المحتوى الرئيسى

الهجوم على دير "سانت كاترين" ومؤشراته

04/19 15:25

بدأت الأخبار تتسلل في وقت متأخر من ليلة أمس عن هجوم مسلح على مرتكز أمني في محيط دير سانت كاترين جنوبي سيناء ، بطبيعة الحال كانت صفحات التواصل الاجتماعي هي التي نشرت الخبر ، لكننا تريثنا وانتظرنا مصدرا أكثر موثوقية أو شيئا يصدر عن وزارة الداخلية لجلاء الأمور ، لكن فضائية "سكاي نيوز" الإماراتية هي التي تفردت بنشر الخبر الأول عن الحادثة ، وليس أي مصدر مصري إعلامي أو رسمي ، فالإمارات دائما عندها الخبر اليقين ! ، ثم ظهر أول توضيح من جهة رسمية عن طريق مدير أمن جنوب سيناء ، الذي أوضح للصحفيين أن مجندا أطلق النار بمحض الخطأ فأصاب عددا من زملائه ، غير أن وزارة الداخلية بعد حوالي نصف ساعة ، ومن خلال الإعلام الأمني أعلنت في بيان مقتضب أن هجوما مسلحا وقع من منطقة مرتفعات حول الدير أدى إلى مقتل شرطي وإصابة عدد آخر ، وأنه تم الاشتباك مع المهاجمين وإجبارهم على الفرار ، فأصبح الرأي العام المصري والعالمي أمام روايتين للواقعة ، كلتاهما صادرة عن وزارة الداخلية ، وعلينا أن نختار الرواية التي نصدقها .

عندما يصل التخبط في البيانات الرسمية إلى هذا الحد فلا يصح أن تعطي وزارة الداخلية نصائح ودروس ومواعظ للصحفيين بتحري الدقة في النشر واستقاء المعلومة من مصادرها الصحيحة ، وتهددهم باللجوء إلى "الإطار القانوني" ، وعلى "المصدر المسئول" بوزارة الداخلية الذي يعطي التحذيرات والنصائح للصحفيين ، وهو لا يملك الجرأة على أن يقول اسمه الصريح أو منصبه ، عليه أن يكون أكثر تواضعا أمام الأحداث المتوالية التي تتعرض لها البلاد ، والتي تربك حتى مسئولي وقيادات الداخلية ، وليس الصحفيين وحدهم .

في صباح اليوم التالي كان الرئيس عبد الفتاح السيسي يجتمع مع اللواء أبو بكر الجندي في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، لمعرفة تطورات العمل في الإحصاء السكاني الجديد الذي يقوم به الجهاز ، وكان الناس تنتظر في الصباح أن يكون اجتماع الرئيس مع "اللواء" مجدي عبد الغفار ، وليس مع "اللواء" أبو بكر الجندي ، باعتبار أن حادثة دير سانت كاترين شديدة الخطورة في رمزيتها ، لأنه أحد أهم المزارات السياحية في مصر ، فضلا عن رمزيته الدينية ، ومكانته العالمية بوصفه أقدم دير على وجه الأرض ، حسب رؤية كثير من الخبراء ، والإحصاء السكاني عمل وظيفي ممتد لشهور طويلة ، ولا يحمل أي وجه للاستعجال ، بل ولا معنى لقيام الرئيس بزيارة المقر نفسه بما يسببه ذلك من احتياطات أمنية تنغص على المواطنين حركتهم وعيشهم ، فضلا عن تفريغ قيادات الدولة معه في تلك الزيارة من أول رئيس الوزراء إلى الوزراء والقادة ، وكان يكفي أن يستدعي رئيس الجمهورية رئيس الجهاز وبعض خبرائه إلى مقر الرئاسة لعرض المستجدات ، أما أن يترك الرئيس الاجتماع الأخطر والأهم في الحدث الأخطر والأهم ، لكي يقوم بزيارة "معنوية" لجهاز الإحصاء ، فهذا ما يصعب استيعابه .

حادثة دير سانت كاترين الخطيرة وقعت بعد أيام قليلة من قرار الرئيس إعلان حالة الطوارئ ، وهي واقعة تؤكد من جديد على ما يجمع عليه كل المراقبين للأحداث في مصر والمنطقة طوال السنوات الماضية ، فالطوارئ لا تمنع الإرهاب ولا حتى تقلله ، وإنما تغذيه وتوسع نطاقه ، وتتسبب الإجراءات القمعية التي تصحبه في صناعة حواضن اجتماعية ساخطة وكارهة للسلطة من شأنها أن تعزز من جاذبية المنظمات الإرهابية للشباب قليل الخبرة والمشحون بالغضب مما يوسع من نطاقه ويمد في حياته ، فالذي يضار من الطوارئ فعليا هم الناس العاديون والأحزاب السياسية والحياة العامة والسياحة والاستثمار والاقتصاد ، وليس الإرهاب وخلاياه .

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل