المحتوى الرئيسى

حكاية 17 عامًا من نضال المدينة الباسلة ضد عودة تمثال ''ديليسبس''.. ''صور''

04/23 15:38

عودة تمثال فرديناند ديلسبس، المهندس الفرنسي صاحب مشروع حفر المجري الملاحي لقناة السويس، إلى قاعدته المطلة على المدخل الشمالي للمجري الملاحي لقناة السويس في محافظة بورسعيد، بمثابة صداع وملف شائك في حقيبة كل محافظ يتولي المنصب بالمدينة الباسلة، خصوصًا بعد إزالة التمثال على يد فدائيي المدينة أثناء العدوان الثلاثي عام 1956، إلا أنهم تركوا القاعدة التي لا تزال موجودة حتى الآن.

بداية الحديث عن عودة تمثال "ديليسبس" إلى قاعدته مرة أخرى كانت في عهد رئيس الجمهورية السابق، محمد حسني مبارك، عندما أعلن المهندس عصام الزهيري، رئيس لجنة السياحة والإعلام بالمجلس الشعبي المحلي بالمحافظة أمام لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بمجلس الشعب عام 2009، عرض "جمعية محبي فرديناند ديليسبس" بدولة فرنسا دفع مبلغ 50 مليون يورو سنويًا مقابل إعادة التمثال لقاعدته وإقامة حفل سنوي يحضره آلاف السياح من مختلف البلدان بقارة أوروبا، إلا أنه قُوبل برفض شعبي رغم وجود اتجاه داخل الحزب الحاكم وقتها بقبول العرض.

في فبراير من عام 2014 أعلن اللواء سماح قنديل، محافظ بورسعيد السابق، إجراء معاينة لموقع قاعدة التمثال بواسطة عميد كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، لوضع تمثالين بجانب تمثال ديليسبس، مشيرًا إلى إعادة التمثال لمكانه في نهاية الممر باتجاه مدخل قناة السويس، وفي المنتصف تمثال الفلاح أو العامل المصري الذي حفر القناة، بالإضافة إلى تمثال للزعيم الراجل جمال عبد الناصر الذي أمم القناة .

ونوه محافظ بورسعيد وقتها إلى أنه يجري التنسيق مع إدارة المتاحف العسكرية بالقوات المسلحة، لوضع تصور للشكل العام وعرضه على المحافظة، مؤكدًا أن التمثال يمثل تاريخًا حقيقيًا لقناة السويس، ومن المقرر تنفيذه لدى الاستقرار على الشكل النهائي، إلا أن الرفض الشعبي ينتصر مرة ثانية وترضخ الدولة لإرادة الشعب من جديد.

قال الفدائي محمد مهران، أحد أبطال العدوان الثلاثي الذي فقد عينيه علي أيدي العدو -بصوت غاضب-: "سأتصدى بتوعية الشرفاء من أبناء المدينة بأي محاولة لإعادة التمثال، إذ أجرم المدعو "ديليسبس" في حق مصر 3 مرات وليس مرة واحدة، الأولى عندما تسبب في موت أكثر من 120 ألف مصري في أثناء حفر القناة، والثانية بسرقة القناة -بحسب وصفه- لتمليكها لبلده، والثالثة عندما غدر بالزعيم أحمد عرابي وأوهمه باستحالة مرور القوات الإنجليزية من القناة.

وتساءل الفدائي البورسعيدي: "هل بعد كل ما فعله في حق مصر تكون النهاية هي تكريمه ووضع تمثاله الذي أزالته أيدي الفدائيين الطاهرة الوطنية الشريفة في واحدة من أجمل بقاع الأرض؟".

أبدى البدري فرغلي، عضو مجلس الشعب السابق ورئيس اتحاد أصحاب المعاشات، استيائه الشديد من الحديث عن إعادة تمثال "ديليسبس" مرة أخرى، واصفًا الأمر بـ"العار والجهل"، مؤكدًا أنه مهما كانت الإغراءات والعوائد المالية على المدينة من تلك الخطوة، فدماء أجدانا الذين حفروا القناة وأبطال العدوان الثلاثي الذين أسقطوا التمثال أغلى من كنوز الدنيا كلها.

وأضاف "فرغلي": "أثناء عضويتي في المجلس الشعبي المحلي عام 1979 عرض المحافظ الراحل اللواء السيد سرحان المشروع ولكن المجلس رفض"، مضيفًا أن المحاولات مستمرة طوال 30 عامًا ماضية، وبورسعيد مليئة بالكنوز التي يمكن الاستفادة منها وضخ المليارات سنويًا إلى خزانة الدولة بدلًا من هذا العار.

وأكد البرلماني السابق أن أبناء بورسعيد مستعدون للنضال مجددًا ضد عودة وضع التمثال الذي يمثل عودة الاستعمار من جديد.

التقى اللواء عادل الغضبان، المحافظ الحالي، بجمعية أصدقاء ديليسبس، عدة مرات منذ تولي مهام منصبه، وكشفت مصادر مطلعة بديوان عام المحافظة أن الملف الرئيسي في جميع اللقاءات التي جمعتهما كان عودة التمثال وما ستقدمه فرنسا لمصر وبورسعيد خاصة في حالة إعادة تمثال "ديليسبس" إلى قاعدته، إلا أن قلق المحافظ من رد الفعل الشعبي دفعه لتأجيل القرار، مؤكدًا للمقربين منه أنه "قرار سيادي".

وأعلن مطلع العام الجاري إنشاء تمثال للمارد المصري الذي حفر القناة بنفس حجم تمثال ديليسبس، على شكل يد تحمل معولًا تخرج من مياه القناة، وذلك ضمن الاحتفالات بمرور ١٥٠ عامًا على افتتاح قناة السويس القديمة.

وأشار "الغضبان" إلى أنه عرض على وفد من جمعية أصدقاء ديليسبس بدولة فرنسا، برئاسة أرنو راميير، الرؤية المصرية للتطوير والحفاظ على التراث المعماري بالمحافظة الذي يطغى على أغلبه الطابع الفرنسي، مشيرًا إلى أن مقترح تطوير التراث المعماري مقسم إلى ٣ مناطق الأولى تشمل شارع صلاح سالم وشرقه وقاعدة تمثال ديليسبس ومبني قبة هيئة قناة السويس والفنار القديم، مضيفًا أن التطوير سيمتد حتى حديقة فريال التي بدأ منها حفل افتتاح قناة السويس، وذلك لاستغلالها في الاحتفال القادم ببانوراما صوت وضوء و٣ منصات رئيسية، فضلًا عن متحف قناة السويس والبازار.

Comments

عاجل