المحتوى الرئيسى

حكايات المريدين فى مولد السيدة: «قليل من الروحانيات.. كثير من التحرش»

04/27 10:33

دقات الساعة كانت تشير إلى الثامنة مساء، محطة مترو السيدة زينب مكتظة بالمواطنين، حركة السير بممر المول التجارى الملاصق لها تكاد تكون متوقفة بسبب زحام الليلة الكبيرة الذى يبدأ من محطة المترو وكوبرى أبوالريش، حتى محطة مترو سعد زغلول ومستشفى أحمد ماهر التعليمى بشارع بورسعيد، موقف أوتوبيسات أبوالريش يخلو تماماً من أى أوتوبيس بسبب غلق معظم الشوارع المؤدية إلى المسجد والموقف، ملاهى الأطفال الشعبية تم نصبها بجوار الكوبرى المعدنى، حيث تراصت المراجيح والعجلات الدوارة بجانب بعضها، فيما وقف عدد كبير من الأهالى أمامها لتركيب أطفالهم عليها، وحضر مئات البائعين وآلاف الزائرين فى الليلة الكبيرة مثل كل عام، وشهدت جميع مقاهى السيدة زينب إقبالاً كثيفاً من رواد الليلة الكبيرة من مختلف الفئات العمرية.

«خليفة» جاء من الإسكندرية ليبحث عن ابنه التائه.. و«خليل» حضر من «منيا القمح» بعد تأثره بالدكتور عمر هاشم.. و«يونس» بائع الأعلام: «اتسرق منى 3 قبل كده»

فى الشوارع الجانبية والحوارى أقام أصحاب بعض الفرق الصوفية حلقات الذكر والإنشاد الدينى على أصوات الآلات الموسيقية كما هو معتاد كل عام، وبأحد المقاهى الصغيرة بحارة جانبية تبعد عن مسجد السيدة زينب نحو 400 متر كانت تتحرك مطربة شعبية أربعينية، ترتدى بدلة رقص محتشمة، وسط الزبائن بخفة ونشاط وتحييهم فى الميكروفون وتذكر أسماءهم مقابل الحصول على ما تيسر من المال، رواد هذا المقهى يرتدى معظمهم جلاليب متسعة ويبدو أنهم ريفيون وصعايدة، كان يقف بجوار هذه المطربة «نبطشى» خمسينى كان يرتدى نظارة طبية قديمة، وكان يحيى الجمهور، ووجد البعض فرحته بالليلة الكبيرة بالجلوس على ذلك المقهى مستمعاً إلى صوت هذه المطربة غير الرائق والمتحشرج أحياناً، وعلى بعد 30 متراً منها تم نصب حلقة ذكر وإنشاد دينى أقامها الشيخ سيد ياسين أبودومة، نائب محافظة سوهاج عن السادة الرفاعية الصوفية، بدأت الحفلة بعد الثامنة واستمرت حتى ساعات الصباح الأولى وتردد عليها عشرات الشباب والرجال العاديين من رواد الليلة الكبيرة.

خلف مسجد السيدة زينب تمت إقامة حلقة صغيرة لمطرب شعبى كان يرتدى قميصاً أحمر غامقاً، وكان يقدمه «نبطشى» شاب مثل حفلات الأفراح تماماً، وبجوارهما وقفت فرقة صعيدية كان يرقص على ألحانها بعض الرجال والشبان بالعصى ودونها.

غاب الحضور الأمنى بعد زيارة مدير أمن القاهرة.. والشوارع الجانبية تمتلئ بحلقات الذكر والإنشاد الدينى.. والأجواء الاحتفالية تنتهى قبل صلاة الفجر

وفى شارع بورسعيد خلف مسجد السيدة زينب أقام صاحب معرض موبيليا كبير بعمل حفلة أمام معرضه بالشارع، واستقدم المنشد الشاب محمد فتحى، ابن قرية نكلا العنب، بمركز إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، وحظيت حلقة هذا المنشد على نسبة إقبال كبيرة، حيث تفاعلوا مع القصة التى كان يغنيها بالمؤثرات الموسيقية عن رجل يرتدى جلباباً عادياً أغوته سيدة كانت ترتدى ملابس قصيرة، «وقلتلها يا حلوة افتحى الباب أنا لابس جلابية» وكان يفصل الشيخ بين مشاهد القصة السمعية بمدح «أم الجمال يا جميلة، يا ماما يا مشيرة، يا سيدة زينب».

لكن المنصة الرئيسية التى كان يطرب منها الشيخ ياسين التهامى كانت تحظى بالاهتمام الأكبر من قبل المنظمين، حيث تم نصب منصة مرتفعة مجهزة بجميع الإمكانيات ومضاءة بمصابيح كثيرة، وبسبب ضيق المكان أمامها فقد شهدت زحاماً شديداً ومشادات كلامية تحولت إلى مشاجرات واشتباكات بالأيدى.

محمد حسين خليفة، 65 سنة، مولود فى سوهاج ويقيم فى الإسكندرية منذ عدة سنوات، يعتاد الذهاب إلى موالد آل البيت بالقاهرة والمحافظات الأخرى، استقل قطار الثانية والثلث ظهراً من الإسكندرية ووصل إلى السيدة زينب بعد أذان المغرب، ثم توجه جنوباً ناحية مقام عبدالله أبوالريش بجوار كوبرى السيارات المعدنى المسمى على اسم صاحب المقام، جلس الرجل الستينى صاحب الملامح الجنوبية التى تميل للسمرة على حصير بلاستيك قديم، وأسند ظهره على جدار المقام الخارجى، وأخذ يتمتم بأدعية آل البيت ويصلى على النبى، قصد «خليفة» الذى يعيش فى عزبة خورشيد بالإسكندرية ويعمل فى مجال المعمار، مولد السيدة زينب وقلبه مهموم بأزمات كبيرة لا تنام بسببها الأسرة، وأهمها فقد ابنه «ممدوح» الذى يبلغ من العمر 31 عاماً، «خرج من البيت يوم 25 فبراير اللى فات ومارجعش تانى، ومش عارف راح على فين».

يكمل الرجل الستينى حديثه بنبرة مملوءة بالحزن «ممدوح كان شاب كويس جداً ودخل الجيش كمان وقعد فيه 3 سنين، لكن بعد خروجه من الجيش بنحو 3 سنين كدا جاتله حالة نفسية مرة واحدة، وبقى مريض نفسى، وكنت بعالجه فى مستشفى المعمورة للأمراض النفسية فى الإسكندرية، لكنه سابنا ومش عارفين سكته، فقلت آجى المولد وفى قلبى أمل ممكن ألاقيه هنا، نفسى أى حد يدلنا على طريقه، قالوا فيه ناس قاعدة على كوبرى كفر الزيات العلوى رحت ما لقتش حاجة، ورحت طنطا ودمنهور برضو مالوش أثر، وأنا ماشى بالبطاقة بتاعته لعل وعسى حد يتعرف عليه، أنا عندى 65 سنة وباشتغل يوم و10 لأ، ورحت قعدت على المعاش فى شهر 11 اللى فات مفيش أى حاجة حصلت».

إلى جوار محمد خليفة كان يجلس رجل آخر، ملامحه بيضاء تميل للحمرة، يمسك بمسبحة زرقاء، وينظر فى الفراغ الضئيل الموجود بين زحام رواد المولد من الشباب والأطفال الذين حضروا مع ذويهم للاحتفال بالليلة الكبيرة، حضر السيد خليل محمد، صاحب الـ62 سنة من مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية صباح يوم الليلة الكبيرة بصحبة عدد من أصدقائه فى ميكروباص مكتظ بمريدى السيدة زينب «باجى هنا بقالى 4 سنين بس، كنت باسمع مرة الراديو لقيت الدكتور أحمد عمر هاشم العالم الإسلامى الكبير وابن محافظة الشرقية بيقول حديث فيما معناه: حبوا آل البيت لحبى لهم، والجملة دى أثرت فيا جداً، ومن ساعتها وأنا بحب أزور آل البيت».

يقطع حديث «خليل» قيام رجل ثلاثينى بتوزيع «القُرَص» على الجالسين من الرجال والسيدات، قبل أن يختفى فى لمح البصر، لم يهتم ابن مدينة منيا القمح بما ألقاه الرجل مثلما اهتم به غيره، لأنه يتقاضى معاشاً شهرياً جيداً بعد خروجه إلى المعاش من القوات المسلحة، ثم يكمل حديثه قائلاً «أنا بحب آجى هنا عشان الروحانيات الموجودة فى المولد، أنا بحب السيدة زينب والرفاعى وعلى زين العابدين وسيدى إبراهيم الدسوقى والسيد البدوى، وبروح كل موالدهم من 5 سنين تقريباً».

وعلى بعد 300 متر من مسجد السيدة زينب الذى كانت تزينه الأنوار الملونة كانت تجلس توحة محمد محمود، صاحبة الـ65 ربيعاً، على الأرض وأمامها كمية هائلة من ألعاب الأطفال، طراطير وزمامير وبلالين، تواظب «توحة» على بيع هذه الأشياء منذ نحو 40 عاماً دون انقطاع، ويعتبر بيع هذه الألعاب الصغيرة مصدر دخلها الرئيسى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل