المحتوى الرئيسى

عبد الرحمن محمود يكتب: بكارة الأفكار تكفي! | ساسة بوست

04/21 20:29

منذ 1 دقيقة، 21 أبريل,2017

إن عذرية الفتيات في مجتمعاتنا العربية لتعتبر من أكثر الموروثات الثقافية الأشد قوة وجمودًا، وهي من القضايا، ما أن يبدأ الحديث عنها حتى تتعالى الأصوات الرافضة لمن يعارض ذلك التفكير، ومجتمعاتنا ترى أن شرف الفتيات وعائلاتهم مربوط بعذريتهم.

يهتم المجتمع العربي بغشاء البكارة كأداة لتحديد عذرية الفتاة من عدمه، حتى إنه كانت هناك عادة «اختفت في بعض المناطق وموجودة في مناطق أخرى»، وهي أن يأخذ الزوج في يوم الزفاف قطعة قماش بيضاء، ويصدرها حمراء بدماء غشاء بكارة الزوجة، لطمأنة الأهل والأقارب حول عذريتها، وهذه العادة كانت دليلاً قويًا على أهمية وجود غشاء البكارة كدليل على عذرية الفتاة، مع أنه علميًا ليست العلاقة الجنسية وحدها هي السبب لفض غشاء البكارة، ولكن هناك العديد من الأسباب، منها وقوع حادث أدى إلى إصابات بمنطقة الفرج، ومن بينها غشاء البكارة، وكمثال لهذه الحوادث:

* السقوط أو الوثب العنيف، أو التصادم الجسدي الذي يشمل منطقة البكارة على جسم صلب.

*بعض أنواع الألعاب الرياضية الشديدة الجهد، أو حتى امتطاء الخيل مثلاً.

*العادة السرية المستخدم فيها إدخال أجسام صلبة بما فيها الأصابع.

*توجيه تيار مائي قوي جدًا إلى المنطقة.

*هناك بعض الأمراض التي إن لم تعالج في وقتها قد تتفاقم مثل أمراض الحساسية.

إذن فغشاء البكارة ليس دليلاً على عذرية الفتاة من عدمه، ولكنه قد يعتبر مجرد مؤشر على عذرية الفتاة، وليس كل الحقيقة.

لا مستقبل ولا شرف للفتاة دون عذريتها، ولا يقبل رجل عربي محافظ على الزواج ممن مارست الجنس خارج إطار الزواج، حتى لو كانت صريحة معه من البداية في ذلك الشأن، ولكنه لا يغفر لها، بل قد يحاول استغلالها.

المجتمع العربي مجتمع متناقض في طبيعته، خاصة في الأمور المتعلقة بالمرأة، فتعتبر المرأة شرفًا لشخص آخر، مع أن ابن الشخص نفسه قد يكون مارس الجنس خارج نطاق الزواج، لكنه لا يقابل بنفس العقاب الذي تقابل به الفتاة، والذي قد يصل إلى القتل بدواعي الشرف!

التناقض في مجتمعاتنا العربية يطال الدين الإسلامي، الذي تؤمن به أغلب الشعوب العربية جمعاء، ففي آية في القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالي:

وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا «68» يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا «69» إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا «70» وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا «71».

حرم الله الزنا، وغفر لمن تاب منه، ولكن المجتمع لم يغفر لهم حتى لو تابوا! فالشاب المقبل على الزواج إذا اعترفت من هو مقبل على الزواج منها أنها قامت بممارسة الجنس خارج نطاق الزواج؛ فإنه يرفض الزواج رفضًا باتًا، حتى إذا كان غير متدين بالأساس، ولا يحترم أنها لم تخدعه أو تكذب عليه وكانت صريحة معه، فأغلب الممارسات التي تتم خارج الزواج هي ممارسات لا تفض بالضرورة غشاء البكارة، وتحرص الفتيات على الحفاظ على سلامته.

لا أدعو المجتمع للفوضى الجنسية أو الانحلال الأخلاقي غير المسئول، وتحول الإنسان ذي العقل الرشيد والرصين إلى حيوان لا يفكر، كل ما يسيره هي شهواته ورغباته وينصاع لها.

وكما قال الثوري الروسي لينين:

إن هذا الفيض من النظريات المتعلقة بالجنس، والتي

هي في معظمها مجرد فرضيات، ترتبط في نظري بحاجة شخصية، ورغبة في تبرير حياة المرء

الجنسية الشاذة والفوضوية أمام الأخلاق.

فأنا هنا لست في موقف الدفاع عن أي شيء إباحي وشهوي بلا تفكير، ولكني في موقف الدفاع عن الحق في التوبة والحق في المصارحة، فكما قبلت مجتمعاتنا بخروج سفاحين وقتلة للشعوب من السجون وحصولهم على أحكام البراءة بحجة «عدم وجود أدلة»، فلتعطوا تلك الفرصة نفسها لنسائكم، فلتعطوهن الحق نفسه في البراءة والتوبة، ولا توصموا بعضكم بعضًا، ولتسامحوا وتغفروا بعضكم لبعض، وتوقفوا عن عمليات ترقيع الغشاء و«الغشاء الصيني» الذي قد يكون الحل الأفضل في تلك المجتمعات، التي لا تتعلم أن لا بديل عن الصدق والصراحة!

فلتخرجوا بعيدًا عن الغش والخداع، وليُبن شرفكم على الصراحة والنور وعدم الخيانة وتقبل الخطيئة، فكلنا نخطئ ولسنا بملائكة، ولتقبلوا عيوبكم وأخطاءكم وتراجعوا عنها واغفروا لبعضكم فيغفر الله لكم.

عزيزتي في النهاية أدعوكِ أن لا تقبلي علاقتك بذلك الشاب الذي باح لك عن كونه «زير نساء» ولم يغفر لك علاقتك قبل الزواج، حتى لو كانت حبًا بريئًا، هو ليس بشخص صادق، ولن يحتويك، ولا تحصري حياتك على مشروع الزواج بأي شكل، ولكن احلمي واصنعي حياة كاملة خاصة بك، وتفوقي في مجال عملك لكي تصنعي حياتك، ويكون الزواج من ضمن حياتك، ولا تقبلي أن تكوني مهمشة، كوني حرة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل