المحتوى الرئيسى

ماذا تفعل فتيات صينيات في الأحياء المصرية الشعبية؟

04/20 17:14

مالا فتاة صينية لا يتجاوز عمرها أربعة وعشرين عاماً، من إحدى القرى الصينية.

خرجت لتبحث عن فرصة عمل في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبعد قليل من الحيرة وقع اختيارها على مصر.

فالفيزا متوافرة ونفقات السفر مناسبة إلى حد كبير مقارنة بالسوق الاستهلاكي الضخم الذي تتمتع به البلد الكبيرة والمأهولة بالسكان.

ساعد مالا على قرار السفر بعض أصدقائها الذين سبقوها إلى مصر لبيع المنتجات الصينية في الشوارع المصرية، بعدما قصوا لها أن العمل متاح والسكن كذلك.

اشترت بضاعتها الصينية المكونة من مجموعة من الملابس لأعمار مختلفة، وبعض كماليات المنزل كأغطية السرير والمناشف، واتجهت إلى مصر لتكون نواة تجارتها الصغيرة.

التقيناها في منزل إحدى زبوناتها في القاهرة.

دخلت البناء محملةً بالأغطية والملابس، لا تعرف السكان، لكنها تطرق على الأبواب مستخدمة كلمات من اللهجة المصرية تعلمتها خلال السنوات الخمس التي أمضتها في المدينة: "واحد صيني بيبيع حاجات".

إذا دخلت، افترشت الأرض، كما اعتادت أن تفعل الدلالة المصرية قديماً وفردت بضاعتها محاولة إقناع الزبونات.

"معايا حاجات للعروسة، معايا لبس للبيت، معايا هدوم للبيبي"، تقول مالا لربة المنزل. تفرح أساريرها إذا ما رأت شابة في سن الزواج في المنزل، فالعازبات هن اللواتي يبحثن عن بضاعة رخيصة لجهازهن.

تبدأ السيدات بمفاوضتها بشأن السعر. وقد تعترض مالا أحياناً قائلة للزبونة بلهجة مصرية: "كفاية فصال.. إنت بتخميني؟".

مالا هي واحدة من مئات البائعات الصينيات اللاتي دخلن مصر من باب السياحة واستقررن فيها.

وقد حمل مؤتمر للصحفيين الأفارقة فى بكين، تصريحات مفادها أن حوالي ألف سائح صيني دخلوا مصر في الربع الأول من عام 2016، وارتفع العدد في الربع الثاني ليبلغ 200 ألف.

أما حجم التبادل التجاري بين الدولتين فقد بلغ 12 ملياراً و250 مليون دولار قبيل عام 2016، وفقًا لتصريحات نشرتها صحيفة اليوم السابع المصرية، وبيانات نقطة التجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة والصناعة، وإحصاءات السفارة الصينية فى القاهرة.

بالطبع لا يأتي كل السياح إلى مصر بغرض الاستقرار والعمل، لكن عدداً منهم، كمالا يفعل ذلك. وعلى الرغم من عدم وجود أي إحصاء رسمي بشأن عددهم بسبب عدم شرعية إقامتهم، فإن بعض الصحف يقدّر العدد بالمئات، فيما يعتقد بعض السكان أنه يصل إلى الآلاف.

العاصمة ليست الخيار المفضل لدى غالبية البائعات الصينيات. فكمية البضاعة الصينية والبائعات الصينيات في المدينة التي يتجاوز عدد سكانها والمحافظات الملاصقة لها الـ22 مليوناً، عصيّان على الإحصاء والعد.

لذا يسافرن إلى المدن التي يتركها سكانها لصعوبة العيش فيها، كمحافظات الصعيد والوجه القبلي، وهي مناطق تتسم بالفقر وشح فرص العمل، وصعوبة الحياة بسبب مناخها الحار وسوء الخدمات التعليمية والصحية.

ففي الوقت الذي يترك الكثير من الشباب هذه المناطق بحثاً عن فرص عمل في العاصمة والمدن الكبرى، يبقى لهن مكان شاغر.

في البدء، تثير لهجتهن المصرية فضول السكان. ثم تجد بضاعتهن الرخيصة استحسان الزبائن: فالمنتجات الصينية، أو المستوردة بشكل عام، لها شعبية كبيرة في الأسواق، لا سيما تلك المنخفضة السعر.

شارك غرد"أخلاقهن عالية، وبضائعهن جيدة، وأسعارهن أفضل من المحلات".. عن الدلالات الصينيات في القاهرة

شارك غردعجائب شوارع القاهرة الشعبية: "دلالات" صينيات يتحدثن بالعامية المصرية

تسكن مالا مع صديقاتها الست في شقة في مدينة نصر بالقاهرة، يتقاسمن بدل إيجارها المرتفع نسبياً، فهي تقع في منطقة متوسطة، أو على الأقل، أكثر ثراء من مناطق معظم زبائنها.

فهي تقصد الأحياء الشعبية كل صباح، ولا تبرحها حتى العاشرة مساءً: شبرا، إمبابة، بولاق والمطرية.

تتجول مالا طوال اليوم، وعلى ظهرها حقيبة كبيرة. تصعد سلالم يكاد يتكسر بعض درجاتها من رقة الحال المادي لأصحابها. قلما تُغلق الأبواب في وجهها، فللبائعات الصينيات شعبية في تلك الأحياء.

ترفض ماجدة علي (41 عاماً) التي تعمل موظفة حكومية إدخال مندوبي المبيعات إلى بيتها، بسبب تدهور الوضع الأمني، لكنها تتعامل مع البائعات الصينيات وترحب بهن دون خوف، بعدما اكتسبن مع الوقت سمعة طيبة تساعدهن على البيع أكثر فأكثر.

"أخلاقهن عالية، وبضائعهن جيدة جدًا، وأسعارهن أفضل من المحلات"، تقول علي لرصيف22.

تقول مالا وزميلاتها إن عملهن تأثر بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت مصر. وهذا ما جعل زبوناتهن لا يشترين إلا بعد الكثير من التفاوض، قد تخسر البائعات بسببه ربحهن القليل.

تحاول مالا ادخار المال لترسل جزءاً منه لأسرتها في الصين، فيما تستخدم الباقي لشراء بضاعة جديدة، تأتي بها إحدى زميلاتها القادمات من بلدها.

لكن مالا وزميلاتها تسببن بأزمة مرشحة للنمو، وقد شعر بثقلها أصحاب المتاجر والدكاكين في الأحياء الشعبية.

يقول شريف محمد (35 عاماً)، وهو بائع مصري بحي شبرا الشعبي في القاهرة، إنه يستاء لدى رؤية البائعات الصينيات وهن يترددن على البيوت بالقرب من المخصص لبيع الملابس والمفروشات.

هن، برأيه، يسرقن زبائن منطقته، في ظل تراجع حركة البيع والشراء والحالة الاقتصادية المتعثرة. ثم يؤاسي نفسه قائلاً: "أرزاقنا وأرزاقهن بيد الله".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل