المحتوى الرئيسى

لمن «البوكر»؟ (ملف خاص)

04/23 22:58

الإعلان عن اسم الفائز بالجائزة الأشهر للرواية بمعرض الكتاب في «أبو ظبي»

في فبراير الماضي، أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة لعام 2017، واشتملت على ست روايات، هي: «السبيليات» للكاتب إسماعيل فهد إسماعيل، و«زرايب العبيد» للكاتبة الليبية نجوى بن شتوان، و«أولاد الغيتو- أسمى آدم» للكاتب إلياس خوري، و«مقتل بائع الكتب» للكاتب سعد محمد رحيم، و«فى غرفة العنكبوت» للكاتب محمد عبد النبي، و«موت صغير» للكاتب محمد حسن علوان.

ومن المقرر أن يتم إعلان الرواية الفائزة في حفل توزيع الجوائز بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب، الثلاثاء، وسيحصل كل من المرشحين الستة النهائيين على 10 آلاف دولار، أما الفائز بالمركز الأول سيحصل على 50 ألف دولار إضافية، فضلًا عن تأمين ترجمة الكتاب الفائز إلى اللغة الإنجليزية.

وكانت القائمة الطويلة قد ضمت 16 رواية صدرت خلال الـ12 شهرا الماضية، وتم اختيارها من بين 186 رواية ينتمي كتابها إلى 19 بلدا عربيا من قبل لجنة تحكيم مكونة من خمسة أعضاء برئاسة الروائية الفلسطينية سحر خليفة.

منسقة الجائزة ترد على اتهامات التسييس: اللجنة تعمل باستقلالية ونزاهة وأعضاؤها أحرار

«فلور مونتانارو» هو الاسم الأكثر تداولا من قبل محكمي «البوكر»، والمتابعين للجائزة العالمية نظراً لمهامها كمنسقة للجائزة الأبرز في مجال الرواية، سألتها «الدستور» عن اختيارات لجنة تحكيم البوكر وكيف تتم، فقالت إن مجلس الأمناء يعين عددا من الأعضاء، بحيث تعكس اللجنة توازناً في السنّ والجنس، والخبرة، مشيرة إلى أن أربعة من أصل خمسة، يكونون من العالم العربي، وواحد ليس عربيا لكنه يتقن العربية وهو متخصّص بالأدب العربي، حيث يضيف لعملية التحكيم منظورا وذوقا مميزا.

وأضافت: «يمكن للكتّاب (غير المرشّحين للجائزة) والأكاديميين والنقاد والصحافيين وسواهم من الشخصيات الثقافية المهتمة بالأدب أن يكونوا أعضاء في لجنة التحكيم، لكن لا يحقّ للناشرين أن يكونوا ضمن أعضاء اللجنة».

وعن التوزيع الإقليمى للجائزة، تؤكد «فلور» أن اللجنة لا تأخذ في الاعتبار مسائل الجنسية أو الديانة أو السياسة أو النوع أو العمر، وأن مهمتها هي اختيار أفضل رواية في تلك السنة فنيا، مستدركة: «للعلم، فاز بالجائزة العالمية للرواية العربية كل من بهاء طاهر ويوسف زيدان في عامي 2008 و2009 وهما من مصر، كما فاز بالجائزة عامي 2010 و2011 كل من عبده خال ورجاء عالم وهما من السعودية».

وبسؤالها حول المسئول عن تسريبات نتائج الجائزة هذا العام؟، قالت: «نعم، أعلنت رئيسة اللجنة نتائج القائمة القصيرة قبل الإعلان الرسمي بساعات، واعتذرت عن ذلك الخطأ غير المقصود على نفس الصفحة على «الفيس بوك» في نفس اليوم».

وعن جدوى «البوكر» وأهميتها ودورها في تطوير الإبداع، تؤكد «فلور» أنه لا يمكن للجائزة تحسين الأعمال الإبداعية، بمعنى أنها لا تستطيع تصحيح الأخطاء اللغوية والإملائية في الروايات المقدّمة لها، ولا يمكن لأي جائزة أن تفعل ذلك، وأنه على الكتاب والناشرين تحمُّل مسؤولية الكتابة والتحرير، بينما تكمن مهمة الجائزة في مكافأة التميز في الأدب العربي وتسليط الضوء على الروايات الجيدة.

وتلفت إلى أن نشاط الجائزة لا يقتصر على منح الجائزة السنوية لأفضل رواية، وإنما بادرت الجائزة بعقد ورشات إبداعية للكتّاب الشباب في العام 2009 واستمرت إلى الآن، وتهدف لتنظيم لقاء يجمع بين الكتّاب الناشئين الموهوبين لتبادل الأفكار وتطوير مهاراتهم الأدبية بمساعدة اثنين من الكتّاب المتمرسين كمشرفين.

وردا على الجدل المثار حول الجائزة وما يقال عن «تسييسها»، قالت: «الجائزة كسبت ثقة الكتاب والناشرين والقراء، والدليل إلى ذلك هو زيادة مبيعات الروايات التي تصل إلى مراحل الجائزة الأخيرة، إضافة إلى اهتمام الناشرين الأجانب بنتائجها فور إعلانها. لذا أصبحت الجائزة مبتغى الكتاب، وبالتالي تثير، مثل كل الجوائز الأدبية المهمة، الجدل. لكن نرى أن الجدل حول الأدب صحي، طالما أن هناك نقاشا يدور حول الأعمال الإبداعية ونقاط قوتها أو ضعفها».

وترفض «فلور» ما يتناقله البعض حول تسييس الجائزة، قائلة: «لا تسييس في الجائزة ولا يتدخل مجلس أمناء الجائزة في عملية التحكيم، بعد لحظة تعيين لجنة التحكيم، تعمل اللجنة باستقلالية ونزاهة تامة وأعضاؤها أحرار في اتخاذ قراراتهم».

«في غرفة العنكبوت».. كيف تناولت الرواية العربية المثلية الجنسية؟

تعد المثلية الجنسية، إحدى القضايا المهمة والشيقة بالنسبة للكاتب والقارئ معًا، إذ تقوم الكثير من هذه الروايات بمهمة الباحث الاجتماعي، أو الأخصائي النفسي، فنجدها تركز على محاولة فهم طبيعة المثليين بالبحث وراء أسبابهم ودوافعهم الاجتماعية، والنفسية، والبيولوجية، فأرجعت بعض الروايات دوافع المثليين إلى أسباب اجتماعية كالفقر والقهر، كرواية "رائحة القرفة"، لسمر يزبك، أو نفسية تكون غالبا في مرحلة الطفولة، كالاغتصاب على سبيل المثال، كما في "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني، وروايات أخرى عالجت الأمر على أنه ميول جنسية فطرية يولد بها الشخص، وتكبر معه.

وتعتبر "الخبز الحافي"، لمحمد شكري، من أوائل الأعمال التي تطرقت لهذا الموضوع بجرأة، وفتحت الباب لكُتاب آخرين لمعالجة القضية ذاتها، برغم أنها لم تكن العمل الأول في هذا الجانب، كما أن كتب التراث العربي لم تغفل عنها.

واعتبرت بعض الروايات أن المثلية الجنسية حقوق اجتماعية، وحرية شخصية، كرواية "أنا هي أنت" لإلهام منصور- التي جسدت القضية عبر الشخصية الرئيسية الضائعة وسط مجتمع رافض لهويتها الجنسية- بينما ذهبت روايات أخرى إلى عكس ذلك، كما في "عزيزي السيد كواباتا" لرشيد الضعيف.

والأعمال الروائية التي تناولت المثلية، وضعتها شخصية ثانوية، كما رأينا في "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة"، لخالد خليفة، أو كشخصية رئيسية كما في روايات "حجر الضحك" لهدى بركات"، و"في غرفة العنكبوت"، لمحمد عبد النبي، والصادرة عام 2016م، عن دار العين، والمرشحة للفوز بجائزة "البوكر"، هذا العام.

ويمكن القول إن "في غرفة العنكبوت"، تنتمي إلى هذه الروايات التي تتناول المثلية الجنسية، باعتبارها حقا مسلوبا من الفرد داخل المجتمع، ولم يكن أسباب أبطالها للانخراط في المثلية، اجتماعية، بل يمكن اعتبارها أسبابا نفسية وبيولوجية، لشخصيات مهزومة، والرواية عمومًا تلقي الضوء على عالم المثليين وأسرارهم، وطقوسهم، وأماكن تعرفهم على بعضهم البعض.

وتتخذ الرواية مما أطلقت عليه الصحافة اسم "كوين بوت" تلك الواقعة التي جرت في مصر عام 2001م، يوم أن قبضت الشرطة المصرية على عدد من المثليين، موجهة لهم تهمة الفجور، وقدمتهم للمحاكمة، في واقعة أثارت الرأي العام، واستندت إليها الرواية محورًا وحدثًا أساسيًا، تدور في نطاقه، وركزت بشكل أساسي على ما يعانيه المثليون في المجتمع من اضطهاد، ونظرة دونية، بداية من إلقاء الشرطة القبض عليهم، ومعاملتهم بطريقة غير آدمية، بقصد المهانة.

وعبر شخصية "هاني"، الذي كان واحدًا من هؤلاء، يقدم لنا الروائي عرضًا نفسيًا، وتحليلا اجتماعيًا، لعدد من المثليين، الذين أقام "هاني" علاقة معهم، سواء قبل أو بعد القبض عليه. ويمضي المؤلف في عرض نماذج مختلفة لهؤلاء، سواء فكريا، أو اجتماعيا، بالتركيز على أحلامهم، وهواجسهم، ومخاوفهم، وتعاطيهم مع المجتمع الرافض لوجودهم، وكيفية التعايش أو التكيف في ظل محيط يعتبر ميولهم الجنسية فجورا، ما يدفعهم إلى الانتحار أحيانا.

والروائي محمد عبد النبي، في روايته، لا يكتب بمنطق المدافع، أو المهاجم، ولم ينزلق في مأزق الانحياز معهم أو ضدهم، ولم يظهر صوته الشخصي مطالبًا بالحرية للمثليين، وبحقهم في الحياة كما يختارون، ولم يقل إنهم لا يستحقون العيش بأمان، بل قام بعرض دقيق لحياتهم، ومشاعرهم، ومخاوفهم، كما قدم رؤية المجتمع لهم، وخصوصًا الحكومة والصحافة التي اتخذت من الواقعة مادة خصبة لموضوعات صحفية مثيرة بانتهاك خصوصية أسر المتهمين، وفي النهاية ترك الرأي للقارئ.

«زرايب العبيد» الليبية.. هل يوّحد الأدب ما فرقته السياسة؟

ست رواية في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، واحدة منها ستفوز، وهو ما أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بالتوقعات والتكهنات، ولكل أسبابه في ترشيحه روايته المفضلة، لكن تبقى حظوظ «زرايب العبيد» للروائية الليبية نجوى بن شتوان، الأوفر؛ لأسباب عدة.

إلى جانب قيمتها الأدبية، وكونها رواية اجتماعية تتميز بالجرأة في انتقاد بعض العادات الاجتماعية السيئة في ليبيا، فإن «زرايب العبيد» تركز بشكل أساسي على قضية العبودية في مطلع القرن العشرين، وتكشف جزءا مهما من هذا التاريخ المطوي، وتزيح الغطاء عن المسكوت عنه في هذا الجانب.

من يرشحون «زرايب العبيد» يشيرون إلى عدم فوز أي أديب ليبي بالجائزة منذ انطلاقها عام 2007م، برغم صعود الروائي الليبي إبراهيم الكوني، المقيم في سويسرا، إلى القائمة الطويلة لعام 2009م، عن روايته "الورم"، وصعود الليبية رزان نعيم المغربي، عام 2011م، إلى القائمة الطويلة، بروايتها "نساء الريح". وبالنظر إلى الأسماء التي وصلت للقائمة القصيرة لهذا العام، نجدها تنتمي لجنسيات سبق وأن فازت بالجائزة.

سبب آخر، وهو العامل السياسي، وما تعانيه ليبيا من صراعات سياسية، وانقسامات حادة، وحرب أهلية، قد تكون دافعا آخر لإعلان فوز "زرايب العبيد"، في رسالة توحيد ليبيا تحت لواء الأدب، بعد أن قسمتها السياسة.

ثمة ضرورة أدبية قد تدفع لجنة التحكيم، لإعلان "زرايب العبيد" بوكر 2017م، هو عدم انتشار الأدب الليبي في الوطن العربي، لعدة أسباب سياسية وإعلامية، منها الغياب النقدي المتابع للإنتاج الروائي الليبي، وضعف التوزيع الذي ساهم في عزلة الرواية الليبية وأعاق انتشارها وتطورها، وجعلها مقتصرة على النخبة الثقافية فقط، باستثناء إبراهيم الكوني الذي كان سفره إلى سويسرا عاملا مهما لانتشاره، إلى جانب عدد من الأسماء الليبية القليلة.

وعامل مساعد إضافي، يجعل الإشارة إلى فوز الرواية الليبية، هو وجود الناقدة الأكاديمية والروائية الليبية فاطمة سالم الحاجي، وما قد يكون لها من تأثير على باقي أعضاء اللجنة.

وتتكون لجنة تحكيم الجائزة لهذا العام، برئاسة الروائية الفلسطينية سحر خليفة، والروائية المصرية سحر الموجي، والأكاديمية صوفيا فاسالو، والمترجم الفلسطيني صالح علماني، والناقدة الليبية فاطمة سالم الحاجي.

والروائية الليبية نجوى بن شتوان، حاصلة على ماجستير في التربية وهي مساعد محاضر في جامعة قار يونس. شاركت في العديد من الندوات والفعاليات الثقافية داخل وخارج ليبيا. لها مؤلفات عديدة في مجال الرواية والقصة والمسرح.ومهتمة بتاريخ العبودية في ليبيا.

نقاد: قيمتها الحقيقية فى الانتباه إلى الأصوات الجديدة

الناقد الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، قال إن وجود مثل هذه الجوائز يثري المشهد الإبداعي، وبعيدا عن قيمتها المادية، فإن هناك قيمة معنوية تتمثل في لفت الانتباه إلى أصوات جديدة وشابة.

وعن الأعداد الكبيرة التي تتقدم للجائزة وكيف تتعامل معها لجنة التحكيم، أوضح «عبد الحميد» أن هناك آليات للعمل بلجان التحكيم، أولها «الاستعداد» وعليه يتم وضع ضوابط للعمل، مشيرا إلى أن هناك لجانا استشارية ومجلس من أمناء الجائزة، تكون مهمتها ترشيح أسماء لجنة التحكيم، لافتاً إلى أنه لا مانع في وجود أسماء صحفية في لجان تحكيم الجائزة، خاصة إذا كانت هذه الأسماء لها علاقة مباشرة بالكتابة الإبداعية ومشتبكة مع ما يتم تقديمه في المشهد الروائي، لكن بشرط أن يكون الصحفي المشارك موضوعيًّا، ولا تتحكم فيه الأهواء الشخصية.

الكاتب الصحفي سيد محمود، أحد المحكمين في لجنة الجائزة الدورة الماضية، قال إن هناك مجلسا لأمناء الجائزة مكون من كتاب وناشرين وأكاديميين، وهم مسئولون عن ترشيح لجنة التحكيم، بينما توزع منسقة الجائزة الأدوار على اللجنة، بالإضافة إلى أن مجلس أمناء الجائزة يتغير كل عامين.

ونفى "محمود" ما تداول عن وجود ضغوط تتم على لجنة التحكيم من أجل تزكية عمل أدبي بعينه للفوز، مؤكدا أن إشارة «عبده وازن» في إحدى تصريحاته الصحفية بأن ثمة ضغوط على لجنة التحكيم بالبوكر «غير صحيح»، ولا تتم ممارسة أي ضغوط بحكم تجربته كمحكم.

وبسؤاله حول من يراه يستحق أن يقتنص «البوكر» هذا العام؟، قال «محمود» إن الروايات الست المقدمة للبوكر هذا العام كلها جديرة بالفوز، وعلى الرغم من أنه قرأ ثلاثة أعمال منها، إلا أنه يري في روايتي «غرفة العنكبوت» لمحمد عبد النبي، و«أولاد الجيتو» جماليات فنية، لافتاً إلى أنه في النهاية هناك فائز واحد تختاره ذائقة لجنة التحكيم.

«محمود» انتقد دور النشر وترشيحاتها للأعمال، قائلا إنها لا تدقق فيما تقدم، وإن لجان التحكيم بالجائزة لا تطمئن أبداً في اختياراتها، مضيفا أنه لابد من وجود ضوابط للتقديم لتلك الجائزة، وهو ما بدأت «البوكر» في القيام به.

- الجائزة العالمية للرواية العربية أنشئت في عام 2007 في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.

- تمنح الجائزة في مجال الرواية حصرًا ويتم ترشيح قائمة طويلة يستخلص منها قائمة نهائية (قصيرة) من ست روايات لتتنافس فيما بينها على الجائزة وتمنح الرواية الفائزة خمسين ألف دولار أمريكي بالإضافة إلى عشرة آلاف دولار لكل رواية من الروايات الستة ضمن القائمة القصيرة.

- يقرأ أعضاء لجنة التحكيم كل الروايات المرشّحة ، وقد يزيد عددها على مئة رواية.

- يحصل كل من المرشّحين الستّة النهائيين على 10,000 دولار.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل