المحتوى الرئيسى

تطوير «الخطيب».. قبل «الخطاب»

04/26 18:18

مصادر: المعهد الدانماركى ينسحب من تدريب أئمة الأوقاف بسبب تدنى مستواهم التكنولوچى

قيادى أزهرى: قلت لـ«زقزوق» أوقف الواسطة فى اختيار الدعاة.. فرد: «ما أقدرش»

كلما ذكر تجديد الخطاب الدينى بأى مناسبة اتجهت الأنظار وأصابع الاتهام والانتقاد إلى مؤسسة الأزهر الشريف بالتقصير وغض الطرف عن التجديد، بصفته واضع المناهج ومسئولاً عن تطويرها، ونسى أو تناسى الجميع دور ناقل ومفسر هذه المناهج للمسلمين عامة من خلال دور العبادة بالزوايا والمساجد الصغيرة منها والكبيرة، ليكون هذا الأمر على عاتق وزارة الأوقاف، الغائبة فى الحديث عن تجديد الخطاب الدينى الذى هو فى الأصل مهمتها عن طريق خطبائها والأئمة التابعين لها.

هؤلاء ممن يلتقون بالمصلين 35 مرة أسبوعياً دون وضع لمسات تذكر على قلوبهم، فالمشهد بمساجد القرى خاصة أصبح قاتماً للغاية فلا رائحة ولا لون ولا نكهة ولا حضور مؤثر لهم، هذا فى ظل استقطاب مشايخ السلفية والجهاديين والإخوان لشباب القرى والمناطق النائية، فالمقارنة بين الطرفين ليست فى صالح رجال الأوقاف على الإطلاق، الذين انشغلوا كثيراً بتحسين دخلهم نتيجة تدنى رواتب بعضهم وعملهم بأكثر من وظيفة لسد احتياجات أسرهم، كيف لإمام مسجد منشغل بمأساة حياته أن يعمل على تجديد الخطاب الدينى والخضوع للتدريب المناسب وشراء الكتب كى يتعلم ويتطور من خلالها؟ فأولوياته لا تقع هنا.

والكارثة أن بعض الخطباء قد تحولوا إلى موظفين اعتادوا «التزويغ» بحسب المصطلح الدارج للهاربين من أوقات عملهم بالاتفاق مع عمال المسجد، ويلهث إلى المسجد عند علمه أن هناك لجنة تفتيش قادمة إليه من مديرية وزارة الأوقاف التابع لها، فلم يعد الأمر بالنسبة له سوى وظيفة وليست رسالة، لتضيع تحت أقدامه مسئولية تعليم الدين والتواصل مع أبناء قريته ورواد المسجد المسئول عنه وترك هذا الشباب أمىّ التعلم وأمىّ الدين فرصة سائغة لأصحاب الفكر المتطرف يعبثون بأفكاره.

والجميع يؤكد أن الخطباء يتلقون تدريباً تابعاً لوزارة الأوقاف فى حين يؤكد خطباء القرى أن هذا الأمر عارٍ من الصحة ولو تم فهو تدريب تقليدى لا يرقى لفكرة تجديد الخطاب الدينى والسعى إليه، وحينما لجأت الوزارة للتجديد قامت بعمل «خطبة موحدة» لم تحقق أى شىء حتى الآن ولم تضف شيئاً للمصلين.

وفى نفس السياق يرى علماء الدين ورجال الأزهر أننا أمام أزمة ومسئولية غائبة لوزارة الأوقاف هى لا تعى دورها خلال الفترة الحالية فى ملاحظة وتجديد الخطيب وإمام المسجد قبل الحديث عن تجديد الخطاب الدينى، وكشف أحدهم عن المحسوبية فى توزيع الخطباء على المساجد دون مراعاة للسن والخبرة؛ فنجد إماماً فى العشرينات صغير السن ويتولى أمور مسجد كبير فى العاصمة، وآخر ذا خبرة وكبيراً فى السن ويتولى أمور زاوية فى الريف «وكل حسب واسطته» ولابد من التخلص من هذا الأمر الذى لا يليق برسالة الإسلام وقيمه الصحيحة.

بخلاف الأمر الذى أصبح مهماً فى الرسالة وهو تواصل هؤلاء الخطباء مع أبناء قريتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت هى لغة العصر وكم من استقطابات تمت من خلاله الآونة الأخيرة فهى الممر الذى يدخل من خلاله تنظيم داعش الإرهابى لعقول هؤلاء الشباب، فى حين الخطباء لا يكترثون كثيراً لهذا الأمر للتواصل مع أبناء قريتهم أو معرفة ما يحتاجونه.

ومن جانبه يرى الدكتور طه أبوكريشة عضو هيئة كبار العلماء، أنه بالفعل ليس الأزهر فقط مسئولاً عن تجديد الخطاب الدينى، حيث إن الأمر يمثل مسئولية مشتركة بين جميع المؤسسات التى تتعلق بالخطاب الدينى وفى مقدمتها الأزهر لأنه يعد من ينفذ الخطاب الدينى من خلال معاهده وخريجيه الذى تتولاه بعد ذلك وزارة الأوقاف من خلال ندواتها، فالمسئولية مشتركة ولا يمكن أن نتصور أن تنعزل وتبتعد مؤسسة عن هذه المشاركة من خلال عدة وسائل لنقل الخطاب الدينى للشعب أهمها المساجد والوسائل الإعلامية التى يؤدى فيها من يقومون بهذا الخطاب هذه الرسالة السامية، وأشار إلى احتمالية وجود ملاحظات على أداء أئمة المساجد وهذا وارد لأن الكمال أمر لا يبتغى، لافتاً إلى أن الأوقاف تعد دورات تدريبية دائماً لخطباء المساجد.

أما الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، يقول: إن الواقع المعاش لحالة إمام المسجد يجب تأهيله على أنه حامل رسالة وليس موظفاً ولو أنه يفقه رسالة الدعوة لوجدنا أداء راقياً موضوعياً فى بيوت الله، وأشار إلى أن هناك قلة مجتهدة فى المراكز الكبرى ومساجدها ولكن الكثرة الكثيرة يعملون فى المساجد الأقل بالقرى والنجوع والكفور بروح الوظيفة القاتلة بدليل أن الإمام بالكاد يحضر صلاتى المغرب والعشاء ويترك الباقى لرواد الحى سواء الإخوان أو غيرهم وهذه حقيقة لا نروغ عنها. قائلاً: «انزلوا صلاة الفجر وتعرف على من يؤم الناس فى صلاة الفجر لن يجد الإمام لأنه يعتبر واجبه الوظيفى صلاتى المغرب والعشاء والدروس تكون على الأوراق لأننا نفتقر إلى الإمام الزائر فلا مانع من الاستفادة من الآخرين».

ومن مخاطر غياب الخطباء عن دورهم الحقيقى فى التواصل مع أبناء منطقتهم بالمسجد أن كثيراً من رواد المساجد لا صلة لهم بالإمام ولا يعرفونه وبالتالى يفشل فى حلقات المعرفة والدعوة، فعلى هؤلاء الوعى جيداً أنه أمام رسالة لابد من تحرير الخطاب الدعوى من أغلال الوظيفة التى يتقيد بها.

ويضيف أن هناك فوضى عارمة وطوفاناً من الأموال التى تأتى من الخارج لشيوخ السلفية والجهادية وأصحاب الفكر «الداعشى» وهذا أقوى من الوضع المالى لأئمة الأوقاف فما يبنيه واعظ الأزهر فى دقائق يهدمه هؤلاء فى ثوانٍ.

وبالتسلسل الزمنى نجد أن شيوخ السلفية دخلوا النجوع والقرى والأحياء فى عهد «مبارك» والمؤسسات الرسمية لا تملك أداة إعلامية حتى الآن كالتى يملكها وملكها هؤلاء لفترات طويلة استطاعت أن تتعلق أفكارهم فى أذهان الشباب والمصريين ككل لفترة كبيرة من الزمن، حيث إن المال يتحكم فى الكثير من الأشياء حتى هناك استقطاب لذلك فى بعض قيادات الأوقاف فلديهم ميول سلفية ويعتنق بعضهم الفكر الجهادى ليس لجودة المواد العلمية به ولكن الأموال يشترون بها هؤلاء من باب التجنيد، وفى عهد الإخوان تم تعيين الكثيرين بالوزارة ويجب أن تتطهر الأوقاف وتعيين من يتم ثقلهم بروح الوظيفة والمسئولية الدعوية.

ومسئولية الدولة حظر كل أنشطة السلفية والجهاديين الذين لجأوا إلى مخرج للاختباء خلفه من خلال تكوين جمعيات اجتماعية وأهلية يروجون منها أفكارهم ويجب تطهير هذه الجمعيات فهم يتغولون على دور الأوقاف والأزهر لأن هاتين الجهتين لا تملكان ردع هذه المنظمات بل الدولة.

بينما يرى عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب طاهر أبوزيد أن وزارة الأوقاف تبذل مجهودا كبيرا فى تحسين دورها خلال الفترة الماضية وأن الأمر يحتاج فقط إلى العنصر الزمنى لتحقيق التغيرات المنشودة لأن التخلص من الروتينية والتقاليد وفلترة المتربعين على المساجد وعلى الدعوة ليس سهلاً.

الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية يرى أن الرسالة الحقيقية للمسجد تظهر فى النجوع لأن المستوى التعليمى والثقافى أقل من المدن ونجد الأمية الدينية أيضا، الأمر الذى يتعاظم مع الخطاب الدعوى بالتأكيد المسئولية تجعل على عاتق هذه المهمة تأدية الرسالة لأنها أشرف الرسالات، التى تشكل وجدان المسلم وهذا التشكيل هو الذى يجعل من المسلم صاحب سلوك جيد والعكس بالعكس، ولو كان المسلم يستمع إلى خطاب ليس على المستوى أو أقل فى الوعى والإحاطة بقضايا العصر، خاصة فى ظل التطرف والتشدد وهذا الأمر بالتأكيد يحتاج إلى متابعة لهؤلاء لكن فى ذات الوقت ليس مسألة متابعة فقط ولكن الداعية أو الخطيب لابد أن يرتقى بنفسه ويعرف ظروف البيئة التى يحيا بها ويتواصل مع شباب القرية ويعرف اهتماماتهم ويعلم الوزارة بها وهذا إذا علم أن الناس يحتاجون إلى جوانب معينة يجب أن يعد نفسه إعداداً دقيقاً لأنه يعلم جيداً أن الله يراقبه والمسئولية أمام المجتمع أيضاً وعلمه أن الله يسأله والمجتمع يحتاجه ويكون دافعا له نحو الطريق الصحيح.

الآن هناك انتقاء للخطباء والعمل على مدهم بالتدريب بمكتبة الإمام والداعية وتعمل بقدر الإمكان على تقديم أدوات للداعية لإزالة الجهل والمسألة تنبع من الذات والرغبة الحقيقة فى التطوير والتجديد بالأسلوب.

أما بشأن الحديث الدارج حول الخطاب الدينى فالأمر ليس جديداً كمسألة ولسنا مبتدعين ومن سبقونا تحدثوا عنها وضرورة التغيير والخطاب بطبيعته لابد أن يكون متجددا، حيث إن الطبيعة نفسها تتجدد ولابد أن يكون إلى الأفضل والتخلى عن الأخطاء، التجديد الدينى ضرورى لأن كل وقت له طبيعة وكل جيل له سماته وشخصيته، وبالفعل الخطاب يحتاج إلى تغيير ونلاحظ حال التدنى فى مستويات الخطاب على كافة المستويات وهنا دور خطيب وإمام المسجد كناقل للرسالة ومواجه للجمهور.

الدكتور محمد محمد أبوليلة الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، يضع أبرز السمات الواجب توافرها فى إمام المسجد وأنه لابد للخطيب أن يكون له ثقافة تستوعب جميع البشر وإلا سيكون الخطيب نفسه حكم على نفسه بالغياب عن ساحة المجتمع ويتحول إلى موظف يرضى الأوقاف وإدارة المسجد فقط ولابد من تحسين مستوى التعليم الخاص به وسيتحسن عليه الأداء المعرفى والثقافى، قائلاً: «وللأسف التعليم يمر بمحنة والأخلاق أيضاً لابد أن ننهض بها ووجب الآن قبل الحديث عن خطاب دينى وتجديده محاربة الأمية كما حان الوقت كى يترقى خطاب المنبر وجميع الخطابات الأخرى الضعيفة، التى تحتاج إلى عملية جراحية سريعة.

«الأزهر يتعرض لهجوم وكأن الأزهر هو المسئول عن مشاكلنا كافة ونسى الجميع دور الشارح لمناهج الأزهر» هذا بحسب «أبوليلة»، قائلاً: «لابد من التدريب السليم والتعليم الجيد فإذا كان التعليم سليماً يكون المستوى راقياً ونجد أن خطيب المسجد يعين كأى موظف بالدولة من قبل لجنة تقوم بعمل اختبار خاص ويكون هناك موافقات أخرى، ووزارة الأوقاف تعلن عن مسابقات يتقدم خريجون من جامعات عديدة بالتخصصات المتاح التقدم بها، كاشفاً عن وجود محسوبيات فى التوزيع للخطباء قائلاً: «حسب واسطته سيكون معيناً فى مسجد درجة أولى به نذور أو بمسجد كبير ومعروف، وروى عن موقف تعرض له منذ عشرين عاماً؛ قلت لوزير الأوقاف الدكتور حمدى زقزوق منذ 20 عاماً لابد أن يكون هناك منهج فى التعيين أولاً فكيف لحديث تخرج يعتلى منبر مسجد ذي قيمة كبيرة؟ ولابد أن يبدأ بمسجد صغير بحارة ثم يترقى علمياً ويتم نقله، وقال: أود ذلك وأبلغت الإدارة لكن هنعمل إيه؟، وهنا خطورة كبيرة بسبب غياب الخبرة وسوء التوزيع وعلينا تدارك هذا الأمر سريعاً.

وأكد أن اختبارات الأوقاف ليس بها محسوبيات كالتى فى التوزيع، حيث تتم عن طريق لجنة بها 3 إلى 5 من كبار العلماء ويتم توجيه أسئلة بكافة المجالات والتخصصات ونسمع من المتقدم للخطابة ونقومه وننصحه ولكن الخطأ ليس فى التعيين ولكن فى التعليم والتطوير، وعلى الرغم من تقديم دورات تدريبية بين الحين والآخر لهؤلاء من جانب الأوقاف، إلا أنه ما زال هناك شكاوى عالقة بشأن مستوى الأئمة.

من الكارثة أن نجد خطيباً لمسجد جاهلاً أو منشغلاً بأمور ليست من صميم عمله كالذى يصعد منبراً دون إدراك لما يقوله يردده كالببغان والذى يسعى لتصفية حسابات مع أعدائه أو من يشوبه سمعة رديئة وكلها أمور تهدم الدعوة، ولابد أن نستيقظ جميعاً وهناك علوم ومستجدات نشأت والمجتمع لا يعيش وراء أسوار ولابد للإمام أن يعيش متعلما دائما ويثقف نفسه بنفسه لأنه يحمل كتاب الله.

علاقة الخطباء بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل