المحتوى الرئيسى

صور نادرة لأول مرة.. صياد اللاسلكي: الإسرائيليون هربوا زي السمك

04/24 23:51

صور نادرة لأول مرة.. صياد اللاسلكي: الإسرائيليون هربوا زي السمك

وارتفع العلم يُنادينا ..يكتبُ أسماء الشهداء، بلال عانق مينا وامتزجت بالرمال الدماء .. الساتر يهوي والألغام .. السلك الشائك والأوهام .. اللهب السائل فوق الماء وأكذوبة بارليف صارت سِفرًا منسيًا ، بل عارًا ابديًا بجبين الأعداء.

بهذه الكلمات بدأ جندي استطلاع سعد زغلول حديثه الحصري مع"دوت مصر"متذكرًا أول مرة استقبلته رمال سيناء المُثخنة بالجراح عام 1970 ليروي في تفاصيل نادرة عن دوره العظيم في حرب أكتوبر كجندي مجهول من آلاف الجنود العِظام، فندخل معه أرض المعركة كما لو كانت الآن، فالذاكرة لازالت طازجة تحمل أسماءا ومواقف لأبطال استردوا لمصر وديعتها الغالية "سيناء أرض الأنبياء" في ذكرى تحريرها.

"صياد اللاسلكي" كما كان يُطلق عليه في الجبهة، لم يكن مجرد لقب، بل كانت مهمة صعبة، استطاع زغلول بفضل اجادته للغة العبرية أن يحصل عليه بجدارة بعد أن كبد العدو الاسرائيلي خسائر فادحة من خلال ما حصل عليه من معلومات خطيرة ابان فترة الحرب كانت عاملًا رئيسًا في تحقيق النصر لمصر وتحرير سيناء و لتترك قوات الجيش المصري لمن تبقى على قيد الحياة من الجيش صاحب الأسطورة المزيفة بأنه"الجيش الذي لا يقهر" ذكريات مُفجعة لا تنمحي بمرور الزمن .

عن ذكرياته ابان فترة حرب أكتوبر المجيدة لاسترداد سيناء، خاصة مع الأسرى الإسرائيليين، يقول زغلول: "كانت التعليمات لنا هي الحصول على أكبر عدد من الأسرى قدر الإمكان، وحسن معاملتهم ومعالجتهم إذا ما كانوا مصابين وذلك كونهم مصدرًا هامًا للمعلومات فيما بعد، وبالفعل عاملناهم بإنسانية عكس مافعلوا مع أسرانا فى حرب 67، وتجلى ذلك فى رسائلهم الموجهة لأسرهم حيث اعترفوا بحسن التعامل، وأذكر أن أحدهم بعد مفاجأة الحرب قال بالنص" لقد أخطأنا خطأ كبيرًا عندما توهمنا بأن الجنود المصريين لن يستطيعوا عبور قناة السويس شرقاً وينقضوا على خط بارليف" ، لقد كنت أسمع كل قادة اسرائيل على أرض المعركة وأعرف أماكنهم ونبلغ بها قواتنا للتصدي لتحركاتهم، ولازلت أذكر حتى الآن صرخات أحد قادة المدرعات الإسرائيلية لقواته وهي تتقهقر أمام هجمات أبطال الصواريخ المضادة للدبابات قائلًا:"أيها الجبناء ..لما تهربون كالأسماك ؟"، و وآخر يقول:"لاتبذروا فى الذخيرة"، وذلك قبل امداد الجسر الجوي الأمريكي الذي أغرق الميدان بأسلحة كثيرة متطورة كمًا وكيفًا مثل قنابل الليزر و الدبابات الحديثة و قنابل "البلي" المحرمة دوليًا وكذلك معدات الحرب الأليكترونية الحديثة.

قائد سلاح الجو الإسرائيلي يصرخ" لا تقتربوا من قناة السويس بمسافة 15 كيلومتر"

مفاجأة عبور القوات المصرية لخط بارليف، لم تكن بالأمر المُستوعب لدى الجنود الاسرائيليين، لقد كانت الصدمة أكبر منهم والهلع اصاب الجميع، وعن ذلك يتذكر زغلول قائلًا:" عندما قامت طائراتنا بالتحليق لتشق سماء الصمت متجهة إلى أهدافها فى عمق سيناء، كان الأمر مفاجئًا ومرعبًا لجنود خط بارليف خاصة عندما زأرت المدافع بالغضب وصبت نار الجحيم على الحصون، راحوا يصرخون وهم مرعوبون، وبدأوا ينقلون الصورة إلى قيادتهم في كلمات اذكر منها " زلزال يهز الأرض ، آلاف الجنود يعبرون إلينا، مئات الزوارق، إنهم يلتفون حول الحصن، نيران بازوكا و قذائف اللهب، الكوماندوز المصريين يحاصرون الحصن، إنهم فى خنادقنا، لدينا العديد من القتلى والجرحى، ارسلوا إلينا معاونة و امدادات سريعة ، أين سلاح الجو، ارسلوا فورًا سلاح الجو"، و في خضم لحظات الرعب التي اصابتهم استمعت بنفسى لإجابة قائد سلاح الجو الإسرائيلى والذي قال لهم نصًا:"حسب التعليمات من القيادة العليا سلاح الجو الإسرائيلى غير مسموح له بالإقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كم" واعتبر تلك شهادة من العدو ببطولة رجال الدفاع الجوي المصري وحائط الصواريخ الذى حرم العدو الجوي من الإقتراب و أمن رؤوس الجسور والمعابر المصرية

صائد اللاسلكي و لوحة عبرية من مخلفات الحرب على الجبهة

محادثة خطيرة بين موشى ديان و شلومو اردنيست

سعد زغلول كان مختصًا برصد تحركات العدو ونشاطه البري والبحري والجوي فى الجبهة واكتشاف نوايا العدو ومنعه من التسلل لأعمال الإستطلاع أو التخريب وذلك من خلال المراقبة المستمرة للحصول على معلومات تفيد مراقبة دوريات العدو والإتصالات مع القيادة، ومن أخطر المكالمات التي التقطها صياد اللاسلكي الجندي زغلول وقتها يقول:"استسلم موقع لسان بور توفيق الحصين في 13 أكتوبر 1973 ويومها سمعت محادثة بين قائد الموقع الحصين الرهيب الضابط "شلومو أردنيست" و القيادة العليا للجيش الاسرائيلي وتحديدًا كانت مع "موشى ديان – وزير الدفاع"بنفسه ، وذلك بعد أن حاصرت قواتنا الخاصة "شلومو" لمدة أسبوع وكان الشعب الإسرائيلي كله يتابع أخبار هذا الموقع المُحاصر بخوف و رعب من أن تقوم قواتنا باقتحامه وتدميره على من فيه، وأتذكر جانباً من المحادثة :

* موشى ديان :هل تستطيع الصمود ؟

- شلومو : هل تستطيعون نجدتنا وإنقاذنا؟

*.موشى ديان: نعتقد لا ، و لكنك غير مرغم على الاستسلام ، القرار بيدك.

- شلومو : لاأعتقد و أطلب الإستسلام ..لدى قتلى وجرحى.

* موشى ديان : رتبنا عملية الاستسلام مع الصليب الأحمر، إعط أمرًا للجنود برفع رؤوسهم أمام التلفزيون المصرى ! هل تريد شيئاً آخر ؟

- شلومو : طمئنوا الأسر أننا بخير و أبي و أمي ..واتصلوا بصديقتى (....) وأبلغهوها أنى حملت صورتها معي !!

وبالفعل استسلم 37 من جنود العدو، و تم نقل القتلى إلى إسرائيل (حسب الإتفاق) و لكن الجرحى نقلوا للعلاج عندنا ، و أدى الضابط "شلومو أردنيست" التحية للعلم المصري أمام ضابط الصاعقة المصرية الرائد / زغلول فتحى فى حضور العقيد أركان حرب / فتحى عباس أحمد - قائد المخابرات الحربية بالسويس ، واذكر وقتها أن الجنود الذين استسلموا لم يرفعوا رؤوسهم من الإعياء وذل الوقوع فى الأسر " كأسرى حرب" كما طلب موشى ديان!

يتذكر الجندي زغلول قائلاً:" لقد اعتادت المخابرات الحربية على عمليات استطلاع أرض سيناء وجمع المعلومات بشكل دقيق، حيث تم زراعة شبكة متكاملة من ضباطها و رجالها من "منظمة سيناء العربية" والذين كانوا عيون قواتنا التي تراقب تحركات العدو وترسل لنا بالمعلومات ، وكانت مهمتى هى مراقبة اتصالات الدوريات الإسرائيلية على الجبهة و تحركاتها كذلك فى المناطق التي كان بها رجال الضفادع البشرية حتى لايتم اكتشافهم قبل أن يصلوا إلى أماكن تمركزهم بسلام ، وقد اشتركت في عملية تأمين هؤلاء الأبطال على شاطيء القناة طوال 48 ساعة حتى استطاعت قواتنا سد مواسير "النابالم الحارقة" والتي إذا ما كانت اشتعلت كانت ستجعل من سطح الماء اتونًا طافيًا يمكن أن تندلع منه ألسنة اللهب إلى ارتفاع متر وترتفع درجة الحرارة إلى 700 درجة لتحرق القوارب والدبابات البرمائية، بل إن هذا السعير يمكن أن يشوي الأسماك التي في قاع قناة السويس وتلفح الأشخاص الذين يبعدون عنها مسافة 200 متر، حيث استطاعت الضفادع البشرية في الليلة التي سبقت العبور مباشرة بسد فتحات المواسير والبالغ عددها360 فتحة، ولم تفلح اسرائيل في اشعال حريق واحد طوال العبور".

صلوات من التوراة ومربى المشمش !

هل كانوا فعلًا قادرين على الحرب، خاصة أنهم كانوا يقولون على انفسهم " نحن الجيش الذي لا يُقهر" البطل المصري سعد زغلول يتذكر ضاحكًا:" بالطبع لا ، فعندما كنا ندك حصونهم ونفتش ما تبقى من اماكنهم وكمائنهم كنا نوقن أن هؤلاء لا يعرفون شيئًا عن الحرب و صعوبتها، فأذكر على سبيل المثال أنني عثرت على انبوب في أحد الكمائن، واعتقدت في البداية أنه معجون أسنان أ وحلاقة ، وبعد أن قمت بترجمة ما هو مكتوب عليه أكتشفت أنها عبوة مربى مشمش منتجة خصيصًا للجيش الاسرائيلي ! لقد كانوا مرفهين و" متدلعين على الآخر و مش متوقعين إننا نحارب أبدًا، أنا كنت واقف قصادهم على شاطيء القناة ..أراهم وأسمعهم ليل نهار، وحتى يوم العبور العظيم كانوا يضعون بجانبهم كتب صلوات من التوراة لكي يقرأونها يوم عيد الغفران! لقد قمنا بإنهاء تلك الأسطورة المزيفة للأبد في 6 ساعات، ليس هذا فقط ، بل إن الآلاف منهم تعرض لصدمات نفسية عنيفة تحدث عنها الكاتب الاسرائيلي الشهير زائيف شيف في كتابه" زلزال حرب يوم الغفران" والذي اعترف به أن حرب أكتوبر هي أول حرب يحتاج فيها الجنود والضباط الاسرائيليون لعلاج نفسي من صدمة القتال !

صرخات قائد اسرائيلي اثناء ثغرة الدفرسوار

بينما لم ينسى الجندي زغلول يومًا صوت القائد الإسرائيلى أثناء "ثغرة الدفرسوار" بقوله:" ظل يصرخ ويقول"جهنم فتحت أبوابها و القصف المدفعي العنيف لايتوقف، خسرنا الكثير من الدبابات والرجال، لدي حوالي 300 قتيل وجريح ..ارسلوا طائرات الهلكوبتر بسرعة للإخلاء"، وظل يصرخ و لم تستطع الطائرات الوصول إليهم بسبب شدة القصف المصري بكل الأسلحة، حتى تمكنوا بعد ذلك من إخلاء قتلاهم وجرحاهم إلى ال ( המגרש) وهي الساحة الواسعة على الشاطيء الشرقى للقناة، حيث كنت قد التقطت في تلك المكالمة ايضًا معلومات خطيرة تفيد بخطة تمركز القوات الإسرائيلية المتسللة إلى الغرب و تم إبلاغ القيادة العامة بالقاهرة ومن ثم تم توجيه ضربات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة، وظل القائد الإسرائيلي يصرخ حتى الصباح "إننا فى الجحيم..أرسلوا طائرات الإخلاء..لدى مئات القتلى والجرحى ) وفي هذا اليوم تمت ترقيتي إلى رقيب أول مجند.

" افتح هذه الورقة "

لم تتوقف بطولات الجيش المصري لتحرير سيناء على المهام القتالية، فمن ضمن تكتيكات الحرب، اسلوب الحرب النفسية، والذي يتحدث عن احدى صورها زغلول قائلًا:" قمت بكتابة وثيقة عبرية ابان ثغرة الدفرسوار وقد كانت تحتوي على صور لقتلى اسرائيليين في الحرب وألقيناها عليهم فى الثغرة لكي نرعبهم حينما يروا صور قتلاهم، وكان مكتوب بها بالعبرية " هل تحقق لهم الأمن والسلام ؟، ابتعد عن هذا المصير ..كل واحد منهم صدق كلام قادته أن المدرعات سوف تحمى حياته ..أين ذهبت المدرعات وأين الجنود الذين كانوا بداخلها ..افتح هذه الورقة ..النتيجة بالداخل" .

نداء بالعبرية للجنود المحاصرين " ارفعوا العلم الأبيض تكونون في أمان"

اتقان زغلول للعبرية لم يكن فقط نافذة هامة لاستطلاع كل اخبار العدو وتحركاته، بل جعله يقوم بكتابة وقراءة النداء المصري الذي وجهته قواتنا الباسلة للجنود الاسرائيليين المحاصرين بعد عبور قناة السويس قائلًا:" قمت بكتابة نداء إلى الضباط والجنود الاسرائيليين داخل الحصون للاستسلام كان نصه كالآتي" نداء للضباط والجنود في الحصون، استمعوا جيدًا لحديثي، موقعكم محاصر، دباباتنا عبرت وتواصل تقدمها باتجاه الشرق، صدقوني لن يأتي أحد لإنقاذكم، لا الدبابات و لا سلاح الجو، أيها الجندي عد إلى بيتك بسلام إلى أبيك و أمك وكل عائلتك الذين ينتظرونك أن تعود إليهم بسلام ..سوف نعاملكم معاملة حسنة حسب اتفاقية جنيف ..سنقدم العلاج للجرحى ..فقط استسلموا لقواتنا وارفعوا العلم الأبيض ..تكونون فى أمان وتعودوا للبيت بسلام"، وبالفعل استسلم الآلاف منهم بعد هذه النداء وهم منكسي الرأس ليتم اسرهم..

صائد اللاسلكي سعد زغلول الذي ارعب الاسرائيليين

اتصال خطير بين قائد الجبهة الاسرائيلية وقائد المدرعات ينتهي باغتياله

لا تتوقف بطولات سعد زغلول عند هذا الحد، فيروي أنه استطاع التقاط اتصال خطير ما بين الجنرال "شموئيل جونين" قائد الجبهة مع الجنرال أبراهام ماندلر(البرت) قائد المدرعات الإسرائيلية ، ليتم تحديد مكانه و تم قتله وكل من معه يوم 11 أكتوبر 1973بنيران مباشرة على مكان تواجده، والذي كان قتله ضربة قاسمة للجيش الاسرائيلي فقد كان من ابرز القادة الذي تتفاخر به اسرائيل ، أما "جونين" فقد أعلنت لجنة "اجرانات" التي قامت بالتحقيق في أسباب الإهمال خلال الحرب بأن "جونين" يتحمل مسؤولية المخاطر التي وقعت فيها فرق من الجيش أثناء القتال، و أوصت اللجنة بتنحيته من منصبه ليستقيل سنة 1974 من عمله في الجيش ويذهب إلى أفريقيا لإدارة بعض الأعمال و توفي سنة 1991.

قبل معارك أكتوبر كان العدو الإسرائيلي يعيش في غطرسة وغرور كبيرين، فمن خلال المطبوعات والخطابات الغرامية التي يبلغ عدد صفحات الخطاب الواحد منها 35 صفحة عرفنا أن إسرائيل تثق في البقاء في سيناء للأبد، فيقول:" لقد دخلنا إلي مواقعهم الحصينة، قرأنا كتبهم وأفكارهم المغرورة، واذكر أنه في أحد الكتب التي طبعت قبل الحرب بشهر واحد فقط ، كتاب "حسنا أنك جئت" الذي كان موجهًا للجنود الاسرائيليين حيث تقول مقتطفات منه بعد أن قمنا بترجمتها "إن أي تفكير من جانب مصر أن تجدد القتال هو كمن يضغط علي زناد مسدس مصوب إلي قلبه! فمن المعلوم جيدًا أن سيناء أرض إسرائيلية، و اعلم أيها الجندي وأنت في خط بارليف أنك تدافع عن البيت بعيدًا جدًا من البيت، و عليك منع العدو من عبور القناة فرادى أو جماعات وعلينا أن نبقي القناة هكذا معطلة". هذا كان غرورهم قبل الحرب، لكن بعد الحرب اعترفوا بالزلزال والمفاجأة التي محت اسطورتهم المزيفة للأبد .

صائد اللاسلكي و أحد الخرائط النادرة للحرب

الخريطة السرية (סריוס ) – سريوس

يفخر جندي الاستطلاع سعد زغلول بترجمة خريطة هي الأخطر من نوعها والتي مكنت القوات المصرية من رصد كل مواقع العدو ومراكز قيادته والتي يقول عنها:" اعتبر أن اعظم مهمة قمت بها اثناء فترة خدمتي هي ترجمة خريطة (סריוס ) - سريوس الخطيرة، والتي استطعنا بعد ترجمتها من التمكن من فك شيفرة كافة مواقع العدو ومراكز قيادته وكشف تحركات قواته وتحديدها بأجهزة خاصة ، مثل اكتشاف الهجوم المضاد نحو "الفردان" والذى فشل وتم على اثره أسر عساف ياجورى قائد الفرقة 190 مدرعات اسرائيلية، والذي رفع يديه إلى أعلى وأخذت يصيح فى وجوه الضباط المصريين وهو يبكي "أنني جنرال .. أنا جنرال .. لا تقتلوني .. أريد مقابلة قائدكم" .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل