المحتوى الرئيسى

سوري يروي تجربة الحصار في مضايا

04/27 15:54

DW: قبل أيام قليلة كنت تعيش في بلدة مضايا التي تبعد بحوالي 50 كيلومترا عن العاصمة دمشق. وبعد اتفاق بين الحكومة والمعارضة تم إخلاء آلاف السكان من أربع مدن.  أنت واحد من هؤلاء السكان، حيث تم نقلك إلى مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة. كيف كان شعورك حين علمت انك ستترك مضايا؟

برهان: في الأساس لم أكن سعيداً، فقد تركت خلفي أسرتي، والدي وجدتي المتقدمين في السن ولم يتسنى لهما ترك مضايا. لكن لو بقيت في مضايا ، لكان من المحتمل أن ألقى مصرعي أو يلقى القبض علي.

قتل أكثر من 120 شخصاً خلال تفجير استهدف قافلة من الباصات كانت تقل سكان بلدتي الفوعة وكفرايا. كيف عشت عملية الخلاء؟

الرحلة كانت طويلة جداً، اكثر من 36 ساعة. وفي حلب وجب علينا الانتظار في محطة باصات، وهناك كان الوضع خطيرا. داعش لديها خططها، وكنا نخاف من استهدافنا بهجوم. سمعت التفجير الذي استهدف قافلة الباصات، كان يبعد ب 10 كيلومترات عنا. كان هناك 14 مقاتلا من الزبداني، مهمتهم حماية القافلة، قُتلوا في الانفجار- كانوا أصدقائي. 

كنت قلقا جدا، فمنذ أكثر من 6 أعوام لم أشاهد أي جندي سوري، وحين عبرنا نقاط التفتيش شاهدتهم، كنت قلقا جدا.

باصات نقلت سكان من مضايا والزبداني نحة إدلب

في آخر لقاء معك، قلت : "لو تركنا يوما مضايا، فإننا نكون بذلك قد هُزمنا. الآن غادرت مضايا، هل هُزمت من قبل القوات الحكومية؟

نعم، لقد خسرنا. هذا شعوري. لست سعيداً حول مغادرتي لمضايا، لكن القرار كان صحيحاً. كنت ومازلت اشعر بالخوف من النظام السوري. أعلم أنه سيثأر عاجلاً أم آجلاً. ولهذا وجب علي الرحيل. لا استطيع العيش تحت سيطرته.

كيف كان الوضع حين وصلت إلى أدلب؟

فوجئت تماماً. هناك أسواق، ناس يمشون في الشوارع. هناك كهرباء وانترنيت، وآيس كريم وطعام. أشياء لا نملكها في مضايا. بلدتا مضايا والزبداني تم تدميرهما. في ادلب ليس هناك دمار كبير. هنا سيارات كثيرة، أمر فاجئني كثيراً. كان شعوري يشبه شعور الأطفال الصغار الذين انتقلوا معي من مضايا إلى إدلب، يشعرون بالعجب حين شاهدوا الموز، والكرز والشكولاته، فهم لم يشاهدوا ذلك من قبل. ربما يبدو الأمر غبيا، لكنه كان شعوري نفسه حين شاهدت العدد الكبير من السيارات. 

في مضايا كنت تتناول 200 غرام فقط من الرز أو البرغل في اليوم. فقدت حوالي 30 كيلوغراما من وزنك. هل هناك ما يكفي من الطعام في إدلب؟

بكل تأكيد! استطيع تناول كل شيء. أول شيء تناولته هنا، كان دجاجا مقلياً. كان رائعا جداً. تناولت الكثير من الشوكلاته هنا أيضا. 

أين تسكن في إدلب الآن؟

أول ليلة قضيتها في مدرسة. ثم منحتنا منظمات المساعدات سكنا. يدفعون إيجار الشهر الأول ثم ندفع الإيجار بأنفسنا. في المساكن لا يوجد أثاث طبعا، حيث يجب علي شراؤها. كما يجب علي شراء الماء الصالح للشرب. أحاول ترتيب أموري.

هل هناك حياة عامة في إدلب؟

في ادلب يسكن أناس من كل سوريا، من دمشق، وداريا، وحمص، وحلب. لكن إدلب عموما مدينة فقيرة جدا. في السابق كان سكانها يأتون إلى الزبداني لغرض العمل. واليوم نعيش نحن في هذه المدينة الفقيرة. أبحث عن عمل، وبدأت أعمل كمترجم للصحفيين.

في بداية نيسان / أبريل الجاري كان هناك هجوم بسلاح كيماوي في بلدة خان شيخون التابعة لإدلب. ومازالت هناك مخاطر حصول قصف جوي. هل لديك شعور بالخوف؟

أكبر كابوس في حياتي عشته عندما تم إلقاء القبض عليّ. لا يهمني إن قتلت، لكن لا أود أن يضعوني في السجن. لهذا أشعر بالأمان هنا. لا أفكر في غاز السارين أو أن أموت بقصف جوي. كل ما أريده  هو أن لا تعتقلني أجهزة الأمن. هنا أنا بعيد جدا. كما أنني تعودت على مشاهدة الموت. فأنا أعيش في منطقة حرب منذ 6 أعوام.

أتمنى أن يعم السلام. أريد العودة إلى دمشق، إلى الزبداني، أريد زيارة حلب من جديد. إدلب مدينة صغيرة كالسجن الكبير. أشبه بغزة. مثل مضايا، لكن مضايا كبيرة. نحن محاصرون هنا. لهذا أريد أن أنتقل للمدن الكبيرة وأن أكون حرا، وأن أكمل دراستي أيضا. 

هل فكرت مرة أن تهرب من سوريا، أن ترحل مثلا نحو أوروبا، مثلما يفعل العديد من السوريين؟

أحيانا أفكر في الموضوع، لكنني أفضل البقاء في سوريا، أفكر دائما أن أشارك في إعادة بناء سوريا بعد الحرب. حين يرحل الأسد، أريد العودة إلى دمشق، هناك أرى مستقبلي.

رجائي برهان: شاب في السابعة والعشرين من العمر ينحدر أصلا من الزبداني، وعاش في مضايا أكثر من عامين ويقيم الآن في إدلب.

في بؤرة الاهتمام العالمي تقع حلب. فالمدينة المُقسمة أضحت رمزاً لفظاعات الحرب. وفي القسم الشرقي، الذي يحاصره النظام السوري، هناك نقص في كل شيء: الماء، الطعام، المسكن، العلاج الصحي. يعيش في ظل هذه الظروف المأساوية حوالي 100 ألف طفل.

إلى جانب حلب هناك 18 مدينة (كمدينة مضايا في الصورة) وهي منطقة مقطوعة كلياً عن العالم الخارجي. وحسب بيانات الأمم المتحدة يقطن في هذه المدن والمناطق المحاصرة ما يقارب 600 ألف مواطن. يشترك كل أطراف النزاع في استخدام الحصار كسلاح في الحرب. إدخال المواد الإغاثية الإنسانية إلى بعض المناطق يتطلب موافقة الحكومة السورية، وكثيرا ما ترفض منح التراخيص لذلك مرة تلو الأخرى.

كانت داريا من أولى المدن المنتفضة ضد النظام السوري في عام 2011. تحصن فيها مناهضو النظام السوري. وقام النظام بفرض الحصار عليها ما يقارب أربع سنوات وترك قاطنيها يتضورون جوعاً. في آب/ أغسطس الماضي سلَم مناهضو الأسد المدينة، ورحلوا إلى مناطق المعارضة في إدلب (في الصورة).

ليس بوسع المشافي في سوريا بعد الآن تقديم الخدمات الطبية للمرضى. "قد لاتوجد ضمادات وأدوية مما يجعل القيام بعملية استئصال الزائدة الدودية أو عملية ولادة قيصرية أمرا شبه مستحيل"، كما يشتكي رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي.

يقول رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي إنه خلال خمسة أشهر الماضية تدمرت المشافي الثمانية في الجزء الشرقي المحاصر من مدينة حلب أو تعرضت لأضرار. القلة القليلة الباقية من الأطباء السوريين يخاطرون بحياتهم لعلاج المرضى. "ليس الأمان موجوداً في أي مكان"ـ يضيف فيسترباركي.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل