي تحبك وتحب مروءتك على كلٍ. بشكل ما ساقتك قدماك إلى منزل أمك وأبيك.

تنكر أنك تقدمت في العمر، لازلت صغيرًا في داخلك تتساءل كيف نوديت بالعمو ذات صباح. فأمسيت عتيقًا وثقيلًا كجهاز الواكمان الذي ألححت طويلًا لاقتنائه. في الباكر خرجت كديك شركسي متأنق في أذنيه سماعات، وفي يده تحفته الأثرية الباهظة، وقد أثرت – كما خططت – حفيظة الصبيان وأوقعت أجمل الفتيات في حبائلك بفضل أندريس بافيل العالم الألماني البرازيلي مخترع أول جهاز وكمان وشركة سوني المصنعة له.

6- هل كنت تعرف أن أندريس عليه رحمة الله فليسوفًا؟

حسنًا لا يُحتسب هذا السؤال. بالطبع لا تعرف، وإلا ما ألحقته في المقال. لا عليك.

7- ألازلت تحتفظ بالواكمان خاصتك؟

والمختصر أن حاملي الفيلوفوبيا أدركوا أن ما ذهب من أعمارهم لن يعود، فآثروا دفن أنفسهم بالحياة؛ لذلك لا مفاجأة أنك تتلذذ بأوقات الـ cascading reminiscence bump وتغوص في ماضيك. كنت ترتعد قبل ذاك بذكر هفواتك وأخطائك. تغرق في بحر طيش مراهقتك وآلام الغرام غير المكتملة والطموحات الشاغرة.  تزعجك المخططات التي لم تتحها الأيام والأزمات، وعثرتها الظروف والسياسيات.

تبحر بمركب صغير أتقنت ملاحته في نوستاليجيا أول حب أشعلت عاطفتك، أغنية طفولية تطير بعقلك المجنون. وتعلو بقدميك، وتهبط على ركبتيك لاهيًا طربًا بها، لكن طولك ووزنك المفرط لا يسمح لك بهذه الهرتلة الآن افتراضًا أن مفاصلك باقية على مرونتها.

8-منبهر كيف عرفت كل هذه المعلومات عنك؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل