المحتوى الرئيسى

الانتخابات لن تغير سياسة إيران المتطرفة.. والرئيس "دمية"

04/24 12:15

يتساءل المحللون والمراقبون للشأن الإيراني، عما إذا كان ما يسمى بالرئيس المعتدل حسن روحاني سيحتفظ بمنصبه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي ستجرى الشهر المقبل، أم سيتعرض للهزيمة من قبل منافسه المتشدد إبراهيم رئيسي الذي يعرف بدوره الرئيسي في مجزرة عام 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي

وبحسب تقرير بصحيفة "آسيا تايمز" الصينية، من الخطأ إجراء أي تمييز بين "المتطرفين" و"المعتدلين" في المؤسسة السياسية الإيرانية، لأن كلا منهما لا يزال موالياً للثيوقراطية. على سبيل المثال، إذا كان البعض يعتبر الرئيس حسن روحاني معتدلاً، فإن الحقائق الموثقة جيدا تثبت أنه مسؤول عن إعدام أكثر من 30 ألف إيراني خلال فترة حكمه.

وعلاوة على ذلك، فإن إيران تورطت في عهد روحاني بالحروب الجارية في سوريا والعراق واليمن. وقالت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية شبه الرسمية، إن حكومة روحاني قد فعلت المزيد من أجل دفع تطوير الأسلحة الاستراتيجية مؤخرا عما تحقق في العقد الماضي.

وهذا يدل بوضوح على أن الرئيس روحاني، الذي يعتبره البعض معتدلا، ليس له تأثير على سياسة الدولة التي تسير في طريق مناهض تماما لأي معنى من معاني الاعتدال؛ وبالتالي فهو ينفذ سياسات وضعت في مكتب المرشد الأعلى المتطرف علي خامنئي. ولذا يؤكد التقرير أنه أيا ما كانت نتيجة انتخابات الرئاسة الإيرانية المقبلة، فلن يكون هناك تحول في الأهداف الأساسية لطهران التي تتركز على الهيمنة الإقليمية وتطوير الأسلحة النووية.

واستبعد التقرير أيضا أن تعطل نتيجة الانتخابات الرئاسية السياسة الخارجية الإيرانية، نظرا إلى أن المرشد الأعلى هو صانع القرار النهائي، وطالما أن المرشد لم يتغير، لن تتغير السياسات.

وتجسد إيران المعنى الحقيقي للثيوقراطية الإسلامية، حيث يمارس رجل واحد، هو المرشد الأعلى، السيطرة الأيديولوجية والسياسية على نظام يهيمن عليه رجال الدين الذين يسيطرون على جميع مفاصل الدولة الرئيسية.

ويستند النظام الإيراني إلى ولاية الفقيه، والحكم المطلق لرجال الدين، ومجرد لمحة على هذا النظام يجعل من الواضح للمراقبين أنه لا يوجد أي احتمال للتغيير. والمرشد الأعلى هو السلطة النهائية، ويمكن وصف الرئاسة بدقة بأنها وظيفة رمزية.

في نظام ولاية الفقيه في إيران لا يمكن أن تكون هناك انتخابات ديمقراطية حقيقية، وإنما هى مجرد عملية اختيار ينفذها المرشد الأعلى، فكما رأينا لم يسمح بالتنافس في انتخابات الرئاسة إلا الأشخاص الذين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور، والذي يخضع فعليا لهيمنة المرشد، ولهذا على سبيل المثال تم استبعاد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد. ولعل من السخرية أن يتم استبعاد نجاد من انتخابات الرئاسة بدعوى "عدم صلاحيته للترشح"، رغم أنه رئيس سابق، ورغم أن مجلس صيانة الدستور أقر بصلاحيته من قبل أن يصبح رئيسا. لكن السبب ببساطة يكمن في أن نجاد خالف أوامر المرشد علي خامنئي الذي طلب منه عدم الترشح.

كما أن المراقب للأوضاع السياسية في إيران عن قرب سوف يدرك عدم وجود أحزاب سياسية ديمقراطية في هذه المؤسسة، وأن الموجود فقط فصائل مختلفة مخلصة تماما للنظام، تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة داخل المؤسسة.

وتحدد المادة 110 من الدستور الإيراني أهم جوانب صلاحيات المرشد الأعلى وسلطته. وبصفته القائد العام، يملك علي خامنئي السلطة لشن الحروب وإعلان السلام، وتعبئة القوات المسلحة. كما أنه يعتمد تعيين الرئيس بعد تصويت الشعب، ويمكنه إقالة الرئيس إذا اعتقد أنه لا يخدم مصالح الدولة، ولديه سلطة تعيين وقبول استقالة أعضاء مجلس صيانة الدستور، وهي هيئة تتألف من 12 عضوا، نصفهم من رجال الدين الذين يختارهم المرشد أيضا، كما يقوم بتعيين كبار المسؤولين القضائيين ورؤساء أجهزة التلفزيون والإذاعة الحكومية ورؤساء الأركان المشتركة للقوات المسلحة وقائد الحرس الثوري وكبار القادة العسكريين والأمنيين.

ولهذا كله يؤكد المحللون أن السياسة الخارجية لإيران لن تتغير، وكذلك موقفها الاستراتيجي، بشكل كبير بسبب نتيجة أي عملية انتخابية. وعلى الرغم من أن الرئيس هو الوجه الإنساني وممثل للنظام الإسلامي في طهران، إلا أنه ليس صانع القرار التنفيذي الأول.

وبدلا من ذلك، تتمثل سلطته في الساحة الداخلية، خاصة في إدارة الاقتصاد وتأطير النقاش الأخلاقي، وتوصيل رسائل إيران إلى العالم، فيما يضع المرشد الأعلى المعايير العامة للسياسة والاستراتيجية الخارجية الإيرانية، ما يترك للرئيس مجالا محدودا للمناورة في تحديد العلاقات الدولية للبلاد.

ولعل البعض يتساءل: طالما أن المسألة كذلك، فلماذا تجرى الانتخابات؟

هناك هدفان رئيسيان لإجراء الانتخابات في إيران. الأول هو إشعار المواطنين الإيرانيين بدورهم في شؤون الدولة؛ والثاني هو إساءة استخدام "الشعب" و"الانتخابات" كأداة لتوفير الشرعية لدكتاتورية مطلقة من أجل إسكات المعارضين من خلال تولي موقف ديمقراطي. لكن هذا الوضع الراهن للسيطرة الثيوقراطية في السياسة الإيرانية لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، حيث إن 70٪ من السكان الإيرانيين تحت سن 35 عاما، وهم مهتمون بشدة برؤية التغيير السياسي في المستقبل.

وتفتقد الغالبية العظمى من الإيرانيين حقا للديمقراطية الشرعية والمساءلة والشفافية، وإنشاء هذا النوع من الديمقراطية يتطلب فصلا واضحا للدين عن الدولة.

كما أن الظروف التاريخية والحالية تشير إلى أن الإيرانيين في نهاية المطاف سوف ينجحون في فصل الدين عن السياسة، ولن يرفضوا انتمائهم للشيعة، بل سيعيدونها إلى مكانها المناسب في المجتمع.

وينبغي لزعماء وشعوب الدول الأخرى أن يساعدوا بقوة الإيرانيين الذين يسعون إلى تحرير أنفسهم من الهيكل الحالي، ومن شأن الانتقال من الثيوقراطية الشيعية إلى نظام حكم ديمقراطي أن يفيد الشعب الإيراني إلى حد كبير، وأن يفضي إلى الاستقرار والسلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل