المحتوى الرئيسى

قرارات وزارية ضد القانون.. توصيل المرافق إلى المبانى المخالفة «بأمر الحكومة»

04/29 10:27

فى الوقت الذى يُجرّم فيه قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، إنشاء مبانٍ دون ترخيص، ومن ثم منع تزويد المبانى المخالفة بالمرافق الأساسية كالكهرباء والمياه والغاز، تصدر فى المقابل قرارات وزارية تسمح بتزويد العقارات المخالفة بالمرافق لفترة مؤقتة، لحين توفيق أوضاعها، كما أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، قراراً وزارياً رقم 886 لسنة 2016، نص على أن «تتخذ شركات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى، وغيرها من الجهات القائمة على المرافق حسب الأحوال، الإجراءات اللازمة والكفيلة لمنع سرقة الكهرباء وسرقة المياه فى المنشآت والمبانى المقامة بطرق غير قانونية فى المجتمعات العمرانية الجديدة، أو بالمناطق التابعة للمحليات، أو المقامة على الأراضى الزراعية، ولها فى سبيل محاسبة المخالفين عن استهلاكهم غير القانونى، استخدام ما تراه من وسائل فنية عن طريق تركيب عدادات كودية مؤقتة، لحين تقنين وضع هذه المنشآت والمبانى، أو تنفيذ الأحكام والقرارات الإدارية الصادرة بشأنها، دون أن يُرتب ذلك أى حقوق قانونية للمخالفين».

قانونيون: لا يجوز إصدار قرارات وزارية مخالفة للقانون ولو مؤقتاً.. وخبراء: الرشاوى وسيلة المخالفين لتزويد المبانى بالمرافق.. و«البرعى»: رئيس الوزراء ينظر إلى البعد الاجتماعى فى القضية

ولم يتوقف الأمر عند حد القرارات الوزارية، بل صدرت أيضاً أحكام قضائية فردية، تخص عدداً من المواطنين، وفى ذلك على سبيل المثال، الحكم الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا فى فبراير الماضى، الذى نصّ على إلغاء قرار إحدى الجهات الإدارية بالامتناع عن توصيل الكهرباء إلى منزل أحد المواطنين، بحجة أنها منطقة عشوائية. وقالت المحكمة فى نص حكمها: إن «المناطق العشوائية أصبحت أحياءً سكنية متكاملة وواقعاً وإن كان أليماً لا يجوز للدولة تجاهله، وعلى الحكومة تطويرها وتقنينها حماية للبسطاء حسنى النية الذين يحلمون بالمسكن، وأن قعود المحليات عن اتخاذ الإجراءات لمواجهة مخالفات البناء حتى يكتمل ويشغل بالسكان وتستقر أوضاعهم، فلا يجوز لها الامتناع عن تزويدهم بخدمات المرافق».

يقول الدكتور محمد رضا، أستاذ التخطيط العمرانى، جامعة القاهرة: إن المبانى المخالفة التى وصل عددها إلى ملايين العقارات، استطاعت وفق قرار رئيس الوزراء الذى أتاح تزويد العقارات المخالفة بالمرافق بشكل مؤقت، بسماح من الجهات المعنية، العام الماضى، مخالفة فقط على الورق دون أى إجراء يمنعها من الاستمرار، بل صدرت قرارات تتيح لها أن تتحول واقعياً إلى عقار قائم به كهرباء ومياه وغاز طبيعى، ويشغل بالسكان، ليصل عدد المبانى المخالفة المشغولة بالسكان إلى نحو 90% من إجمالى العقارات الموجودة فى مصر، وفق إحصائيات أعدتها الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، التى قدّرتها وزارة الإسكان بـ4.9 مليون مبنى. ويضيف «رضا» أن الحكومة ممثّلة فى وزارتى الإسكان والتنمية المحلية، ليست لديها إرادة سياسية، لحل المشكلة، والوزراء ليست لديهم أى رؤية لمعالجة القضية، ففى مصر 8.3 مليون وحدة سكنية مغلقة وغير شاغرة، مما يسد احتياجها حتى 2025، حيث إن احتياجها الفعلى من الوحدات السكنية، يبلغ 4٫6 مليون وحدة سكنية، مما يعنى أن المتاح يساوى ضعف الاحتياج. ويوضح أن الشقق المتوافرة فى السكن المتميز للإسكان، وفوق المتوسط، إنما الاحتياج الفعلى فى الاقتصادى والمتوسط، وتفاقمت المشكلة مؤخراً بسبب تعويم الجنيه، فارتفعت أسعار الوحدات السكنية، ووصل سعر الوحدة السكنية فى الإسكان الاجتماعى إلى 182 ألف جنيه، وعجزت الطبقة الفقيرة والمتوسطة عن الحصول عليها، فمن يستطيع من هذه الطبقة أن يدفع هذه المبالغ.

ويشير «رضا» إلى أن الحل الوحيد الذى وجدته هذه الطبقة فى ظل أسعار وزارة الإسكان، هو التوسّع فى العشوائيات، والبناء غير المرخص على أرض مملوكة للدولة، أو ليس لها ملكية محدّدة، ومن ثم تتفاقم المشكلة، ولم يوجد أى فكر جديد، استطاع أن يعالج مرض المبانى المخالفة من الوزراء السابقين وحتى الآن. ويتابع أن تزويد المبانى المخالفة وغير المرخّصة، بالصرف الصحى، والمياه، والكهرباء، يتم برسوم غير محدّدة، بمعنى أنها تتوقف على طريقة تعامل صاحب العقار المخالف، وتفتيح دماغه مع المسئولين، وتقديم رشوة، وبناءً عليه يتم تزويد العقار بالمرافق، برسوم بسيطة، فعدم تحديد مبالغ محدّدة للرسوم، وترك الحرية لمسئولى الأحياء، فتح الباب للتلاعب.

ويقول الدكتور أحمد رشدى أستاذ التخطيط العمرانى، إن ما يحدث الآن مع المبانى المخالفة، هو ترضية ومكافأة المخالفين، وعقاب الملتزمين، حيث يتم توفيق أوضاع أصحاب المبانى المخالفة، لافتاً إلى أنه كثيراً ما حذّر من خطورة المبانى المخالفة، والسماح بتوفيق أوضاعها. وشدّد على أن ذلك سيؤدى إلى تفاقم المشكلة وعدم القدرة على إيجاد حلول لها مستقبلاً. ويوضح «رشدى» أن تزويد العقارات المخالفة بالمرافق من مياه وكهرباء، وصرف صحى، سيأتى على حساب الشبكات، حيث إن كل منطقة معينة خُططت على أساس عدد مبانٍ وأدوار محدّدة، وعندما يتم زيادة الطاقة التى تستوعبها هذه الشركات بالتوسّع فى المسطحات، مما يؤدى إلى انهيار الشبكات، وتتحول المنطقة التى تزيد بها المبانى المخالفة، من منطقة محترمة، إلى عشوائية ومتدهورة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل