المحتوى الرئيسى

عمر عبدالله يكتب: بُني الطغيان على خمس

04/23 10:29

الاستبداد آفة الدول دائمًا. أخطبوط يمسك بكل ما للوطن من أذرع، إعاقة جبارة لا تقوى على إضعافها إلا ابتسامات الشهداء ودعوة طفل في الخامسة ماتت أمه فجأة بعد اختفاء أبيه.

ضعف كلي أو عجز جزئي:

ليقنعك الطاغية بأنك تحتاج له، يحاول أن يخبرك طوال الوقت بأنك ضعيف، هزيل وتحتاج للمساعدة. يريد دائمًا إيهامك أن الكل ضدك، الحاجة ستقتلك وأنه الوحيد الذي لديه القدرة على إنقاذك وحمايتك. ضعف إرادتك هذا سيزيد المستبد استبدادًا ويزيد المتسلط إخفاقًا في محاولته إعطائك بعض مما وعد به بهتانًا. عجز المجتمع هو عجز مواطن واحد، عجز شخص يعيش على أرض الوطن هو همزة في قصيدة الشعب بالكامل. لا تترك الجزء من أجل الكل. علينا الحصول على الجزء والكل وحق كليهما.

المجتمع القوي هو مجتمع يحمي الكل، يتساوى فيه بائع الخبز مع بائع الذهب ويضحك الطفل فيه بكل حرية كما لو أنه صغير باندا في حديقة حيوان صينية فور إغلاقها.

إذا شاح بصرك عن عمد بعد رؤيتك لشخص من نفس شعبك.. من نفس طينتك ويحمل ذات الجنسية فلا تحاسب إلا نفسك ولا تلم إلا اليوم الذي اعتقدت فيه بأن القانون ليس هو سيد الموقف.

معدة فارغة تساوي ذاكرة ضعيفة، مناعة ضعيفة وعقل ضعيف، مهما حاول صاحبه تحفيزه. “الجوع كافر” لا يؤمن بأي إله سوى الطعام. الجوعى دائمًا هم ضحايا قاتلة. الفقير لا يتهاون مطلقًا في تحديد مصير شعب بأكمله نحو الهاوية عندما تمد له يد الاستبداد برغيف وقطعة لحم طازجة.

لن تلومه. لن تقدر على ذلك. الفقر ينهش في نخاع المشردين كما تشرب عاهرة الطاغية سيجارتها ذات الفِلتر باهظ الثمن. معادلة بسيطة جدًا صدقني؛ معدة فارغة -وجبة ساخنة وصوت يمتد لأربع أعوام مصاحب بإصبع يدمي حبرًا يختلف لونه بحسب المناسبة المستبدة.

لا يبالي ماسح الأحذية في أزقة القرية الجائعة بكيفية توسيع الفرق بين الأثداء أو طريقة تجهيز السفرة لحفل الشواء. إطلب منه يومًا ما أن تلقي نظرة على إحدى قدميه.

وحاول إلقاء اللوم عليه بعد ذلك بكل ارتياحية. إذا استطعت.

“الدين أفيونة الشعوب” الروحانيات ليست حكرًا على أحد لتنفيذها أو لمنعها مادامت مشروعة قانونًا. الدين للكل، ولكن الكل لا يؤمن في الغالب إلا بوجود من هو أكثر إيمانًا؛ وهنا تكمن الخطورة. رجل يؤمن بدين ما، يتبع رجلًا يدعو للإيمان أكثر بدين ما، يتبع طاغية يستغل الإثنين معًا لنصرة فكرة ما. تلك الفكرة في الغالب هي لا تمت للإله بصلة.

الحكم الديني الثيوقراطي بكافة أشكاله لم يثبت مطلقًا جدواه إلا في السيطرة العمياء على الشعوب. ما أن تبدأ بلد ما بالاعتقاد بأن الحرية للجميع والدين للجميع والجميع للجميع فإنها تنجو. ولا يستطيع أحد اللحاق بعد ذلك.

في كل وطن مستبد يعتمد الطاغية على رجال الدين، رجال كل دين. ليخرجوا الناس من دينهم إلى دين الحاكم.

الحاشية، العصابة والمحيطون بالطاغية. الهائمون في حب الملك. عاش الملك مات الملك. عاش كل ملك. البعض يحب هذه المهنة، الكثير يعتاش عليها. لعق حذاء الطغاة مهنة منذ القدم ولها أعلام في كل عصر.

من مهام هذه الوظيفة أن تحاول بكل جهودك فصل الحاكم عن ما يحدث في الخارج؛ كل شيء بخير، كل هذا عابر والجميع سعداء.

يبيع الواحد من هؤلاء ضميره كل يوم بشكل متجدد، لكل منهم سعر وليس لأحد منهم ثمن. يعتمد الطاغية عليهم دائمًا في الترويح عن نفسه وترك ما يعنيه لهم ليتدبروا شؤونه.

يموت الكثيرون في الخارج ويتم تجويع الجميع. ولكن القصر لا يجب أن يعلم أبدًا ماذا يدور وراء الأبواب.

الخوف.. الخوف مما لا يخيف:

يخاف المواطن الشجاع من راتبه فقط. بينما يخاف المواطن الجبان من كل شيء.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل