المحتوى الرئيسى

الحرب على «تجار الموت» بـ«طبول السلام»

04/24 08:26

ملابس ألوانها زاهية، يرتديها راقصون من جنسيات مختلفة، آلات موسيقية متنوعة، تمتزج حركاتها فى تناغم بديع، فتخرج ألحانا راقصة، تطرب لها آذان المستمعين وتهفو معها أرواحهم، شباب وفتيات وأطفال وقفوا يشاهدون العروض فى حالة تماهى تامة مع المشهد، تاركين أجسادهم تبوح بما يدور فى أذهانهم من مشاعر وأسرار. 

أعضاء «الأقصر للفنون» يتقاسمون المعاناة لحفظ تراث الأجداد

من مدينة الفن والجمال، جاءت فرقة الأقصر للفنون الشعبية لتشارك فى مهرجان الطبول، رافعة شعار الحفاظ على أغانى المحافظة وهو الدور الذى تحاول الفرقة القيام به منذ أن ظهرت إلى النور فى 2009. ياسر، أحد العازفين فى الفريق، بلغ من العمر 32 عامًا، حصل على بكالوريوس تجارة إلا أنه لا يهوى شيئًا قدر موسيقاه: «بنحاول نحافظ على تراثنا اللى ورثناه من آبائنا وأجدادنا، ومن 2009 لحد دلوقتى زرنا 11 دولة حولالعالم، آخرها كان أمريكا من 6 أشهر»، ويضيف: «بنعمل 9 حفلات فى الشهر بمساعدة وزارة السياحة، نقدم الرقصات والأغانى الموجودة فى الأقصر من قديم الأزل».

يعانى «ياسر» وزملاؤه من ضعف المقابل المادى، لكن ذلك لا يقف عائقا أمام تقديم فنون أجدادهم. الفريق يضم راقصين، راقصات، عازفين وإداريين، و6 معينين والباقون يعملون متطوعين دون تعيين أو تأمين. 

ولأن لكل فريق غنائى مدربا محترفا، تولى أحمد عبدالرازق، مهمة تدريب الفريق رغم كونه من أبناء محافظة القاهرة، فخبرته فى العمل كأحد أعضاء فرقة رضا كانت سببًا فى قبوله مهمة تدريب الفريق. 

يقول «عبدالرازق»: «نتدرب 6 ساعات يوميًا، ولمدة 20 يومًا قبل أى عرض مهم، واخترت فريق الأقصر بالذات لأنى قبل ما أدربهم درست تراث الأقصر، وعملت دراسات فى الرقص، وكنت أقدم عروضا فى أماكن معروفة».

وكما يشترك الجميع فى الرقص والغناء، يتشاركون العناء ذاته، وهذا ما يشعر به «صالح» : «عندى 4 عيال بضطر أشتغل بليل فى الأفراح علشان ألاقى أكلهم، ده لأن شغلى الصبح فى الفرق مبيدخليش فلوس تعيشنى».

يضيف «صالح» : «شاركت مع الفرقة فى مسابقات كتير وكنا بناخد المركز الأول كمان، لكن مكنش حد بيهتم بينا ولا حتى بيدونا جوايز رمزية مقابل فوزنا».

فرقة العريش: «الناس متعرفش غير إننا من محافظة الصحراء والنخل»

من «أرض الفيروز» إلى قاهرة المعز، جاءت فرقة العريش للفنون الشعبية لتطلع العالم على الفن السيناوى المجهول، بعد أن يجوبوا دروب سيناء وصحاريها بحثًا عن هذا التراث ليل نهار.

تيسير عبداللطيف الرجل الستينى - عازف عود - يحكى قصة الفريق: «بدأنا الفرقة من سنة 80، بعد انتهاء حرب 73، بنجمع هواة الفن علشان يشاركوا معانا فى الحفاظ على تراث سيناء، وبيشارك معانا طلاب المدارس والجامعات اللى بيحبوا ينضمولنا لإننا الفرقة الوحيدة اللى بتجمع التراث السيناوى».

 يتابع «عبداللطيف»: «بنشارك فى مهرجان الطبول كل سنة، لأنه بيجمع الفنون من أنحاء مصر والعالم، وبنعرض الفن بتاعنا، وبنلاقى تفاعل كبير، لأن الفن السيناوى ناس كتير متعرفش عنه حاجة».

بزيه البدوى الشهير، وقف عبدالجواد، عازف العود فى فرقة الوادى الجديد للفنون الشعبية، وملامح الفخر تبدو عليه، يقول: «الناس متعرفش حاجة عننا غير إننا مكان صحراء وفيه نخل»، فهذا ما جعله يصر على المجىء إلى مهرجان الطبول. 

«عندنا أغانى وتراث شعبى ورقصات، بنتمنى العالم كله يشوفها مش بس المصريين».. ويؤكد عبدالجواد أن هذه المحافظة لديها ما تجود به وتقدمه للحضارة المصرية، أكثر بكثير من مجرد النخل والصحراء.

«بنات تروض الحصان».. أشهر رقصات فرقة الشرقية

من الشرقية زحفت فرقة «الفنون الشعبية»، للمشاركة فى المهرجان وتقديم أشهر أغنياتهم ورقصاتهم التراثية.

«مهرجان الخيول فى قرية بلبيس»، «بنت تروض الحصان»، «فرح شرقاوى عبارة عن عريس وعروسة ومأذون»، «الحواية محمد»، هذه هى عناوين رقصات الفرقة التى تقدمها فى أى مهرجان تشارك فيه، حسب الراقص «محمد».

 يوضح هذا الصبى ذو الستة عشر عامًا، الذى رافق الفرقة منذ نشأتها رغم سنه الصغيرة: «اشتغلت مع الفرقة من أول ما بدأت، وعددنا 40 شخص، الكبار بياخدوا مرتب، لكن الصغيرين اللى زيى بناخد حاجة اسمها مصروف جيب، ولما بنكبر بناخد مرتب صغير»

«السمسمية» رسول بورسعيد إلى قلوب العالم

لم يكن العرس الفنى التراثى ليكتمل دون سماع صوت «السمسية» يأتى من بعيد، ليكتمل الفرح بإيقاعها المبهج، وتعلن عن قدوم فرقة بورسعيد للفنون الشعبية. 

أحمد طه، أحد أعضاء الفريق يتحدث عن عروض فرقتهم الاستثنائية: «زى ما شاركنا فى مهرجان السنة اللى فاتت، شاركنا السنة دى، وهنفضل نيجى كل مرة يتعمل فيها المهرجان».

يقدم الفريق رقصات فنية لإسعاد ضيوف المهرجان من كل مكان فى العالم: «الرقصات الاستعراضية تصميم الفنان محمد أبوصالح، على أنغام السمسمية والآلة الأشهر كلاكيت الملاعق، مدموجة بأغانى التراث الشعبى البورسعيدى، مثل أغنية آه يلالى للفنان حسن أبوصالح».

مدير إقليم القاهرة الكبرى: العين بصيرة والإيد قصيرة

المسئولون عن تحديد الميزانية للعروض الثقافية لا يملكون إلا انتظار الفرج.. وليد الجمال، مدير الشئون الفنية لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد، يؤكد أن الأمر ليس بيديه كما تظن الفتيات: «دى لائحة الأنشطة الفنية الخاصة بالعروض الفنية للهيئة العامة لقصور الثقافة، هى اللى بتحدد الميزانية، والبنات بيكونوا عارفين إنهم هيتقاضوا مبلغ كذا، لأن ميزانية الثقافة من ميزانية الدولة قليلة ولا تحتمل أعباء إضافية».

يتمنى «الجمال» أن تغير الدولة سياستها: «بيقولوا الفترة الجاية هيبقى فى خصم 10 % كترشيد للإنفاق الحكومى، لكن أنا شايف إن ميزانية الثقافة لازم تكون أكبر من الداخلية، لأن قبل ما نحارب الإرهاب لازم ننشر فكرنا الثقافى».

فتيات الاستعراضات: ٩٠ جنيهًا مرتب الشهر

فتيات يتراقصن على أنغام موسيقى تراثية، يغنين بأصواتهن الرنانة، تحل البهجة على المكان، وتعم الفرحة بألوان ثيابهن التى غالبًا ما تتخذ الطابع التراثى للمحافظة التى جئن منها، دائمًا حاضرات فى الاحتفالات القومية والأعياد الوطنية، يغادرن المسرح لتبدأ حياتهن اليومية بكل هدوء. 

رغم كل ما يعانينه ينتظرن المهرجان السنوى للطبول للمشاركة فيه، ليضفن إلى حياتهن بعضا من التحدى والمرح.

 من بين المشاركات فرقة شبين القناطر للموسيقى والغناء الشعبى، التابعة لوزارة الثقافة، منى عبدالباسط، وهى تتحدث عن مشاركتها: «بدأت مع الفرقة من أول ما أنشئت فى سنة 2000 وتم اعتمادنا فى 2004، معايا دبلوم تجارة، وفى الوقت نفسه من حفظة القرآن الكريم، وده اللى خلانى أتجه للإنشاد الدينى».

«القبض فى الشهر 90 جنيهًا، زاد وبقى 170 جنيه وكمان مش كل شهر».. تحصل «منى» على هذه الجنيهات المعدودة نظير قيامها بأداء الرقصات الشعبية والتراثية وحرصها على الحفاظ على ماضى مدينتها.

تتذكر «منى» رفيقاتها اللائى لم يعدن إلى جانبها: «كان فى عناصر نسائية كتيرة فى الفرقة ناس اعتزلت وناس ماتت، وكلنا بنحاول نروح للستات الكبار ونسألهم عن الأغانى زمان وكانوا بيقولوا إيه فى موسم القطن، ونقعد مع بعض الموسيقيين ونغنى، عشان نحيى التراث، وكمان بنجيب أغانى المعروفين فى تاريخ التراث الشعبى زى خضرة محمد خضر، فاطمة عيد، وزكريا الحجاوى».

جاءت رغدة حجاج، من الأقصر للمشاركة مع فرقتها الشعبية فى مهرجان الطبول: «عندى 18 سنة، فى تالتة ثانوى، وبقالى 7 سنين فى الفرقة، استلمت الراية من أختى بعد ما اتجوزت، ولأن كل أهلى وقرايبى بيحبوا تراث الأقصر شجعونى أدخل الفريق وأكمل فيه».

«مشاركتى فى الفرقة بتشجعنى على المذاكرة والتفوق، والدليل إنى طلعت التانية على المدرسة، ومش أنا لوحدى كمان معايا زميلتى دينا عصام، أصغر واحدة فينا لسه فى 3 إعدادى».. تجعل «رغدة» حبها للفنون الشعبية شمعة تضىء طريق نجاحها العملى. 

ومن مدينة الزقايق، خرجت سمر كمال 26 سنة قاصدة شارع المعز بالقاهرة فهى تؤدى الفنون الشعبية لأكثر من 11 عاما حتى الآن، ومازالت ترقص رغم كل ما تمر به: «لما يكون عندنا مسابقة مبنلاقيش فلوس نجيب بيها هدوم، وبيقولوا مفيش ميزانية، عشان كدا بنلاقى اللى لابسة جلبية مقطعة واللى تجيب هدوم بمعرفتها».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل