المحتوى الرئيسى

فادي قدري أبو بكر يكتب: أمريكا وإعادة سياسة الحصر ضد روسيا | ساسة بوست

04/23 11:38

منذ 1 دقيقة، 23 أبريل,2017

عملت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية على تحقيق سياسة الحصر ضد الاتحاد السوفياتي، وأن تقيم سياجًا منيعًا يحمي مصالحها في مختلف أنحاء العالم، انطلاقًا من مبدأ ترومان ومشروع مارشال والمساعدات الاقتصادية، وكان من أهم عناصر تنفيذ هذه السياسة هو إقامة الأحلاف العسكرية.

إن ما تشهده اليوم الساحة السورية والليبية، يؤكد أن التاريخ يعيد نفسه، فالسياسة الأمريكية التي كانت تنشد محاربة المد الشيوعي، تخرج علينا اليوم بمصطلح «الإرهاب» وباختراع جديد اسمه «داعش»، إذ أصبح محاربة الإرهاب والمد الداعشي هو مبرر ترسيم سياساتها في المنطقة.

رأى بعض الباحثين والمحللين أن الضربة الأمريكية الأخيرة لقاعدة الشعيرات، والتي جاءت ردًّا على قصف النظام السوري خان سيخون بحسب ادعاء أمريكا ترسم مسارًا أمريكيًا جديدًا نحو سوريا. قد يكون هذا التحليل صائبًا ولكن في الإطار السياساتي الآني وليس الاستراتيجي، فالاستراتيجية الأمريكية تتمثل في محاصرة روسيا وحماية مصالحها في المنطقة، ومثلت ضربة خان تشيخون فرصة ذهبية للإسراع في إنفاذ سياسة الحصر الأمريكية ضد روسيا ويمكن القول هنا أن: الإرهاب الضمان الوحيد لأمريكا.

حظيت الضربة الأمريكية لقاعدة الشعيرات بتأييد عربي ودولي واسع، وهذا إن دل فإنه يدل على شكل التحالفات التي تقيمها أمريكا في سبيل إعادة سياسة الحصر ضد روسيا. ويُذكر أن الدول العربية التي أيدت الضربة الأمريكية هي نفسها التي استثناها ترامب من قرار حظر دخول أمريكا.

على الصعيد الغربي، كان البيت الأبيض قد أعلن في بيان له أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أجرى اتصالات مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشأن الضربة الجوية الأميركية في سوريا، حيث تم الاتفاق على «أهمية تحميل الرئيس السوري بشار لأسد المسؤولية عن هجوم خان تشيخون وأن هناك فرصة لإقناع روسيا بالتوقف عن دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد».[1]

في السياق ذاته كان قد اجتمع وزراء خارجية دول مجموعة السبع الكبرى (الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا) مع وزراء خارجية تركيا والسعودية والإمارات والأردن وقطر، لمناقشة الشأن السوري، وعلى الرغم من عدم الإجماع على فرض عقوبات جديدة أخرى على روسيا باعتبارها أداة فعالة، إلا أنه تم الإجماع على أنه لا حل ممكن في سوريا طالما لا يزال الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.[2]

تأتي هذه الاتصالات تماهيًا مع سياسة الحصر الأمريكية ضد روسيا، إلا أن عدم اتخاذ خطوات تصعيدية مع روسيا بشكل مباشر، يعني أن روسيا اليوم تختلف عن الاتحاد السوفياتي بالأمس، وأنها لا تواجه معضلات اقتصادية بحجم التي كان يواجهه الاتحاد السوفياتي، وأنها حاضرة بقوة رغم التحالفات الأمريكية الواسعة.

فيما يتعلق بالساحة الليبية، فلا يمكن فصلها عما يجري في سوريا، حيث إن السياسة الأمريكية إزاء سوريا تأتي في إطار سياسة الحصر الأمريكية العامة ضد روسيا، ومن ضمنها ليبيا والتي تجمعها بروسيا علاقات اقتصادية وتجارية كبيرة، إلى جانب وجود قواعد بحرية وجوية روسية شرقي ليبيا.

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية قبيل قمة مجموعة السبع عن خطة أمريكية لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دول على أساس أقاليمها الثلاثة القديمة: طرابلس في الغرب وبرقة في الشرق وفزان في الجنوب[3] . وقد شددت مجموعة السبع في بيانها الختامي بشأن ليبيا على أهمية تشكيل قوات عسكرية موحدة تحت إشراف مدني، لضمان نجاح جهود محاربة الإرهاب وأن جميع العائدات النفطية يجب أن تحول إلى المصرف المركزي والذي بدوره يضعها تحت تصرف المجلس الرئاسي[4] . إن هذا يعني أن حفتر «أسد» روسيا في ليبيا سيتعرض لضغوط أمريكية وغربية شديدة مستقبلًا، باعتبارها خطوة ضمن سياسة الحصر ضد روسيا.

كل هذه الشواهد تبين وجود مخاوف ومظاهر قلق أمريكية من الدور الروسي في ليبيا، وأنه يجري بشكل متنام ربط الأزمتين السورية والليبية، ويأتي ذلك بهدف تحجيم الدور الروسي، بحيث لا يتجاوز المصالح الأمريكية الإستراتيجية في المنطقة.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل