المحتوى الرئيسى

مصطفى ابوالسعود يكتب: لماذا نقرأ؟ | ساسة بوست

04/27 13:15

منذ 11 دقيقة، 27 أبريل,2017

القراءة ليست مجرد هواية، أو طقسًا من طقوس الترف أو الترفيه التي يمارسها الإنسان بشكل يومي أو أسبوعي وشهري أو سنوي، أو نوعًا من prestige، القراءة هي أول أمر رباني نزل من السماء للأرض، القراءة هي مفهوم عميق يتجاوز فك الخط وقراءة الحروف والكلمات لتصل إلى فهم مقصد الكلمة في موضعها وسياقها وما يريد الكاتب وما لا يريده، بل هي فرض ودعوة للغوص في بحر العلوم كي تستخرج منه أفضل ما تخدم به البشرية، القراءة تمسح الغبار عن العقول وتزيل الغشاوة عن الأبصار، فحينما يقرأ الإنسان تتفتح خلايا عقله وتصبح أكثر نضجًا، ويصبح صاحب رؤية وليس تابعًا، وهنا نستذكر قول الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون حين يقول: «اقرأ من أجل المعارضة والنقد، وليس من أجل الإيمان والتسليم، ذلك أننا نقرأ بحثًا عن القوة ليس بمعناها المادي بل بمعناها الروحي والعقلي والإنساني، ولأن قارئ اليوم هو قائد الغد، فهي تصنع جيلاً رائدًا عملاقًا يواجه صعوبات الحياة بحكمة وليس بتهور، يواجهها بعضلات عقلية وليس بعضلات جسدية فقط، فاليد التي تتصرف دون إذن من العقل هي يد هوجاء»، وهنا يقول فولتير حينما سئل عمن سيقودون الجنس البشري: «الذين يعرفون كيف يقرؤون».

حينما يقرأ الإنسان كتابًا يشعر بأن الكتاب ينقله من مرحلة الجهل إلى مرحلة العلم ويزرع فيه الرغبة على مواصلة الرحلة لقيادة البشرية على علم، وها هو عملاق الفكر والأدب العربي عباس محمود العقاد يقول مؤكدًا «إن القراءة غذاء للعقل والنفس، وسمو بالروح والقلب، يجد كل قارئ فيها رغبته، ويكتسب الكثير من المعارف»، ويخبرنا عن سبب حبه للقراءة ب«أن لي في الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفي ولا تحرك ما في داخلي من بواعث للقراءة، القراءة وحدها تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة»، وها هو المفكر البريطاني «جينس شيرلي» يربط بين القراءة والسعادة فيقول: «لم أعرف في حياتي ساعات أجمل وأفضل من تلك التي قضيتها بين كتبي»، وقيل للمأمون «ما ألذ الأشياء اليك؟ قال التنزه في عقول الناس» يعني قراءة إنتاجهم.

ويتفق الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون حين يقول: «القراءة تصنع الرجال»، مع هنري والاس نائب الرئيس الأمريكي في فترة الحرب العالمية الثانية بقوله: «إن قراءة بعض الكتب تكون أحيانا أقوى من أي معركة».

لأن أول أمر رباني إلى رسولنا عليه الصلاة والسلام: «اقرأ»، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، هكذا تقول قاعدة شرعية.

نقرأ كي يحسن أرسطو في الحكم علينا فهو القائل «احكم على الإنسان بكم كتابًا قرأ وماذا قرأ، نقرأ لكي لا نكون شركاء في تدمير حضارتنا، وهنا نذكر قول راي برادبوري الأديب الأمريكي «ليس عليك حرق الكتب كي تدمر حضارة ما، فقط اجعل الناس تكف عن قراءتها».

نقرأ كي نقوي عقلنا ودماغنا وننمي قدراتنا اللغوية ونثري قاموسنا المعرفي وندخل في نقاشات علمية، ونتغلب على صعوبات الحياة بكل أريحية بلا خوف أو وجل، ونقاوم الاكتئاب وننشط الذاكرة، ونفهم ما دار في سالف الأزمان ونفهم ما يدور حولنا الآن.

لو أردنا عد الإجابات عن «لماذا نقرأ؟» سيطول المقال، لكن يكفي القراءة شرفًا أن أول أمر رباني نزل من السماء للأرض «اقرأ» وعلينا أن نعلم ونتأكد أن العلم يبني بيوتًا لا عماد لها وأن الجهل يهدم بيوت العز والكرم.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل