المحتوى الرئيسى

3 معوقات تمنع المصالحة بين النظام والإخوان

04/19 21:26

دعوات متلاحقة، وتجاهل متعمد، يلازم كل دعوات التصالح السياسي التي أطلقت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو ما يرجعه مراقبون لوجود مستفدين من حالة الاستقطاب الحادة القائمة.

واختلف متخصصون تحدثوا  لـ"مصر العربية" حول أسباب عدم إتمام قضية التصالح السياسي مع رموز النظامين السابقين، رغم تكرار العروض، إلا أنهم اتفقوا على أن المناخ العام غير مهيأ لمصالحة مجتمعية  لغياب الشروط  الأساسية الواجب توافرها . 

فيري الكاتب والمحلل السياسي فهمي هويدي أن قضية المصالحة لا تتم لأن هناك مستفيدين من ذلك سواء في السلطة أو خارجها، إضافة لعدم وجود مناخ مناسب لذلك.

ويضيف أن كل طرف سياسي يستفيد من المناخ السياسي الحالي، وبحسبه فالسلطة مثلا تستفيد من عدم التصالح في تصدير مصطلح مواجهة الإرهاب دوما، ومن خلالها يمكن القول أن هناك معركة مستعرة مع الإرهاب، تسمح ببعض التجاوزات، فإذا ما تمت المصالحة سينتهي هذا العذر.

ويشير إلى أنه قديما كان يوجد عدو يمكن تصديره، للرأي العام وتبرير الإخفاقات بالمواجهة مع  إسرائيل لكن حاليا السلطة لن تحارب إسرائيل ولو حتى حرب باردة، ولن تواجهها وبالتالي لابد من وجود عدو آخر.

لكن يضيف الدكتور محمد السعدني أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأسكندرية طرفا ثالث يري أنه المستفيد حاليا في ظل الأوضاع السياسية القائمة، مع تأكيده على رفض فكرة المصالحة من الأساس.

ويقول لـ"مصر العربية" أن المستفيدين من الوضع القائم في مصر هم المجموعات السلفية، فبحسب أستاذ العلوم السياسية، السلفيون هم الفصيل الإسلامي الوحيد الذي يعمل على الأرض بكل حرية، ولم يتعرضوا ﻷي ضغوط رغم أنهم كانوا متحالفين مع الإخوان المسلمين واختلفوا معهم على تقسيم السلطة فقط.

ويشير إلى أنه رغم وجود اعتراضات ربما تصل لعدم دستورية وجود الأحزاب ذات المرجعية الدينية، إلا أن حزب النور موجود، وأيضا دعاة الدعوة السلفية يمارسون نشر أفكارهم بحرية، ويصدرون فتاوى التكفير المتكررة التي يعاني منها المجتمع وتستخدم كذريعة لنشر الأفكار المتطرفة.

وبالرجوع لهويدي يؤكد  لـ"مصر العربية" أنه حاليا لا توجد ضرورة ملحة لإنجاز هذا التصالح ﻷن المعركة تحولت من داخلية ﻹقليمة، وبات الأمر يخضع لترتيبات أعقد من مجرد الإقدام على التصالح مع فصيل سياسي ما بالداخل.

ويتفق معه الدكتور سعيد صادق بأن المناخ غير موات لعمل مصالحات بين نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي وجماعة الإخوان المسلمين، كما أن السبب في عدم التفات أي طرف من المتصارعين لدعوات المصالحة راجع لكونها لم تخرج من داخل المتصارعين وكلها دعوات على ورق الصحف، أو منصات الفضائيات لا أكثر.

ويقول إن السلطة ترى نفسها في موقع القوة ولا يوجد أي داعي ﻷن تتصالح، مع جماعة الإخوان، كما أن الجماعة أيضا متمسكة بشرط يستحيل تحقيقه وهو الشرعية، والتي تعني محاكمة كل من شارك في 30يونيو بتهمة الانقلاب، وهذا لا يتوافق مع المنطق.

ولفت إلى أن  السلطة الحالية طرحت نفسها منذ البداية على أنها جاءت لمحاربة الإرهاب المتمثل في الإخوان فكيف ستتصالح معه.

ويتفق معهما الدكتور محمد السعدني في استحالة عمل مصالحات مع نظام الإخوان لافتا إلى أن المصالحة السياسية مقصود بها النظام والإخوان فقط، ﻷنه لا توجد قطيعة بين السلطة الحالية ودولة مبارك التي أسقطتها ثورة 25 يناير 2011.

ويرفض السعدني في حديثه لـ" مصر العربية"  مصطلح المصالحة السياسية قائلا: إن المصريين لن يقبلوا بذلك بعدما شاهدوا، ما يسميه بالإرهاب الإخواني والتعاون بين تنظيم الإخوان والمجموعات المتطرفة سواء تنظيم الدولة الإسلامية بسيناء "داعش" أو غيرها من المجموعات التي تسمى باللجان النوعية.

ويقول إن المصالحة مقتصرة على الإخوان وحدهم ﻷنه لا يوجد شقاق سياسي بين نظام مبارك ومن في السلطة الآن، فعلى سبيل المثال لا يغيب رجل الأعمال محمد أبو العينين وهو أحد أعمدة نظام مبارك عن الاحتفالات الرسمية، كما أن إبراهيم محلب عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني شغل منصب رئيس الوزراء لفترة وحتى الآن موجود هو وغيره من وزراء مبارك في أعلى المناصب التنفيذية.

ويشير إلى أن قضية المصالحة حق يراد به باطل، فطرحها كل فترة يحركه التنظيم الدولى للإخوان من خلال أذرعه في الداخل والخارج، ويستخدمه لترتيب أوراقه محليا أو إقليميا.

وينوه إلى أن الإخوان لو يريدون التصالح كانوا تنازلوا عن السلطة تماشيا مع الرغبة الشعبية التي خرجت في 30يونيو وأن يبتعدوا عنها، لكنهم فتحوا صراعا عنيفا عليها.

ويشير إلى أن المقصود بإثارة المصالحة بين الحين والآخر هو عمل حالة من الوقيعة بين القيادة السياسية الحالية والشعب الذي قطعا يرفض هذا الأمر.

واتفق الخبراء الثلاثة على عدم إمكانية استدعاء التجارب الدولية في المصالحات، وعكسها على الواقع المصري،فيقول السعدني إن تجربة تونس أو جنوب إفريقيا لا يمكن استعارتها في مصر.

ويضيف أن الوضع في جنوب إفريقيا كان فيه تنازل عن السلطة طواعية، من قبل النظام الحاكم لمن ينادون  بالمساواة وإعطاء الحكم لنيلسون مانديلا، ولم يحدث صراعا كما هو الحال عندنا.

ولفت إلى أن ذلك سمح للنظام القديم بالاندماج بسرعة في المجتمع بعدما اعتزل الحياة السياسية.

واتفق معه فهمي هويدي في أن المقارنة مع ما حدث في جنوب إفريقيا  أو حتى ما يحدث في تونس حاليا، غير عادلة ﻷن الظروف مختلفة.

ويضيف: في جنوب إفريقيا كان الصراع مختلف، وكانت توجد قوى سياسية  تعمل على الأرض أما هنا لا يوجد أي قوى سياسية.

وبحسب هويدي فالوضع في تونس مختلف أيضا ﻷن القوى المدنية هي التي تبنت قضية التصالح، وهناك لا يوجد تدخل من قبل المؤسسة العسكرية في المعادلة السياسية، وبالتالي استطاعت طرح فكرة العدالة الانتقالية بشكل واضح.

ويشير إلى أن الجيوش عموما لا تقبل بفكرة التصالح فهي دائما ما تحارب ولا يقبلون بقواعد اللعبة السياسية القائمة على الجولات والتفاوض.

وبالمثل يقول سعيد صادق، إن  استدعاء بعض التجارب الدولية في عمليات التصالح غير معقول ﻷن لكل بلد تجربته وظروفه، والظروف مختلفة تماما في مصر عما حدث في جنوب إفريقيا فالمواجهة حاليا بين دولة وحزب متمثل في جماعة الإخوان المسلمين، لكن هناك كان نيلسون مانديلا يقود غالبية المجتمع الرافضة لفكرة إقصاء السود.

وتابع أن كل الأنظمة التي حكمت مصر كانت في مواجهة مع الإخوان، ولم يرصد التاريخ أي تقارب بين السلطة والإخوان منذ نشأتها دائما كان هناك مواجهات عنيفة، ولم يتصالح أي نظام سياسي وصل للحكم في مصر معهم.

واتفق الخبراء الثلاثة في أن احتمالية حدوث هذه المصالحات غير متوقعة في المستقبل، ﻷنه لتحقيقها يحتاج الأمر لعدة شروط كما يقول فهمي هويدي.

هويدي يشير إلى أن العامل الأول هو أن توجد سياسية فحاليا هذا المصطلح غائب عن الواقع المصري، والثاني أن تسبق هذه المصالحة مقدمات لتمهيد الأمر وتعطي مؤشرات بإمكانية حدوث ذلك، والثالث هو وجود إرادة لدى الأطراف المتصارعة على عمل هذه المصالحة وهذا غير موجود حاليا.

ويضيف أنه يجب أيضا توافر عدة عوامل أخري  لهذه المصالحة، منها السياسي والاقتصادي، والبعض منها إقليمي كما هو الحال  في قضية تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية، لجماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية، فقرار مثل ذلك يغير المعادلة السياسية في مصر رغم أنه سيتخذ في أمريكا.

ويشار إلى أن تونس أقدمت على عدة إجراءات، لتطبيق مطلب العدالة الانتقالية، تبدأ بمحاكمة عدد من قيادات النظام السابق و تمرير قانون العفو العام لفائدة المساجين السياسيين السابقين.

وشُكلت لجنتين لتقصي الحقائق للكشف عن حقيقة الانتهاكات المرتكبة خلال الثورة والنظام السابق تحت اسم "اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق لملفات الفساد والرشوة، واللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات منذ 17 ديسمبر".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل