المحتوى الرئيسى

الاجهاز على القضاء بطريقة داعش

04/27 16:29

بينما يقسم رئيس الجمهورية بأنه زاهد في السلطة وسيتخلى عنها في ثانية إذا إذا أراد الشعب ذلك، فإن برلمانه يقوم بحرب داحس والغبراء لتشديد قبضته على السلطات والمؤسسات الأخرى.

ما يجري حاليا هو "صراع سلط" وفق تعبير الدكتور مصطفى الفقي في حديثه التلفزيوني أمس، مستعيرا اللفظ المغربي الدارج الذي يطلق على صراع السلطات. يقوم به مجلس النواب، أو برلمان علي عبدالعال، بالوكالة عن السلطة التنفيذية، وتنفيذا لرغباتها الدفينة التي لا تبديها علنا.

ربما تقلب كلمة "داحس" إلى "داعش" فهذه بالفعل حرب على طريقتها، يتم خلالها قطع رقبة كل سلطة مستقلة، فلا ترى أو تتنفس او تتحرك إلا من خلال السلطة التنفيذية التي تملك القوة والجبروت وتطويع نواب مجلس عبدالعال لنزقها ونزواتها وإرادتها وانتقامها من كل من يعارض ما تفكر، بل ما تحلم به.

العالم كله شهد مذبحة القضاء على يد البرلمان يوم الأربعاء 26/4. في جلسة عامة، لم يرها الرأي العام كالعادة، منذ منع بث الجلسات تلفزيونيا. صوت النواب وقوفا، على أخطر مشروع قانون، يسلب القضاء استقلاله وعدالته، ويجعله في قبضة الرئيس.

جاءت الموافقة بسرعة غريبة ومخالفة للوائح مجلس النواب ولكل الأصول البرلمانية المتعارف عليها. عندما تفصل القوانين لاستبعاد أشخاص معينين، فذلك أخطر ما يجري على ساحة التشريع. هذا ما أشار إليه بحق الدكتور الفقي في حديثه الذي ظهر عليه الألم الشديد مما يجري.

لم يكن المشروع مدرجا ففوجئ به الجميع حتى أكثرية النواب ودون مناقشة اعتراضات الهيئات القضائية عليه، فهو غير دستوري، كما قال رئيس نادي القضاة في نفس البرنامج التلفزيوني. لا يتفق مع الدستور الذي يعطي الحصانة والاستقلال للقضاء، والذي أكد الرئيس السيسي في الاسماعيلية في اليوم نفسه أنه أقسم على احترامه واحترام القانون.

وكان من المفروض استخدام التصويت الالكتروني الذي كلف الدولة مبالغ طائلة، لكن الدكتور علي عبدالعال، وهو أستاذ قانون بالمناسبة وأحد واضعي الدستور، آثر التصويت وقوفا، الذي لم يثبت ولا يمكن ان يثبت من خلاله موافقة أغلبية الثلثين.

لقد تحدى بعض النواب الغاضبين أن تذاع هذه الجلسة تحديدا على الرأي العام ليرى الشعب ما جرى، والذي كان حديث وسائل الإعلام في العالم كله بعد إعلان إقرارها لقانون الهيئات القضائية بثوان.

إنه يوم هزيمة مريرة لسيادة القانون والعدالة. مذبحة للقضاء لم تشهدها مصر في أسود عصورها الديكتاتورية. المفارقة المدهشة أن مرتكبها هو البرلمان الذي من المفترض أنه يسن قوانين العدالة وحماية الناس والدولة.

أسلوب داعشي يستخدم في الفترة الأخيرة للاجهاز على كل مؤسسة كفل لها الدستور استقلالها في إدارة نفسها. قانون اغتيال استقلال القضاء ليس فريدا ولا يغرد خارج السرب، فهذا نائب آخر يقدم مشروعا لاغتيال استقلال الأزهر، وجعل شيخه وهيئة كبار علمائه في قبضة الرئيس. بل انذاره ولومه وعزله وتحديد مدته بالمخالفة التامة للدستور، ومعاملته كأنه موظف في ديوان أي وزارة!

لم يترك البرلمان مؤسسة أو سلطة إلا سعى للانتقام منها بالوكالة عن السلطة التنفيذية. شهدنا هجوم رئيسه علي عبدالعال وانتقاداته العنيفة للصحافة، وتهديداته الملتبسة بشأن التوسع في استخدام قانون الطوارئ بعد إعلان فرضه مباشرة.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل