المحتوى الرئيسى

قائد الحملة الفرنسية أول من جرّم تعاطى الحشيش.. وفرض غرامة فى عام 1879 | المصري اليوم

04/20 00:13

بدأت الحكومات فى مصر بتوقيع الغرامات على من تثبت إدانته بالاتجار أو التعاطى، ثم لاحقاً تم إقرار عقوبة الإعدام بالنسبة لمن يزرع الأفيون أو القنّب الهندى «الحشيش»، وكذلك تم إقرار عقوبة على زراعة نبات الخشخاش المخدر الذى عُرف فى بداياته بـ«أبوالنوم»، ثم عقوبات متنوعة على إساءة استخدام المورفين، والذى انتشر سريعاً فى العالم عقب الحرب العالمية الأولى.

ويعتبر الأفيون والحشيش من أقدم المخدرات التى عُرفت فى مصر، إذ أول ما عُرف الحشيش كان يُطلق عليه «الحسيس»، ثم ذاع صيته فى البدايات باسم «الضحّاك»، دلالة على الحالة الوهمية التى يعيشها المتعاطى مؤقتا ومن مظاهرها الضحك.

وتنقسم المخدرات إلى نوعين: الأول هى المخدرات الطبيعية والتى تستخرج من النباتات مباشرة ويتم تعاطيها كمادة خام، مثل الأفيون والحشيش ومخدر القات.

ومن المخدرات الطبيعية هناك أنواع يُطلق عليها مخدرات نصف صناعية أو «مخلّقة»، مثل الهيروين والكوكايين، وهى عبارة عن مخدرات طبيعية يتم إجراء معالجة بسيطة لها، فالهيروين يتم استخراجه بعد معالجة نبات الأفيون، والكوكايين يتم تخليقه من شجرة الكوكا.

أما المخدرات الصناعية فهى التى ظهرت فى العصر الحديث، ولا تستخرج من النباتات نهائيا، وإنما يتم تحضير المادة الفعالة بها صناعيا من خلال تفاعلات كيميائية لعدة مواد.

لكن هناك أنواعا من المخدرات الطبيعية لا تزرع فى مصر، منها القات الذى يحتاج إلى مناطق حارة جدا ذات رطوبة عالية، وتوسعت زراعته فى أماكن القرن الأفريقى، ودول كاليمن وجيبوتى والصومال، لكن من حسن حظ العالم أن القات كمخدر غير منتشر عالميا ومقصور على الاستهلاك المحلى، وكذلك شجرة الكوكا التى يخلق منها مخدر الكوكايين القاتل، والتى تزرع فى أمريكا الجنوبية، خاصة فى دول بيرو وكولومبيا.

عرفت البلاد زراعة القنّب الهندى «الحشيش» لأنه صالح للزراعة فى أى بيئة وأى مكان، لكن حتى يصنع منه الحشيش، يجب أن يصل إلى مستوى من النمو فيحتاج درجة حرارة معينة ورطوبة معينة ومناطق ساحلية، وبالتالى فالقنب الذى يزرع فى مصر لا يصلح لإنتاج الحشيش، ويتم تعاطيه فى شكل أوراق «البانجو»، ومعظم الكميات التى تضبط أثناء محاولة تهريبها قادمة من لبنان.

عرفت البلاد أيضا زراعة الأفيون بكميات ضئيلة نسبيا، مقارنة بإنتاج أفغانستان والتى تنتج أكثر من 95% من الأفيون بالعالم، وربما ذلك لعدم تفعيل القوانين التى تجرم الاتجار هناك.

وفى مصر، اشتهرت عدة مناطق بالاتجار فى المخدرات، أشهرها منطقة الباطنية، والتى بدأت تشتهر فى منتصف الخمسينيات، إذ كانت هناك عائلات كاملة تمتهن الاتجار فى الأصناف المتنوعة، وأيضا منطقة الجيارة والتى حوت عدة عائلات تاجرت فى المخدرات لعقود وكان منهم أباطرة فى الاتجار والتهريب، لكن حاليا ليس لهم وجود واندثروا كتجار، وربما ذلك كان عقابا إلهيا بعدما تاجروا بدماء وأرواح الناس، بجانب مناطق كوم السمن والجعافرة فى نطاق محافظة القليوبية، والتى تم تطهيرها منذ وقت قريب.

ومنذ اكتشاف المخدرات والوقوف على تأثيراتها السلبية على الصحة العامة للمتعاطى، وتأثيراتها المهلوسة والتى قد تدفع إلى ارتكاب جرائم تخل بأمن المجتمعات، كانت مصر ولا تزال فى مقدمة الدول التى استشعرت خطورة المخدرات، واهتمت بالتصدى لها منذ زمن بعيد، بداية من الأمر الصادر من قائد الحملة الفرنسية، فى 8 أكتوبر 1800 بتجريم تعاطى الحشيش، ثم الأمر العالى الصادر فى 29 مارس 1879 الذى جعل زراعة الحشيش واستيراده مخالفة عقوبتها الغرامة.

وتوالت التشريعات إلى أن صدر القانون الحالى رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته وآخرها القانون 122 لسنة 1989.

ومع تزايد حدة مشكلة المخدرات فى مصر، خاصة بعد الانتشار المفزع للمخدرات البيضاء (الهيروين والكوكايين)، فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، وضح أن البلاد فى حاجة ماسة إلى جهاز متخصص يشرف على تنفيذ القانون رقم 21 لسنة 1928 الذى شدد العقوبة على جرائم جلب المخدرات والاتجار فيها وتعاطيها، ومن ثم فقد اقترح وزير الداخلية فى 25 فبراير 1929 إنشاء إدارة لمحاربة المتاجرين فى المواد المخدرة.

وفى 20 مارس 1929، صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة، كأول جهاز مركزى متخصص فى مكافحة المخدرات فى العالم، وكان يتبع حكمدارية بوليس مدينة القاهرة ومقره العتبة.

وفى عام 1930 ولكى يُحكم المكتب الرقابة على الموانئ التى تتسرب منها السموم البيضاء إلى مصر افتتح فرعا فى ميناء الإسكندرية وآخر بميناء بورسعيد، وثالثا عام 1934 بميناء السويس وتوالى إنشاء الأفرع على مستوى الجمهورية.

وفى عام 1947 أصدر وزير الداخلية قرارا بإنشاء إدارة تتبع إدارة عموم الأمن العام تسمى إدارة مكافحة المخدرات، للنهوض بأعباء مكافحة المخدرات بدلا من مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة، وأصبحت الفروع التى كانت تابعة للمكتب تابعة لإدارة مكافحة المخدرات.

وقد زاد عدد فروع الإدارة إلى تسعة بالقاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والوجه البحرى بطنطا والزقازيق وبورسعيد والقنطرة والسويس، والوجه القبلى بأسيوط.

وفى عام 1976 صدر قرار بإنشاء الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وأصبحت جهازا مستقلا بذاته، وقد روعى فى بنائه التنظيمى أن يكون قادرا على تنفيذ هدف الإدارة فى مكافحة جرائم تهريب المخدرات، والاتجار فيها وتداولها وإنتاجها، كما روعى فيه أن تكون الإدارة مصبا لجميع المعلومات المتعلقة بالمكافحة والتخطيط لمواجهة المشكلة على مختلف المستويات، وأصبحت تشمل إدارة نوعية مركزية وفروعا ومكاتب بالأقاليم والمطارات المهمة والموانئ بجوار النظام اللامركزى الذى تمثله وحدات وأقسام المكافحة بمديريات الأمن.

وفى 25 يناير عام 1990 افتتح الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك مبنى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات المطور فى موقعه الحالى بالعباسية.

ولم تتوقف عجلة التطوير والتحديث لمواكبة التطورات واحتياجات المكافحة بإدخال العديد من التعديلات اللاحقة على البناء التنظيمى للإدارة العامة لمكافحة المخدرات، لتلبية الاحتياجات المختلفة والواقع العملى واليومى للمكافحة على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

وقد تم ذلك وفق العديد من القرارات الوزارية آخرها القرار رقم 2276 لسنة 2015 بإنشاء عدد من الكيانات الإدارية المتخصصة والفروع الجغرافية التى تتطلبها احتياجات العمل المتجددة وآخرها إنشاء إدارة التوعية والاتصال بأجهزة خفض الطلب التى تهدف إلى التواصل مع مختلف أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لتوعية الشباب والإسهام فى علاج المدمنين وإعادة تأهيلهم.

ولإدارة المكافحة فروع جغرافية فى المحافظات، فكل محافظتين بهما فرع، أما المحافظات المهمة مثل مطروح والإسكندرية والبحيرة، فبكل منها فرع، فضلا عن أن فى كل محافظة من الـ27 أقسام مكافحة وإدارات تابعة لمديريات الأمن، وعموماً جميع أجهزة وزارة الداخلية تعمل فى مكافحة الاتجار فى المخدرات وتعاطيها.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل