المحتوى الرئيسى

جمال البنان يكتب: نرفض قيادة الدنيا ونرضى بالهوان! | ساسة بوست

04/26 12:40

منذ 1 دقيقة، 26 أبريل,2017

نرفض قيادة الدنيا ونرضى الهوان، جملة يعلنها الجهلاء صراحة ويطلقونها جلية بأفعالهم قبل أقوالهم في بادرة هي الفريدة من نوعها بين المخلوقات.

 لقد مَنَّ الله تبارك وتعالى علينا بالإسلام لنقود الدنيا، فعندما تولى النبي صلى الله عليه وسلم إمامة الصلاة بالأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين في ليلة الإسراء والمعراج، كان ذلك دلالة على انتقال قيادة الدنيا إلى يد الحبيب صلى الله عليه وسلم ومن بعده أتباعه، فحادثة الإسراء والمعراج وما كان فيها من انتقال النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كما جاء في قوله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)» صدق الله العظيم، سورة الإسراء، كانت بمثابة نقلة كبيرة في حياة الرسالة، وإذن بانتقالها إلى مقر جديد يكون منطلقًا للعالمية، وذلك بعد أن ضاقت مكة على النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه وعشيرته، فقريش تسلك كل يوم طريقًا جديدًا تتلمس فيه طريقة جديدة لتحارب بها الرسالة ومن اتبعها ومن يؤازرها، وبعد أن سُدت أمام قريش كل الطرق لاستقطاب النبي صلى الله عليه وسلم ليتنازل عن قول الحق، ما كان منها إلا أن عرضت على عمه أبي طالب التخلية بينهم وبين ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم، فمساندته له ومن ورائه بنو عبد مناف كانت تعد منعة قوية تحول بينه وبين قريش، لكن عمه يرفض وبشدة أن يتخلى عن ابن أخيه لحبه الشديد له، ولمعرفته بأن ما يقوله هو الحق لكن الحمية والقبلية منعته من إعلان اتباع دين الحق، فما كان من مشركي قريش إلا أن أعلنوا عن اجتماع طارئ خرجوا منه في نهاية الأمر بقانون جديد، وهو قانون «المقاطعة»، وتفعيل سياسة الحصار الاقتصادي على بني عبد مناف، سواءٌ أكانوا كفارًا أم مسلمين، هذا القانون الذي يخالف كل أعراف وتقاليد وقيم مكة السابقة، فالمصالح تتقدم على الأعراف والقوانين دائمًا.

 واستمر هذا الحصار قرابة ثلاث سنوات إلى أن فرج الله الكرب، لكن الآثار التي ترتبت على هذا الحصار كان لها الأثر الكبير على نفس الحبيب صلى الله عليه وسلم، فبعد فك الحصار توفيت خديجة رضي الله عنها الزوجة والصديقة والعون، ثم توفي عمه أبو طالب السند والمانع للمشركين من الوصول إليه، في ذلك الحين أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحياة في مكة مع هؤلاء لن تستقيم، فخرج إلى الطائف وحدث ما حدث ولم تأتِ الرحلة بثمارها المرجوة، ثم عاد إلى مكة مرة أخرى بنفس مهمومة واثقة من فرج قريب من الله تبارك وتعالى، فَمَنَّ الله تبارك وتعالى عليه برحلة الإسراء والمعراج، التي كانت للتسرية عنه وللشد من أزره وكانت كذلك بُشرى له بما سيكون.

 فحينما قُدم الرسول صلى الله عليه وسلم ليؤم الأنبياء في هذه الليلة، كان ذلك بمثابة مراسم تنصيب لتولي قيادة الدنيا بكل طوائفها وأديانها التي سبقت الرسالة، فالأنبياء والرسل الذين سبقوا البعثة كانوا لأمم متفرقة، وبرسالات متعددة وبتولية الرسول صلى الله عليه وسلم الإمامة تجمعت القيادة في يده، وبالفعل تحقق ذلك بعد بضع سنوات من هجرته التي أسس فيها دولة الإسلام في المدينة المنورة، التي انطلق منها نور الإسلام إلى ربوع العالم، ودانت لها الممالك حتى بلغت حدود الدولة الإسلامية مشارق الأرض ومغاربها.

لكن بعد ذلك بعدة قرون بدأ الطمع وحب الدنيا يدب في القلوب، فتآكلت هذه الحدود قطعة تلو الأخرى بتفريط من المسلمين أنفسهم إلى أن جاء يومنا هذا، الذي يُهاجم فيه الإسلام من أبنائه طمعًا في مجد زائف، فعلى ماذا يدل هذا؟ على ماذا يدل من يريد تأويل القرآن حسب هواه أو يحذف آيات منه؟ على ماذا يدل من يتطاول على كتب السنة ويطعن فيها؟ على ماذا يدل من يسب الصحابة والتابعين ورواة الأحاديث والفقهاء؟ على ماذا يدل من يريد هدم ثوابت الدين والخوض في أعلامه؟ على ماذا يدل من يهاجم الأزهر رمز الوسطية في العالم الإسلامي؟

لكن هيهات هيهات يا من ركنتم إلى الدنيا الزائلة، يا من تبيعون آخرتكم بعَرض قليل زائل، أقولها لكم بملء فمي رغم تقصيرنا، موتوا بغيظكم فالله تبارك وتعالى يأبى إلا أن يتم نوره.

 «يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(32)» صدق الله العظيم، سورة التوبة.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل