المحتوى الرئيسى

صراخ العالقين في "مضيق سيدي جابر" .. كيف حاصر "تيوليب" المواطنين في سياراتهم؟ - إسكندراني

04/21 18:36

منذ بدء مشروع “تيوليب سي سكوير” بكورنيش سيدي جابر، والإسكندرية تكاد تضيق على أهلها شيئًا فشيئًا، فالكورنيش الذي شهد عدة توسعات خلال السبع عشرة عامًا الماضية، والتي بدأها المحافظ الأسبق، اللواء عبد السلام المحجوب، صار سكان الإسكندرية يجابهون صعوبات في رحلة العبور مما سموه “مضيق سيدي جابر”.

من حارتيّ سيارات ذهابًا وإيابًا ونفقيّ مشاه، لحارتيّ بالكاد يسمحان بعبور سيارة واحدة، ظل المشروع يلتهم مساحات المرور، إلى أن انتهى الأمر منذ عشرة أيام بإغلاق الحارة الوحيدة الباقية التي تعد ممر ونافذة أهل شرق الإسكندرية على غربها.

مع دخول مشروع “تيوليب سي سكوير” في مرحلة جديدة، تضمنت غلق الحارة التي تبلغ مساحتها 400 متر، صار سائقي الإسكندرية وركابها شبه محاصرين، بدى الاستياء في وجوههم يومًا طيلة رحلتهم للعبور إلى شرق الإسكندرية، فضلًا عما اعتبره أساتذة في الفن المعماري، من تشويه لمعالم كورنيش الإسكندرية بعد اعتزام الشركة عمل كوبري لعبور المشاه مواجه للبحر.

ويرى أهالي الإسكندرية، إن النفاذ إلى شرق الإسكندرية أصبح أمرًا صعبًا فاق قدرتهم، لما اعتبروه ليس فقط انتهاك لملكية طريق الكورنيش لصالح مشروع يمتلكه رجال أعمال، ولكن تعطيل لمصالحهم، وهو طرحه “ولاد البلد” في تحقيق سابق نهاية العام الماضي.

لكن مع نهاية الربع الأول من العام الحالى، تكدست السيارات على الكورنيش، ونفذت إدارة المرور تحويلات مرورية جديدة غيرت فيها خط سير إلى شوارع جانبية بمنطقة مصطفى كامل، بعد غلق الحارة التي تبدأ من مقر مسرح السلام ـ الذي تم هدمه لإنشاء المشروع ـ وحتى شارع المعسكر الروماني.

ومشروع “تيوليب سي سكوير” عبارة عن مجمع سياحي ترفيهي، على طريق الكورنيش يمتد من منطقة سيدي جابر حتى رشدي، ويتضمن عمل مجمع سياحي داخل الشاطئ، بالإضافة إلى عمل فندق يحوي جراج مُتعدد الطوابق أمام الشاطئ، وكوبري يربط المشروع بالجهة المقابلة، من خلال مسار علوي معزول، بالإضافة إلى نفق يربط المجمع السياحي بمصطفى كامل بالفندق بمنطقة رشدي.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

مهندسون معماريون: المشروع لا علاقة له الفن ولا الهندسة ولم يؤخذ رأي المتخصصين 

يقول شريف فراج، وهو أستاذ مساعد في قسم العمارة بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، إن المشروع أفسد الشكل الحضاري للكورنيش في الإسكندرية وتجاهل كل أبحاث وعلم المعمار في مراحل تنفيذه.

ويضيف لـ”ولاد البلد”: “نظرة سريعة لأي مارٍ على الكورنيش تُظهر حجم ما تم من تعديات واضحة في المعمار تُخل بالبنية التحتية للطريق، ولا يمكن عمل جراج طوابق متعددة في طريق عمومي مثل الكورنيش، كما أن الكباري تستخدم لتسهيل حركة الطرق المتقاطعة وليس طريق مستقيم”.

ويرى الدكتور صلاح ناصر، وهو أستاذ في الهندسة المعمارية، أن المشروع غير مؤهل معماريًا ولا بيئيًا، ويضيف بحسرة: “الكورنيش أصبح في عصمة رجال الأعمال لعمل مشاريع استثمارية تجافي المعمار والفن ولا تفيد مصلحة العامة، ورفضت المشروع قبل بدايته، ولكن تنفيذه أكد لي رفضي، فهو مشروع بعيد فنيًا ومهنيًا، ولم يتم فيه اللجوء لأية متخصصين من كلية الهندسة ومركز الهندسة المعمارية لاستشارتهم”.

وأضاف: “فوجئنا بتطبيقه دون أية إعلان، ورغم اعتراض المتخصصين، لم توقف أعمال إنشائه، لحين الفصل القضائي في الأمر، أو حتى انتظار رد اللجنة التي خصصتها المحافظة لفحص المشروع، لا يكترث أحد بصوتنا”.

سكان: فين حقنا من البحر؟ 

“فين حقنا من البحر، أخذوا حقنا فيه وعطلوا مصالحنا”، بدهشة يقول المهندس هادي عبد السلام؛ أحد سكان منطقة مصطفى كامل التي يمر فيها المشروع، ويضيف: “المشروع انتهاك حقيقي لحق العامة لصالح ملكية خاصة، معظمنا اعترض عليه ولكن لا حياة لمن تنادي،  والتكدس المروري يوميًا يؤكد سوء التخطيط والتنفيذ، وعدم الاهتمام بمعاناة المواطنين في طريق رئيسي مثل الكورنيش، فالإسكندرية ليس لها سوى 3 طرق عمومية “الكورنيش وبورسعيد وأبو قير”، تعطل أحدهم يؤدي لكارثة مرورية.

ولا ترى ميرفت طه لها مشكلة في الحياة سوى سكنها في منطقة سيدي جابر، تقطع طريقها يوميًا من المنزل للعمل في ساعتين على الأقل، بعد أن كانت 15 دقيقة سابقًا، ليصل الإجمالي لأربع ساعات يوميًا فقط للوصول لمنطقة المنشية حيث تعمل ميرفت.

وعلق سابقًا، المهندس المعماري والناشط ممدوح حمزة عبر حسابه على موقع “تويتر”، بأن المشروع غامض، وأهدر مفاهيم العمارة والتخطيط.

حماية المستهلك: عشرات البلاغات من متضررين 

وقال المهندس؛ جمال زقزوق؛ رئيس جمعية حماية المستهلك، إنه يتلقى يوميًا بلاغات من متضرريين من المشروع، يرون أنهم مُنعوا من حقهم في الكورنيش، وأنهم المشهد أصبح مجرد مبني خرساني وكوبري علوي ومنتجع سياحي سوف يُغلق على رواده، كما مُنعوا من الوصول لأعمالهم في وقت مناسب، بسبب التكدس المروري في طريق فصل شرق الإسكندرية عن غربها، مؤكدًا: “تعديات رجال الأعمال على الكورنيش فاقت الحدود”.

“افتحوا_المضيق”| صرخة عبر “فيس بوك” 

ودشن محمد صلاح الدين عبر فيس بوك “هاشتاج” “#افتحوا_المضيق”، وقال: “ما يحدث يستوجب خضوع الحكومة للحساب على هذا المشروع، فهو تعطيل لمصالح المواطنين، ولا جدوى اقتصادية لهم فهو مشروع خاص وليس عام، ولم يحدث أية مشاركة مجتمعية أو استطلاع رأي للمواطنين قبل عمله، وسيهدر المال العام في جراج وتعلية طريق، بجانب قبح معماره، وعدم تخطيط طرق مرورية بديلة مستمرة، والاستعلاء على المواطنين”.

وعبر فيس بوك، تغلب مواطنون على غضبهم من المشروع بتعليقات ساخرة، عبر “الهاشتاج” مثل: “هيعملولنا مرسى لليخوت، شعب الإسكندرية كان بيعاني من عدم وجود مرسى لليخوت فعلًا .. عايز اركن اليخت بتاعي، والحكومة حسب بمعاناتي”.

وقال آخرون: “إدعوا لأخوانكم في الإسكندرية، فهم يتمرمطون الأن، ولو كان جابر نفسه عايش مكنش حد عمل كدة، ونصيحة لكل مواطن سكندري هيعدي من المضيق يعمل حسابه في أكل وشرب، ومش منهم نموت عشان الدرفيل “الدولفين يعيش، وده أول مضيق بري في العالم”.

محامي: ننتظر حكم قضائي يفصل في المشروع

وكانت قد أحالت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، في بداية شهر مارس الماضي، الطعن على مشروع كورنيش سيدي جابر إلى هيئة المفوضين، وذلك في الدعوى القضائية رقم ٥٣٥٦ لسنة ٧١ ، التي رفعها المحامي بالإسكندرية، عبدالرحمن الجوهري، لطلب وقف تنفيذ الأعمال الإنشائية للمشروع، معتبرًا في نص دعواه: “المشروع تعطيل لحياة الأهالي، ويشوه الكورنيش ويمنع المواطنين من رؤية البحر، ويخالف القواعد الدستورية والقوانين واللوائح المنظمة”.

وتقدم خلال الجلسة نائب رئيس مجلس الدولة، وممثل الدولة في القضية، بحافظة مستندات احتوت على تراخيص هدم مسرح السلام، وتراخيص بناء عقارات مصطفى كامل، واعترض الجوهري، على المستندات المقدمة، نظرًا لعدم احتوائها على تراخيص بناء المشروع، وطالب خلال الجلسة بوقف المشروع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل