المحتوى الرئيسى

قتلوا كريم

04/26 17:47

كريم مدحت.. تملكتني رعشة وأنا أكتب تلك الكلمات، لا أعلم حتى ماذا سأكتب؟ هل أكتب عن مدى ألمي لموته؟ أم أكتب عن حالة اليأس التي احتوتني فجأة؟ أم أكتب عن الشعور بالذنب الذي يحاصرني؟

كل ما أستطيع قوله إنني أعيش حالة مليئة بمشاعر الإحباط واليأس والألم والذنب أيضاً، مشاعر لو اجتمعت على شخص لقتلته.

كريم جمعتني به زنزانة الاعتقال الضيقة؛ حيث هناك مشهد القهر والبطش والظلم يتجلَّى، هذا المشهد الذي أخرجه هذا الانقلاب المجرم بنظامه الوحشي الذي لا يفرق بين كبير وصغير، ولا بين رجل وامرأة، كريم هذا الشاب الصغير صاحب الابتسامة الطفولية والقلب الطيب، فلم أرَ منه عبثاً قط، فكان دائم المرح والضحك، وفي نفس الوقت هو الصابر المحتسب، وهو أيضاً المحافظ على صلاته وأوراده، كنت أتعجب لحاله هذا، كيف لشاب في مثل سنه ويمتلك القدرة على تحمل ما نعيشه من قهر وظلم، والأعجب حالة الأمل والتفاؤل التي كان يروج لها هو وإخوانه ممّن يعيشون نفس حالته وظروفه.

كريم كان أحد أسباب صمودي وعدم انكساري في تلك المرحلة، فقد أقام عليَّ الحجة بصبره وثباته ومشاعر الأمل التي لم يتوقف عن بثّها في نفوسنا جميعاً داخل الزنزانة، فلا أستطيع أن أنسى كلماته عن الحرية والعدل والتضحية والبذل، لم أكن أتصور أن تخرج هذه المعاني ممّن هم في مثل سنه، الحقيقة أننا تربينا على أيدي مَن هم مثل كريم، وعِشنا معهم التجربة وكانوا هم أبطالها، وهم كانوا يستحقون ذلك.

لماذا إذاً؟ لماذا قتلوا كريم؟ ماذا فعل لهم؟ هل تحولت ابتسامته إلى سلاح يهدد حياتهم؟ هل شكَّلت كلماته خطراً يهدد نظامهم؟ ألم يكفهم دم مهند؟ أم هم استساغوا طعم القتل وطلبوا المزيد.. إلى متى إذاً؟

لم تبقوا لنا شيئاً، لقد قتلتم كل شيء كان يمثل لنا أملاً، ألا يكفيكم هذا؟ بالأمس كان مهند واليوم كريم وغداً آخرون، لن ينتهي الأمر حتى يقضوا على كل شيء، فهذا النظام لن يقبل لنفسه أن يحيا إلا بين الأموات، وأقول لهذا النظام المجرم: سنبقى حتى النهاية، حتى آخر نفس سنحيا رغماً عنكم، سنتمسك بشعاع الأمل المتبقي، الذي ورثناه عمن هم مثل مهند، وكريم، لن نموت.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل