المحتوى الرئيسى

خيبة أمل تضطر بعض اللاجئين للانزلاق إلى الجنس مقابل المال

04/23 13:40

فتى فلسطيني-سوري، جاء إلى ألمانيا عام 2015، وكله أمل في أن يحضر عائلته إلى ألمانيا لاحقا. حلمه إحضار أخته الصغيرة -عمرها ثماني سنوات- ووالديه الذين ما زالو جميعا يعيشون في سوريا قرب دمشق إلى برلين. لحسن حظه في البداية أنه أقام في مركز لرعاية القاصرين في العاصمة الألمانية، بعد أن تم تصنيفه كطفل قاصر. لكن بعد فترة قصيرة أصبح عمره 18 عاما، وبالتالي تم إخراجه من مركز رعاية القاصرين.

وفي برلين اضطر للإقامة مع طالبي لجوء آخرين في قاعة رياضية، عادةً ما يسكن في مثلها عشرات الوافدين الجدد في بداية إقامتهم في ألمانيا. لكن لم يكن يوجد مرشدون اجتماعيون يعتنون بطالبي اللجوء في القاعة، ولم يكن يوجد غير أفراد الأمن. وخلال شهور من العيش في القاعة الرياضية، كان بعض الفتية الشباب الساكنين معه في نفس القاعة يضايقونه. كانوا يضربونه ويهددونه ويسخرون منه بشكل متكرر.

كما أنه كان حاصلا على حماية ثانوية فقط في ألمانيا، أي لمدة سنة. وكان يخاف من أن يتم ترحيله. فخرج من القاعة واختفى منها. وأصبح لا يحصل على مساعدات مالية، لأنه لم يكن لديه عنوان رسمي معين يسكن فيه في ألمانيا. والعنوان ضروري لتلقي المساعدات. فانجر إلى عالم تجارة الجنس وتعاطي المخدرات. وقدم  "خدمات جنسية" لأحد كبار السن مقابل السكن والعيش معه لمدة نصف سنة.

كان ذلك أحد الأمثلة التي ذكرتها لموقع مهاجر نيوز ديانا هينيغيس من مبادرة "موآبيت هيلفت" الألمانية المعنية برعاية اللاجئين في برلين. ولا يقتصر تقديم الجسد مقابل المال على لاجئين وطالبي لجوء من أفغانستان وباكستان وإيران، بل هناك بعض الوافدين من سوريا والعراق أيضا يفعلون ذلك، ابتداءً من سن الـ 16 وحتى عمر الـ 25 بل وقد تصل أعمارهم أحيانا إلى سن الـ 35.

منظمة "موآبيت هيلفت" رصدت العديد من حالات

شباب وفتية وحدهم في ألمانيا دون عائلاتهم

لقد جاؤوا وحدهم دون عائلاتهم إلى ألمانيا و"منهم أطفال بلا راعٍ أو معين، لكن بلوغ سن الثامنة عشرة لا يعني أن الطفل قد أصبح راشدا، وهذا ما تنساه السلطات كثيرا"، كما تؤكد ديانا هينيغيس، مشيرةً إلى أن انزلاق بعض الوافدين إلى تجارة الجسد يعتمد على عوامل عديدة، مثل: حالة الإقامة ومدتها ودرجة التعليم وما إذا كانوا مدمنين على المخدرات أو ما إذا كانوا متشردين في الشوارع.

رالف روتين مدير منظمة "هيلفه فور يونغس" المعنية  بمساعدة اللاجئين في برلين يؤكد لموقع مهاجر نيوز وجود الكثير من الشباب والفتية الذين يبيعون أجسادهم مقابل المال. فالعاملون الاجتماعيون لديه يقابلون أسبوعيا -منذ أكثر من عام- العديد منهم إما في حديقة تيرغاردِن أو في مقر المنظمة خلال المواعيد الاستشارية معهم أو في أماكن أخرى في برلين، ومنهم وافدون جدد من سوريا وبلدان عربية أخرى أيضا في العشرينيات من العمر. وتحاول منظمته أيضا إسداء النصح لهم فيما يتعلق بمرض الإيدز والأمراض الجنسية. وقد أسدى العاملون الخمسة لديه النصيحة لـ 282 وافدا جديدا في حديقة تيرغاردن وحدها.

وقد بدأ التنبه لهذه الظاهرة بعد أن اشتكى بعض السكان في برلين للشرطة من وجود فتية وشباب يتجولون في الشوارع بشكل مستمر ليلا في محيط مساكنهم، كما تقول ديانا هينيغيس. وشاهد صحفيون من قناة "إر بي بي" الألمانية رجالا نزلوا من سيارتهم ثم تواصلوا مع شباب لاجئين في حديقة تيرغاردن. وكان أحد الرجال يشرب مشروب طاقة ثم تحدث مع أحد الشباب واختفى معه بين أحراش الحديقة.

وذكر الصحفيون أنهم تحدثوا مع شاب أفغاني يافع - في الثامنة عشرة من عمره- في الحديقة ذاتها في برلين، قال إن سبب ابتعاده عن أبيه هو أنه تشاجر مع والده في مسكن اللاجئين في ولاية زاكسن أنهالت. وذكر الشاب أن سبب الشجار هو أنه كان يريد اعتناق المسيحية، بحسب تعبيره. في حين أن علاقته انقطعت مع بقية العائلة. وقد حصل هذا الشاب على "تسامح" وهو تأجيل للترحيل من ألمانيا، بحسب ما قرأ الصحفيون في وثيقة أراهم إياها عند حديثه معهم، قائلاً إنه هرب من مسكن اللاجئين خوفا من أن يتم اعتقاله لأنه يعتقد أنه سيتم ترحيله. لكنه لا يملك المال ولذلك ينام في الحديقة. ونفى الشاب أنه هو نفسه يعتاش من الدعارة مع كبار السن، لكنه أكد وجود يافعين يمارسون الجنس مع كبار في السن طلبا للمال.  

"اللاجئون لا يختلفون عن الألمان إلا في اللغة"

ومنذ خريف عام 2015 بعد موجة اللاجئين في ذات العام، شهد مرشدون اجتماعيون وأطباء ومدراء مساكن اللجوء في ألمانيا حالات عديدة لوافدين جدد اضطروا لبيع أجسادهم مقابل المال، ومعظمهم من أفغانستان وباكستان. وهم ليسو من القاصرين فحسب بل ومن الشباب الذين تزيد أعمارهم عن ثمانية عشر عاما. وذلك رغم أن الدين الإسلامي والقوانين في بلدانهم يمنعان ذلك.

وتشدد ديانا هينيغيس على أن "اللاجئين لا يختلفون في هذا السياق عن الألمان"، مؤكدةً وجود مثل هذه الحالات أيضا بين الألمان، ومضيفة: "الشيء المختلف هو اللغة". واللغة هي وسيلة الوصول إلى النظام المساعدة الاجتماعية الألماني المعقَّد الذي حتى الألمان أنفسهم قد يحتاجون إلى مساعدة على فهمه أحيانا، "وهذا قد يؤدي إلى كوارث بالنسبة لبعض اللاجئين".

ولهؤلاء الشباب والفتية الحاجات ذاتها التي يحتاجها أي وافد جديد. ولديهم المشكلات نفسها التي يمر بها أي لاجئ أو طالب لجوء في ألمانيا. فهم يحتاجون إلى مساعدة في المعاملات لدى السلطات الألمانية مثل: مكتب الأجانب. وفضلا عن الطعام والشراب والمأوى يحتاجون إلى ملابس وأحذية وتذاكر للمواصلات وكذلك من الضروري أن يتعلموا اللغة الألمانية. غير أن هذه المشكلات تكون لديهم أكبر من غيرهم كونهم شبابا في مقتبل أو قاصرين تحت سن الثامنة عشرة، وبالتالي فإن دَوْر المبادرات والمنظمات الاجتماعية في ألمانيا مثل "موآبيت هيلفت" و "هيلفه فور يونغس" لا غنى عنه في رعاية هؤلاء.

 عوائق أمام المنظمات والمبادرات الاجتماعية

الكثير من المنظمات والمبادرات الاجتماعية تسعى لمساعدة هؤلاء الشباب والفتية، لكنها أيضا تحتاج إلى مدخول مالي من التبرعات أو من الدعم الحكومي، والمشكلة في مجالات العمل الاجتماعي في ألمانيا أنه يجب تقديم طلب إلى الحكومة بشكل مستمر بين كل فترة والأخرى للتمكن من دفع رواتب للعاملين في المجال الاجتماعي، علاوةً على توفير مرشدين اجتماعيين مجيدين -بالإضافة للغة الألمانية- للغات العربية والفارسية والدارية والباشتو والأوردو. فمثلا، حدث لإحدى المنظمات أن وظفت مترجما لكن السلطات الحكومية أعطت دعما ماليا في هذا الشأن لثلاثة أشهر فقط. وقلة العاملين في رعاية الفتية والشباب يزيد المشكلة سوءا، كما ترى ديانا هينيغيس.

فحصول بعض الشباب على حماية ثانوية أي إقامة لجوء لمدة عام يصيبهم بخيبة أمل لأنهم لا يكونون عندها قادرين على لم شملهم بعائلاتهم، كما يطاردهم شبح الترحيل من ألمانيا. وهو ما يضطرهم إلى الخروج من مساكن اللاجئين والبحث عن مصادر أخرى للرزق بعيدا عن المساعدات الحكومية.

انقطاع المساعدات قد يدفع بعض اليافعين والشباب لتقديم خدمات جنسية مقابل المال

دوافع لانزلاق بعض الوافدين الجدد إلى الجنس مقابل المال

ومن أسباب الخروج من مساكن اللاجئين هو عدم توفر مسكن مريح لهم وشعورهم بالمضايقة عند السكن مع عشرات الآخرين في قاعة رياضية مثلا من دون حياة خاصة،  وكذلك بسبب ظروف السكن الصارمة هناك، حيث عليهم الأكل في مواعيد محددة والنوم في مواعيد معينة، وليس لديهم حرية حركة كبيرة، أو الإدمان على المخدرات بعد سقوطهم في أيدي تجار المخدرات بعد بحثهم على فرص عمل غير قانونية.

وحين يصبحون متشردين في الشوارع لا يكون لهم عنوان رسمي معين. والعنوان ضروري لتلقي المساعدات الحكومية. "كما أن منهم من تأخر كثيرا البت في طلبات لجوئهم، وإلى ذلك الحين لا يحق لهم المشاركة في دورات اللغة أو الدراسة أو العمل"، كما يقول رالف روتين لموقع مهاجر نيوز.

"بعض الفتية والشباب من الوافدين الجدد في برلين ليسوا في حالة جيدة في الوقت الراهن وما زال يجب عمل الكثير من أجلهم"، كما تؤكد ديانا هينيغيس، فقد شهدت هي ذاتها أثناء عملها الاجتماعي عشرات الحالات التي يبيع فيها الشاب أو الفتى جسده مقابل المال، متوقعة أن تتفاقم هذه الإشكالية مستقبلا خصوصا وأن فرص البقاء للأفغان والباكستانيين والعراقيين بشكل خاص ضئيلة"، وخصوصا بسبب خوفهم من الترحيلات أو عدم شعورهم بالراحة في مساكن اللاجئين وانعدام أفق لم الشمل بالأسرة، كما حدث للفتى الفلسطيني-السوري. 

رغم ظروف الحياة القاسية استقر الحال بحوالي 2000 من اللاجئين السوريين على حواف الحقول والمزارع في منطقة توربيل بإزمير، شرقي تركيا، حيث يكسبون قوتهم من العمل في الحصاد.

بعد أن فقد هؤلاء سبل العيش في بلادهم، سيما أولئك الذين أتوا من الأرياف حيث كانوا يعملون بالأجر اليومي، أصبحوا يعملون مقابل نصف الحد الأدنى من معدل الأجر اليومي المتبع في تركيا، كما أنهم عرضة للاستغلال بسبب حاجتهم وظروفهم.

الهمّ الأول لهؤلاء اللاجئين هو توفير إيجار مسكن يأوي عائلاتهم، والذي عادة ما يكون خرابة قديمة أو خيمة مهترئة، ويكون ذلك بطبيعة الحال على حساب توفير متطلبات المأكل والمشرب، حيث لا تتوفر للكثير منهم إمكانية الحصول على وجبات منتظمة.

"في ظل الحرب في بلادنا، ليس لدينا خيار آخر"، يقول ديهال النازح من الحسكة السورية، لذلك هو سيبقى هنا مع عائلته، مع أن إزمير الخيار الأفضل بالنسبة إليه. ورغم أن الأجور في هذا الميناء جيدة إلا أنه لا يعرف المدينة ولا يجد سوى العمل في الزراعة، ومع ذلك يقول "لا بأس".

يوجد في تركيا أكثر من مليونين ونصف المليون سوري، وفيما يجد البعض منهم موسم الحصاد فرصة للعمل وكسب الرزق، تتجه الغالبية العظمى منهم نحو المدن الكبيرة، على أمل الحصول على فرصة عمل أفضل هناك، أو مواصلة الرحلة نحو غرب أوروبا.

الكثير من اللاجئين يتجنبون تسجيل أنفسهم لدى السلطات خوفا من الترحيل، وهو ما يعني عدم حصولهم على الرعاية الصحية، لكن في بعض الأحيان يأتي أطباء من المنظمات الإغاثية إلى حيث يعيش هؤلاء هنا في الحقول لمعالجة المرضى من العمال وأسرهم.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل