المحتوى الرئيسى

نور عبد الرحمن تكتب: هل حصلت المرأة العربية على الحرية و المساواة؟ | ساسة بوست

04/27 14:55

منذ 3 دقائق، 27 أبريل,2017

في الأعوام الأخيرة بدأ يعتقد الكثيرون أن المرأة العربية وجدت حريتها وتعيش عصر المساواة، ويستشهدون على ذلك بوصول المرأة إلى مناصب كانت منذ زمن لا تليق إلا بالرجال، وإن كان هذا صحيحًا فكُل امرأة وصلت لمنصب أو مكانة مهمة في مُجتمعها، إن بحثنا في تاريخها، سنجد أنها ذاقت كثيرًا حتى تصل لهذا، والأمثلة كثيرة لا وقت لذكرها، هنا سأتحدث عن المرأة العربية في الأعوام الأخيرة ولن أتطرق للقدم لأنهُ أكثر خزيًا وعارًا من أن أتحدث عنهُ!

أتحدثُ هنا عن المُجتمع العربي ككُل، ولكن ما أقولهُ يحدث في كل مجتمع من مجتمعاتنا العربية بدرجات متفاوتة كُلٌ على حسب مكانهُ وثقافتهُ ودرجة الرقي الفِكري التي وصل لها أهل المنطقة، ولكن أكاد أجزم أنهُ لا يوجد امرأة في المجتمع العربي لم تمر بمرحلة من المراحل التي سأحكي عنها، عزيزي القارئ أنا لم أقصد ان أنقل لك الصورة بهذه السوداوية المُفرطة، ولكنهُ الواقع يا عزيزي!

تبدأ المعاناة ببداية الوجود للبنت في رحم الأم، وليس من يوم ولادتها كما تظن، عندما يتشكل الجنين على هيئة أنثى، ويخبرهم الطبيب بالخبر المشئوم، فيومها تُطَلَقْ نساء، أو تشمئز نفوس، أو تعبس وجوه، أو يُجهض جنين لا ذنب لهُ في الحياة إلا أنهُ تشكل أنثى! وتسير الأمور والأحداث في هذا اليوم بأشكال كثيرة، وكلٌ على حسب فهمهُ، ولكن مُجملاً مجتمعنا يرى البنت عارًا وشؤمًا وهمًا ثقيلاً من يوم وجودها حتى يتم الفرحة بها «الخلاص منها» يوم زواجها، فبمجرد سماع كلمة «بنت» من الطبيب تُترجم في العقول إلى قلة الحيلة والعار والشؤم والمعاناة الطويلة.

وتأتي بعدها مرحلة قدوم البنت إلى الدنيا، فتخيل معي أننا في مستشفى ويوجد غرفتان للولادة، في الغرفة الأولى شاء القدر وأنجبت الأم أنثى، فهو يوم عصيب ومشئوم جدًا، وترى فيه نظرة الخزي والعار في عيون الأب ونظرة الانكسار في عيون الأم؛ لأنها لن تستطيع أن تُنجب لهُ ولدًا، وإن كانوا على درجة بسيطة من الرقي الفكري فلنقل إنه يوم عادي بفرحة عادية بقدوم طفلة عادية لن ترقى إلى الدرجة المُميزة؛ لأنها طفلة وليست طفلاً! فالتاء المربوطة هُنا تُحدث كوارث!

وعلى الجانب الآخر في الغرفة الأخرى شاء القدر أن تنجب هذه الأم ولدًا؛ فاليوم هو يوم عيد، فتنظر لعيون الأب ترى فيهم اللهفة والفرحة والفخر وتنظر لعين الأم ترى فيها نظرة الانتصار لأنها أنجبت لهُ ولدًا «فعلت ما لم تستطع فعلهُ الأخريات مثلاً!» وكأن لها يدًا بهذا وكأنها اجتهدت حتى وصلت إلى هذه النتيجة العظيمة.

وتأتي بعدها مرحلة التربية، في خلال مرحلة الطفولة لكل من الولد والبنت، نلاحظ وبشده فرق المعاملة من الأب والأم والجد والجدة لكل من الولد والبنت، وطبيعة المرحلة تقول إن احتياجات الطفل بسيطة وطفيفة، ولكن ترى أن الولد ينال كل ما يطلب، ويعامل معاملة خاصة جدًا، ولهُ الأولوية في كل شيء، حتى في الألعاب البسيطة وله الحق في ضرب أخته كيفما يشاء فهو أخوها! أما البنت فلا يحق لها أن تدافع عن نفسها أمامه لأنه أيضًا أخوها! ومن الممكن أن تُعاقب البنت لكي نُرضي الولد ونشعرهُ بقوتهُ ورجولتهُ منذ الصغر! وحتى في العواطف والحب الأسري يحظى الولد بالدرجة الأكبر منها.

وبمرور السنين يُرسخ الأهل في أذهان كل من الولد والبنت أن البنت عليها حق مفروض أن تقوم بشئون أخيها في كل ما يخصهُ، من ملابس وطعام وما إلى ذلك، ولا يحق لها أبدًا أن تطلب المعاملة الحسنة منه أو الشكر على الأقل نظير مجهودها له، أو تعبها معه، فهو نشأ وتربى على أنها خادمتهُ مثلاً، وأن البنت ما خُلقت إلا لهذا!

وتبدأ مرحلة التعليم تقريبًا وطوال فترة التعليم يكون شعار المرحلة «الولد أولى من البنت»، يُطبق الشعار في أبسط الأشياء وأكبرها، في أسهلها وأصعبها ، المهم أن يبقى الولد أولاً فَـالولد له الأولوية والأفضلية في الالتحاق بالمدارس الخاصة والأجنبية، وحتى في الأدوات المدرسية الأغلى قيمة وثمنًا، بل يمكن أن تخرج البنت من التعليم وتتوقف عن الدراسة لعدم وجود المال الكافي لتعليم البنت والولد، فنختار الولد طبعًا، ولتذهب البنت للجحيم، حتى وإن كانت أكثر اجتهادًا في دراستها من الولد، وإن كان الأمر أخف وطأه ولا يوجد مال كاف لدخول الولد والبنت جامعات خاصة معًا، سيدخل الولد بلا أدنى شك، ولا يهم أي كُلية ستلتحق بها البنت، وإن سألت لماذا؟ ستكون الإجابة كالآتي:

«لأن البنت ستتزوج بلا شك وستُلقي بشهادتها عرض الحائط، وليس للمرأة في النهاية إلا بيتها وزوجها، مهما بلغت من العلم منزلة».

بظهور تغيرات جسمانية مُعينة على البنت تبدأ بمرحلة جديدة بشبح جديد، وهو «العريس»! وفي هذا ينقسم الأهل إلى نوعين؛ الأول الذي يعامل البنت على أنها قطعة أساس، يحركونها كيفما أرادوا في أي وقت، فيأتي الشبح «العريس»، وتتم الموافقة عليه بدون الرجوع للبنت من الأساس، والنوع الثاني هو أخف وطأه، أن يحترم الأهل رغبة البنت وأنها لها الحق في الرفض أو الموافقة، وإن رفضت سيبدأ الضغط بأكثر من طريقة أخفها وطأة هو الإلحاح حتى تقتنعي!

وقبول البنت هنا لن يأتي من فراغ، وإنما هو نِتاج طبيعي لبرمجة الأهل غير المباشرة والمباشرة بأن الزواج هو «الجنَّـة المُنتظرة»، فَـكُلما أرادت البنت سفرًا أو تعليمًا أو أي شيء غير مألوف يكون الرد «افعلي ما تشائين بعد زواجك ومع زوجك»، وتُصدق البنت وتظل تحلم بالفارس المغوار الذي سيحقق لها كل ما تريد وتتمنى، ويأتي لها بكل ما تشتهي، ويتركها تدرس ويشجعها ويسافر معها، ويكون سندًا لها على النجاح، وتبني قصورًا من الآمال والطموحات والأحلام، وتسقط فوق رأسها بعد الزواج بأسبوع؛ لأنها حتمًا ستتزوج رجلاً شرقيًا مثل أبيها وأخيها اللذين منعاها في الأصل من كل ما تحلم به.

تزوجت البنت وأصبحت امرأة ناضجة عاقلة، أو هكذا يظنون لأنها أصبحت زوجة، فبين ليلة وضُحاها نضجت وعقلت وكبرت وأصبحت فوق مستوى الشُبهات، لا أعلم ما التغيير الذي يحدث بانتقال الدبلة من اليد اليمنى لليد اليسرى؛ ليؤثر كل هذا التأثير ويُحدث كل هذا التغيير!

منهم من تعيش حياة عادية ترضى بالقليل وتستمر، وهذه قصة أخرى، ومنهم من يتم الاعتداء عليها بالألفاظ والسباب ثم الضرب! كثيرات من النساء تلجأ للشرطة مثلاً بعد الاعتداء عليها وترى نظرة رجل الشرطة لها على أنها جريئة جدًا، بل فاجرة لدرجة أنها تشتكي زوجها في القسم فقط لأنه مد يدهُ عليها، ويسجل لها محضرًا ولكن يتم إغلاق المحضر بالتصالح مع الزوج أو أخذ تعهد على الزوج بعدم ضربها، لكن بمجرد وصولها مع زوجها لمنزلهم مرة أخرى، ستنال منه ضربًا لا تستطيع بعدهُ الوصول لقسم الشرطة! وإن لجأت لِأهلها أقصى ما يتم فعلهُ هو الانتظار لوقت ما، ثم الصُلح أيضًا، وبعض الأهالي ترفض استقبال البنت من الأساس، بحجة أنهُ زوجها ويحق له فعل ما يريدهُ بها، وعليها أن تطيعهُ، وإن لجأت للطلاق واعتمدت على عملها واستقلت، سَتُطرح هنا عدة أسئلة:

هل تستطيع حمل لقب مطلقة؟

هل تتحمل نظرات المجتمع ومعاملتهُ للمطلقات؟

هل لها القدرة على تحمل مسئولية أولادها بمفردها؟

هل تقدر على عدم رؤية أولادها مرة أخرى إن لزم الأمر؟

وإن قبلت البقاء ورفضت فكرة الطلاق سترضى بالحال وتصمت وتستقبل السباب والضرب في كل وقت وحين!

في الأعلى ذكرت ثلاث جهات لجأت لها المرأة لتأخذ حقها ولكن بلا جدوى. «وبهذا يظهر البؤس في أبهى صورهُ بعد أن فشل القانون والأهل والنفس في تحريرها من جحيم تعيش وستعيش فيه حتى يأتي أجلها».

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل