المحتوى الرئيسى

مكتشفو الآثار وحراسها.. «التاريخ يولد من رحم الحجارة»

04/26 10:09

وجوه سمراء اكتست ملامحها بلون النيل، تحمل بين طياتها تاريخ حضارة امتدت عبر آلاف السنين. بعين ثاقبة يستطيع تحديد ما تحتويه الأرض من كنوز تركها الأجداد، وضربة عصا للريس صاحب الجلباب الصعيدى تخبره بأن هناك قطعاً أثرية تستغيث للخروج إلى النور، مائة عام أو يزيد هى تاريخ المهنة التى توارثها الآباء من الأجداد، مهنة دستورها «عهد على احترام عرق الأجير ومال الوقف»، وأدواتها «أزميل ومسطرة وفرشاة ومقطف»، ورئاستها «العصا والعمامة».. ومقرها مدينة «قفط».. مهنة يطلق على روادها «عمال حفائر» بينما يراهم العالم على أنهم «مكتشفو الآثار وحراسها».

يتنقل برشاقة مرتدياً جلبابه الصعيدى فى الموقع يميناً ويساراً، لا يبالى بالكاميرات المتناثرة فى كل أرجاء الموقع لمتابعة عمليات انتشال جسد تمثال المطرية «بسماتيك» استعداداً لعمليات تجهيزه ونقله إلى المتحف المصرى، يهرول الشاب الصعيدى إلى «ديتروش رو»، أو «ديتش» كما يحب أن يناديه العاملون معه فى الموقع الأثرى ليطلعه على آخر تطورات العمل فى الموقع.

«الوطن» فى «قفط».. «جلابية وعمامة وعصا وأزميل ومسطرين وفرشاة».. لوازم الرياسة منذ 100 عام

«ديتش» عندما تقع عيناك عليه للمرة الأولى تدلك ملامحه ولبسه على أنه «خواجة»، أصوله ألمانية، لكن عندما ينطق لسانه ستجدك أمام رجل مصرى يتحدث العامية بطلاقة ربما تفوق طلاقة أبناء مناطقنا الشعبية، يستقبل «ديتش» الشاب الصعيدى بابتسامة تنم عن «عِشرة» امتدت إلى والد الشاب وجده: «عملت مع والده الريس أمير السليك، وجده الريس كامل السليك منذ قدومى إلى مصر فى 1988»، يقولها «رو» مشيداً بالوالد والجد اللذين عملا مع البعثات الألمانية منذ وجودها فى مصر، فالعائلة بحسب «رو» كانت من أوائل العائلات التى عملت فى مجال الحفائر فى مصر، وتتميز بمهاراتها وانتشار أفرادها فى جميع المواقع الأثرية على مستوى الجمهورية، فضلاً عن الأمانة والثقة التى نشأت بينهم طوال فترة عمل البعثات الألمانية فى مصر.

يضحك «ديتش» ساخراً من الانتقادات التى وجهها البعض من خلال مواقع السوشيال ميديا لعمال الحفائر وإطلاق لقب عمال الجلابية عليهم: «للأسف ما يعرفوش إن عمال الجلابية دول قادمين من قفط، يعنى شاربين المهنة أباً عن جد، وجميع البعثات الأجنبية بتستعين بيهم فى شغلها، محدش يعرف يخرّج الأثر من الأرض من غير كسر أو خدش غيرهم، والجامعات العالمية بتستعين ببعضهم لتدريب الطلاب وإلقاء محاضرات عن تاريخهم».

بدوره يبدى «أشرف السليك» دهشته من السؤال عن سبب ارتباط عمال قفط بالحفريات الأثرية، يؤكد أن الكلام عن عمال «قفط» لن يصبح له معنى، دون زيارة القرية التابعة لمحافظة قنا للإجابة عن سؤال: «لماذا تستعين البعثات الأجنبية بعمال قفط؟ ولماذا لا يخلو أى موقع أثرى على مستوى جمهورية مصر العربية من القفطيين؟».

الأهالى: عاهدنا أجدادنا على احترام عرق الأجير ومال الوقف.. وجدنا أول من عمل بالحفائر مع عالم الآثار «بيترى».. ومرتبه كان 3 جنيهات عام 1897.. و«الريس على»: الحفاظ على العهد سبب تمسك البعثات الأجنبية بالعمل معنا.. «ويا ويل اللى يخون».. و«أمير»: اشتغلت فى النوبة وشهدت التهجير أثناء بناء السد

على بعد 600 كيلومتر تقريباً من القاهرة و20 كيلومتراً من قلب محافظة قنا، استقبلنا الريس أشرف فى منزله الواقع فى قرية القلعة بمركز قفط، داخل المنزل وجدنا الريس أمير والد أشرف فى انتظارنا يتكئ على أريكة وحوله مجموعة من الصور الفوتوغرافية نصفها بالأبيض والأسود والنصف الآخر صور ملونة.

يمسك الريس أمير بإحدى الصور «الأبيض والأسود»، جميعها لأشخاص يرتدون «جلاليب وعمم»، عدا واحداً كان يرتدى بذلة وطربوشاً، يشير الرجل بسبابته إلى الرجل صاحب البذلة: «دا الدكتور سليم حسن كان دكتور كبير جداً فى الآثار كان أبويا الريس كامل بيشتغل معاه»، ولمن لا يعرف الأثرى «سليم حسن» فهو أحد أعلام الأثريين المصريين ولقب بـ«عميد الأثريين»، وصاحب موسوعة «مصر القديمة»، وله العديد من الاكتشافات الأثرية فى المنطقة المحيطة بأهرامات الجيزة، حيث بدأ «سليم» أعمال التنقيب الأثرية فى منطقة الهرم لحساب جامعة القاهرة، لتكون المرة الأولى التى تقوم فيها هيئة علمية منظمة بأعمال التنقيب بأيدٍ مصرية وكان ذلك فى العام 1929، وفى عام 1954 عينته الحكومة المصرية رئيساً للبعثة التى ستحدد مدى تأثير بناء السد العالى على آثار النوبة.

ثوانٍ قليلة غاب فيها الريس أمير السليك ليعود لنا بذكريات من طفولته كان بطلها الصورة وبلاد النوبة: «أبويا الريس كامل كان شديد خالص وما يعرفش ولده فى الشغل كنت ساعتها صغير سنى 12 سنة لما أبويا خدنى أشتغل معاه فى بلاد النوبة الجو كان صعب بالنسبة لطفل 12 سنة ساعتها والدى عمل لى تسنين وخلى سنى 16 عشان يطلع لى ورق وأشتغل معاهم».

يضيف الرجل: «الحياة كانت قاسية فى بلاد النوبة، وكنا بنبات فى خيام ونجيب تموينا معانا مكانش فى زى دلوقت بقالة، كانت الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الناس مركب البوسطة كانت بتعدى علينا كل أسبوع».

يتذكر الرجل أول راتب له وأول عمل استحق عليه الراتب: «أول راتب خدته كان 25 قرش كنت ساعتها بشيل التراب اللى طالع من الحفر قعدت ست سنين بشيل تراب وبتعلم لحد ما بقيت فنى حفاير».

يعتدل الرجل فى جلسته بمجرد سؤاله عن قواعد مهنة «الحفائر» ولماذا احتفظ أهالى «قفط» دون غيرهم بصنعة الحفر فى المواقع الأثرية: «مهنة الحفاير بتمر بخطوات تبدأ من شيل التراب والتنظيف حول فنى الحفاير، بعد كده الولد بيمسك الفاس وشوية شوى القدوم والمسطرين ويبقى فنى حفاير، فيه شباب بيحبوا المهنة ويكملوا فيها، وفيه ناس تانية بتزهق، وده بيبان من شغلهم فى الأول».

لم ينته الرجل من إجابة السؤال الأول حتى ألقى بمفاجأة بدت وكأنها الإجابة عن سؤال «لماذا القفطيون؟»: «إحنا شغالين فى المهنة من زمان جداً، آخر حد أقدر أفتكره كان جدى الكبير الريس صديق»، يطلب أمير من ولده «أشرف» اصطحابنا إلى منزل العائلة القديم الذى يعود إلى الجد «صديق».

«أيمن»: والدى اكتشف 15 تمثالاً فى «خبيئة الأقصر».. و«القفطاوى»: العالم اعترف بفضل الأهالى وحفظوا حقوقنا فى الاكتشافات الأثرية

عشر دقائق سيراً على الأقدام هى المسافة بين منزل أشرف ووالده «أمير»، وبين منزل الجد «صديق»، منزل صنعت جدرانه من الطوب اللبن، مكون من طابقين، وأمامه أربع دكك خشبية، كُسيت جدرانه بألوان تنوعت ما بين الأصفر واللبنى ورسومات قديمة تهنئ أصحاب المنزل بأداء فريضتى الحج والعمرة.

اصطحبنا أشرف إلى الداخل وأشار إلى صورة اتخذت مكانها على أحد جدران المنزل، للوهلة الأولى لم تكن الصورة واضحة إلى أن أنزلها أحفاد «صديق»، لتظهر صورة قديمة تبين ملامحها بالكاد، مقصوصة من عدد قديم لجريدة الأهرام، فالصورة تعود إلى العام 1897 يظهر بها ثلاثة أشخاص وتحت تعليق: «المندوب السامى البريطانى خارجاً من المخزن المحفوظ به الآثار المستخرجة من الحفاير وعن يساره فؤاد أفندى بغدادى مفتش الآثار وعن يمينه الريس صديق سعيد رئيس العمال».

«على» يدعم ولده الوحيد «فاروق» ليكمل تعليمه ويحصل على درجة الدكتوراه ويتفرغ لتوثيق تاريخ أجداده «القفطيين» فى مجال الحفائر

يقطع «أشرف» الصمت الذى صاحب قراءة التعليق على الصورة قائلاً: «أنا اسمى أشرف أمير كامل صديق السليك جميعنا توارثنا المهنة عن جدنا الكبير صديق، حتى ولاد أعمامى توارثوها، لازم كل واحد فينا من ولاد السليك يورث المهنة لابنه وواجب على ابنه أنه يورث المهنة لحد من عياله حتى تستمر، والأمر لم يقتصر على أولادنا، حتى نسايبنا اللى من خارج عائلة السليك علّمناهم المهنة وبقينا نستعين بيهم فى شغلنا ونشرنا المهنة فى خارج العائلة فى القلعة لتمتد إلى جميع قرى قفط، حتى من ترك قفط واستقر فى الجيزة كعائلة الكريتى المستقرة فى منطقة الهرم وسقارة وعائلة العبد المستقرة فى حلوان أصولهم جميعاً من قفط».

وحول إمكانية أن يسمح أشرف لولده «أمير» البالغ من العمر 5 سنوات وسماه «أمير» على اسم والده الريس أمير باستكمال مهنة الحفائر من بعده يقول: «أنا معنديش مشكلة إن أمير يكمل من بعدى بس أهم حاجة تعليمه يكمل تعليمه بالتوازى مع تعلم المهنة والله أعلم ممكن يكبر ويدرس آثار وكده يجمع بين كونه أكاديمى وبين كونه يقدر يشتغل بإيده فى الموقع»، مردداً: «مش عايزه يطلع زى مفتشين الآثار اللى أغلبهم بيخاف يشتغل بإيده عشان ما يوسخش هدومه».

العمل فى الحفائر لا يعد مجرد عمل وإنما أيضاً شهادة على تاريخ ما يتم استخراجه من باطن الأرض، فالريس أمير ما زال يتذكر أثناء عمله فى بلاد النوبة عمليات تهجير النوبيين فى فترة الستينات وكذلك كان شاهداً على بناء السد العالى، حتى ولداه أشرف وأحمد ظلا لفترة يعملون فى حفائر جزيرة «إليفنتين» وحفظت أغلب ما تم استخراجه فى متحف الحفائر الأثرية «الإينكس» بأسوان.

على عكس العمل الموسمى مع البعثات الأجنبية تمكن عدد من أولاد عمومة أشرف من العمل بشكل دائم تابع لوزارة الآثار المصرية، منهم الريس أيمن فاروق شارد والذى يعمل «ريس فنى حفائر» بمعبد موت فى الأقصر والتابع لمنطقة آثار مصر العليا.

أيمن الرجل الأربعينى، توارث المهنة كغيره من أبناء عائلة السليك، فوالده الريس فاروق شارد الذى اكتشف خبيئة معبد الأقصر عام 1989، والتى لاقت وقتها رد فعل عالمياً، حيث تسارعت وسائل الإعلام العالمية وقتها، لنقل هذا الكشف الأثرى، يقول شارد: «كان والدى يقوم بتنظيف معبد الأقصر من الحشائش الموجودة به وأثناء قيام والدى بضربة فأس فى هذه المنطقة سمع صوت رنة فذهب إلى مفتشى الآثار وأبلغهم وفقاً لخبرته فى مجال الحفائر بأنه يوجد آثار فى هذه المنطقة، فى البداية لم يصدقه المشرفون ولم يجد أمامه سوى الاتصال بالدكتور محمد الصغير مدير آثار مصر العليا ليخبره بما حدث».

يضيف «شارد»: «لم يتردد الدكتور محمد الصغير ولم يسخر من والدى وصرح له بالحفر فى هذه المنطقة وبالفعل تم استخراج تماثيل كاملة من الخبيئة، بلغ عددها 15 تمثالاً تعود إلى الملك أمنحتب الثالث وحور محب وتم نقل بعضها إلى متحف الأقصر».

لم يرث أيمن وحده المهنة من والده الذى فارق الحياة منذ 3 سنوات، وإنما انضم إليه أيضاً أخواه الاثنان، والثلاثة يعملون مع عالم الآثار الأمريكى الكندى «دينارد لوكفور» منذ 50 سنة حيث كان والدهما يعمل معه ومن بعده يعمل هو وإخوته فى موسم عمل البعثات الأجنبية.

السخرية من عمال الحفائر وعدم تسليط الضوء عليهم أمر عانى منه «القفطيون»، فطوال فترة عملهم فى المهنة لم ينالوا تقديراً أو كلمة شكر إلا من قبل عدد قليل من الأثريين المصريين كان على رأسهم الدكتور زاهى حواس الذى كرّم عدداً كبيراً منهم فى دار الأوبرا المصرية عندما كان مسئولاً عن وزارة الآثار، فضلاً عن اعترافه بأنه تعلم فن الحفائر من أهالى قفط، بحسب الريس على فاروق سيد القفطاوى، ريس عمال الحفائر بمنطقة آثار مصر العليا، والمشرف على جميع عمال الحفائر العاملين فى المنطقة وأحد أبناء عائلة السليك.

يجلس الريس على فاروق، الرجل الستينى، بجلبابه وعمامته وفى يده عصا، لا يمسكها إلا من حصل على لقب الريس، ينظر إلى عصاه مبتسماً: «العصاية دى دليل الرياسة ودا تقليد من أيام جدنا صديق السليك كان بيتفاءل بالعصا ولما كان بيمشى مع الدكتور سليم حسن ويسأله هنحفر فين فى الموقع كان الريس صديق بيشاور بعصايته على مكان الحفر ولما العمال بيحفروا بيلاقوا اكتشافات فى المكان ومن ساعتها الريس بقى يمسك عصاية اقتداء بالريس صديق».

40 عاماً هى الفترة التى قضاها الريس «على» فى الحفائر، حيث بدأ العمل مع أعمامه عندما كان يبلع من العمر تسع سنوات، بدأ بحمل التراب فى «المقاطف» لمدة 3 سنوات وتدرج بعدها فى العمل حتى أصبح فنى حفاير وبمرور 13 عاماً على بداية دخوله المهنة تسلم العصا وأصبح ريساً.

يتذكر «على» أول يوم أمسك بالمسطرين والفرشاة وأصبح فنى حفائر، وقبل أن يبدأ عمله استدعاه أعمامه وطلبوا منه «العهد» لم يفهم الشاب العشرينى ما القصد من العهد، ليردد العم «عاهدنا يا ولدى على عرق الأجير ومال الوقف ما تخنهوش»، توقف «على» أمام الجملة التى لم يفهم معناها أو قيمتها عندما أصبح مسئولاً: «الحاجة اللى مش بتاعتنا ماتلزمناش».

العهد وصيانة الأمانة يجد فيهما الريس على كلمة السر والسبب فى نجاح «القفطيين» واعتماد البعثات الأجنبية عليهم: «اتعلمنا إن أى حاجة نطلعها من الأرض عينينا عليها لحد ما الأثرى يشوفها وياخد قياستها ويسجلها وما نستريحش إلا لما تدخل قدام عينينا جوه المخزن.. دا عهد واللى يخون العهد يا ويله».

كلمات إنجليزية بلكنة لا يمكن تفرقتها عن اللكنة الأم يتحدث «على» عن سبب بقاء القفطيين فى مهنة الحفائر: «الفراعنة ما ماتوش لأن أعمالهم لسة موجودة وزى ما الفراعنة عملوا آثار مصر. السليكات، نسبة إلى صديق السليك، اكتشفوا آثار مصر وعلّموا أجيال مش بس فى مصر لكن فى جميع أنحاء العالم».

زيارات متكررة لبلاد أجنبية لإلقاء محاضرات عن تاريخ مهنة الحفائر وتدريب طلاب الجامعات، يقوم بها الريس على، كان أهمها زيارته إلى المملكة المتحدة وخاصة متحف «بيترى» والذى سمى بهذا الاسم لأنه يحتوى على مجموعة من الآثار التى اكتشفها عالم الآثار وليم فلندرز بيترى أثناء قيامه بأعمال الحفائر فى مصر والسودان: «بيترى تقريباً كان أول واحد اشتغل فى الحفاير فى مصر وجدى الريس صديق السليك كان بيشتغل معاه ولما زرت المتحف لقيت اسم جدى موجود بصفته ريس العمال اللى كان مسئول عن عمال الحفاير فى بعثة بيترى، بس الأجانب كانوا كتبينه السبيكى وأنا فهمتهم أن نطقها غلط وإن الاسم الصح سليكى».

الاعتراف بفضل الجد الكبير «صديق» لا يستطيع أن ينكره أحد من القفطيين فهم ما زالوا يتغنون بأمجاد الجد الأكبر أثناء عمليات الحفائر مرددين أغنيتهم المشهورة: «عمدة البلاد دنقل عمدة الآثار صديق السليكى، عمدة البلاد دنقل ريس الآثار صديق على القفطاوى».

يبتسم الرجل ويده تهذب شاربه: «دنقل دول ولاد عمنا من قفط ومنهم طلع الشاعر أمل دنقل وعائلة دنقل كانت ماسكة عمودية البلد عشان كده بنردد فى أغانينا ساعة الحفر دنقل والريس صديق السليكى وبعدها اسم الريس المسئول حالياً عن الحفر».

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل