المحتوى الرئيسى

نرفانا محمود تكتب: الشريعي.. عندما تمس الموسيقى وتر قلبك | ساسة بوست

04/24 20:38

منذ 6 دقائق، 24 أبريل,2017

ولد كفيفًا لم يبصر الدنيا، ولكن الله حباه بصيرة نافذة استطاع من خلالها أن يرى الدنيا بإحساسه ويبدع أجمل الألحان، فلم يستمع أحد إلى موسيقاه إلا وقد أثرت في وجدانه، ولا عجب؛ فقد أبدعها بقلبه فمست شغاف قلوبنا.

ولد عمار الشريعي في ١٦ أبريل عام ١٩٤٨ في صعيد مصر وسط بيئة صلبة لطالما خرج من جنباتها مبدعون، تحديدًا في سمالوط محافظة المنيا، ودرس بمدرسة المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين.

بدأت موهبته في الظهور عندما اشترى والده بيانو له فعشق العزف وبدأ شغفه بالموسيقى، وبعد أن تخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة عين شمس بدأ عمله عازف أكورديون ثم عازف أورج وذاع صيته وقتها نظرًا لبراعة عزفه، ثم اتخذ طريقه للتلحين.

كان طموحًا مثابرًا فاستطاع عن طريق المراسلة أن يدرس التأليف الموسيقي، وبعدها التحق بالأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى.

تعاون الشريعي مع أجيال مختلفة من المطربين والشعراء، بدءًا من وردة ومها صبري وعفاف راضي وعلي الحجار ومحمد منير ومحمد الحلو ومحمد ثروت، مرورًا بأنغام وهدى عمار ولطيفة ونيللي ولبلبة وحتى آمال ماهر وغادة رجب وطارق فؤاد وأحمد سعد، وغيرهم كثيرين، فأثمر هذا التعاون أكثر من 150 أغنية و50 فيلمًا و150 مسلسلاً و30 عملاً إذاعيًا و10 مسرحيات.

يكفي أن نذكر منهم «الشهد والدموع» و«البريء» و«حب في الزنزانة» و«أرابيسك» و«حديث الصباح والمساء» لتشهد على مدى براعته في رسم واقع لم يستطع أن يراه، بالموسيقى.

كما قدم الشريعي عدة برامج للإذاعة والتلفزيون منها «غواص في بحر النغم» و«مع عمار الشريعي»، و«سهرة شريعي» الذي استفاض فيه في التحليل الموسيقي لبعض من أجمل المقطوعات الموسيقية، وذلك من خلال لقائه بعدد من الموسيقيين، ولم يقف عند حد تحليل المقطوعات، بل إنه أفرد عدة حلقات من برنامجه عن المقامات الموسيقية وعلاقتها بترتيل القرآن الكريم مستضيفًا فيها أشهر قراء القرآن الكريم في مصر والعالم العربي كفضيلة الشيخ أحمد الرزيقي – رحمه الله-.

جمعته بسيد حجاب علاقة صداقة فريدة من نوعها، فجرت طاقة إبداعية عند كلاهما؛ فكان عمار يرى الواقع من خلال كلمات سيد حجاب فيجعلها نابضة بالحياة، معبرة عن أفراحنا تارة، وعن أحزاننا تارة أخرى.

وينفلت من بين إيدينا الزمان

كأنه سحبة قوس في أوتار كمان

تأمل سحبة قوس الكمان في هذا اللحن لا نستطيع معها إلا أن نذوب شجنًا على أعمارنا التي انفلتت منا.

هذه الكيمياء التي جمعت بينهما أثمرت عددًا من الإبداعات أبرزها «الشهد والدموع»، «الأيام»، «الحدود»، «أرابيسك» وغيرها الكثير.

نال الشريعي عددًا من الجوائز الفنية على مدار مشواره الفني، نذكر منها جائزة مهرجان فالنسيا بإسبانيا عام ١٩٨٦ عن موسيقى فيلم البريء.

جائزة الحصان الذهبي لأحسن ملحن في إذاعة الشرق الأوسط لسبعة عشر عامًا متتالية.

جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، عام ٢٠٠٥.

ارتبطت الأغاني الوطنية بالشريعي منذ موسيقى «رأفت الهجان» ومرورًا بـ«دموع في عيون وقحة» و«العائلة» و«الحدود» و«حبيبتي من ضفايرها طل القمر»، وحتى أوبريت «اخترناه» وأوبريت «الحرية» الذين أبدعهما في حب الرئيس مبارك.

وعلى الرغم من هذا الحب لمبارك فإنه قد انحاز لجموع الشباب أثناء الثورة وطالب مبارك بالرحيل في مكالمة أبكت مصر بأكملها.

تقول الإعلامية ميرفت القفاص زوجة الشريعي إنه كان يأخذ كل شيء على أعصابه، ومنذ اندلاع الثورة قد تضامن مع المتظاهرين، وكان ينزل إلى الميدان كل يوم حتى أصيب بأزمة قلبية لازمته طوال العام حتى توفي على إثرها في السابع من ديسمبر عام ٢٠١٢ تاركًا خلفه مكتبة غنائية حافلة بالألحان التي ستظل تخلد ذكراه إلى الأبد.

عمار، يا خي روحي يا روح حرة يا كروان زماني

‎مع مين أفضفض وأبوح إذا زماني رماني

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل