المحتوى الرئيسى

شيوخ الحكمة والفتنة في تاريخ مصر.. كيف كانت أدوارهم وقت الأزمات؟

04/19 14:25

تظل العلاقات بين طرفي المجتمع المصري المسلم والمسيحي ملفا شائكا وإن كانت الوحدة وعمق العلاقات بين الجانبين هي أحد أهم سمات المجتمع والتي فشلت محاولات عديدة للإيقاع بينهما، وعلى مدار العقود الماضية كان للجانبين أصوات عقل تحاول دائما التدخل لاحتواء الأزمات المحتملة أو القائمة، وكذلك بعض مشعلي الفتنة.

تستعرض شبكة الإعلام العربية “محيط” في هذه السطور أبرز من لعبوا دورا في احتواء مواقف عديدة بين المسلمين والمسيحيين ، وآخرين كانوا رموز فتنة حاولوا إشعال النزاع الطائفي في البلاد بتصريحاتهم وأفعالهم.

وخلال مطلع القرن العشرين لعب كلا من أحمد لطفي السيد ومكرم عبيد باشا دورا هاما كطرفي الحكمة في البلاد لاستيعاب أي محاولات لإحداث الفتنة الطائفية حينها، أما في الفترة الأخيرة كان لكلا من الشيخ محمد متولي الشعراوي والدكتور أحمد الطيب دورا في استيعاب الأزمات يقابلهما البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية الراحل وسلفه البابا تواضروس الثاني.

”إننى كما أقرأ الإنجيل أقرأ القرآن وأستشهد بآياته بل وأتعظ بعظاته لأننى أؤمن بالواحد الديان سبحانه فى كمال علمه وصفاته” كان هذا موقف السياسي المصري الراحل مكرم عبيد واذلي عرف عنه استشهاده بآيات القرآن الكريم خلال خطبه السياسية، كما عرف عن “محامي الحريات” دعمه للحقوق ورفض القيود على الصحافة واستخادم مصطلحات مطاطية كوقاية النظام العام.

ورغم رحلته السياسية النضالية التي بدأت مع سعد زغلول ورفاقه بدءا من العمل في الترجمة لفضح جرائم الاحتلال الإنجليزي وكانت دعايته ونشاطه وخطبه الرنانة عقب نفي سعد زغلول سببا لإلقاء القبض عليه ونفيه أيضا خارج البلاد، لكن عمله السياسي استمر بعد توليه مناصب وزارية في حكومة النحاس باشا حتى نشوب الصراع مع الحكومة والوفد انتهى بفصله من البرلمان واعتقاله.

وأحد أبرز مقولاته كانت “اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصاراً، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين”، فهو المدافع عن الوحدة الوطنية والحقوق والحريات وصاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها، والواضع الأول لكادر العمال في مصر، وتوفير التأمين الاجتماعي لهم. وحين توفي عبيد توفي مكرم عبيد فى 5 يونيو 1961م ، تم تأبينه بالكنيسة المرقسية بالأزبكية وقد شارك أنور السادات نيابة عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تأبينه، ودفن بالقاهرة.

كان المفكر المصري أحمد لطفي السيد هؤلاء ممن يعرفون بـ”شيوخ الحكمة” فهو الكاتب خريج كلية الحقوق عظيمة الشأن حينها وزير المعارف والداخلية عمل بالسياسة والصحافة والمحاماة، ليصبح بحق رائدا من رواد التنوير في مصر فهو له باع من العمل في الثقافة والفلسفة واللغة.

”إن الدين ليس هو الأساس الذى تقوم عليه الأكثرية والأقلية ولكنه المذاهب السياسية، والأمة كائن سياسى يتألف من عناصر سياسية فأي مذهب من المذاهب السياسية اعتنقه أفرادا أكثر عددا وأثرا كان له أكثرية وكان الآخر أقلية، وعلى هذا يمكن فهم الأقلية والأكثرية فى كل أمة، وليس للدين دخل فى ذلك” كانت هذه هي رؤيته لمفهوم الأقلية.

وحين لاحت بوادر فتنة طائفية في عام 1908 وبعدها عقب مقتل بطرس غالي وانعقاد مؤتمر الأقباط في أسيوط، شن “أستاذ الجيل” هجوما على تلك الفتنة من خلال مقالاته حينها ورفض مصطلح “الأمة القبطية” ودعا لعقد مؤتمر مصري لتعزيز الوحدة الوطنية وإصلاح ما أفسدته الفتنة الطائفية وهو ما حدث عام 1911 برئاسة رياض باشا وتولى السيد خلالها سكرتارية المؤتمر.

كان البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية الراحل واحد من هؤلاء من استطاعوا احتواء الأزمات الطائفية وكانت أبرز حادثتين وقعتا خلال الرئيس الراحل أنور السادات في الخانكة والزاوية الحمراء، فاستطاع بالتعاون مع محمد الفحام شيخ الأزهر وقتها خلال أحداث الخانكة عام 1972 باحتواء الأزمة بعد أن زارت لجنة تقصي الحقائق المنطقة وأصدرت تقريرها ومر الموقف بسلام.

فيما جاءت أحداث الزاوية الحمراء عام 1981 أعقاب زيارة السادات للكنيست الإسرائيلي لتؤجج الصراع بين السادات وشنودة بسبب معارضة الأخير للزيارة ولاتفاقية كامب ديفيد، فكان شنودة واحدة من المستهدفين في حملة “سبتمبر 1981” الشهيرة التي نفذها السادات ضد معارضيه فلم يعتقل إنما حدد إقامته في دير وادي النطرون.

وعقب رحيل البابا شنودة عام 2012 خلفه البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ومنذ توليه يحاول احتواء الأزمات التي عصفت بالمجتمع خلال السنوات الخمس منذ تجليسه على الكرسي الباباوي بعد تعرضت عدد من الكنائس للحرق والاعتداءات والتفجيرات.

وكان آخرها عقب تفجير الكنيسة البطرسية منتصف ديسمبر الماضي خلال كلمته أثناء ترأسه قداس جنازة ضحايا التفجير قال “فى هذه الاحداث لا يملك الانسان إلا التوبه والصلاة فنحن لا نتعزى بكلمات بشر بل بوعود الله التى نعيش عليها، وحينما نحتفل بأخواتنا الشهداء نرتبط أكثر بوعود الله”.

الشيخ أحمد الطيب والامام الشعراوي

كان الامام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي صاحب مكانة كبيرة لدى الشعب المصري مكنته من التدخل في أوقات الأزمات، كان منها تدخله لاحتواء أزمات طائفية وقعت في مناطق عديدة منها عين شمس وإمبابة وقرى أخرى.

فيما يتولى الشيخ أحمد الطيب حاليا “بيت العائلة” وهو مؤسسة تجمع أطراف مسيحية ومسلمة لها موقفها المعتدل إزاء الأحداث، وصفه الطيب بأنه نموذجًا مصريا فريدًا يجتمع تحت مظلته علماء وقساوسة يبثون روح الأخوة والسلام بين جميع المصريين، فهو يرى ويؤكد دائما أن الحوار والتواصل بين قادة الأديان هو الطريق الوحيد لإرساء السلام حول العالم.

وعقب تفجير كنيسة القديسين مطلع عام 2011 ومطالبات الفاتيكان بحماية المسيحيين في مصر رفض الطيب هذه التصريحات واعتبرها تدخلا في الشأن المصري ورأى أن حماية المسيحيين شأن داخلي تتولاه الحكومات باعتبار المسيحيين مواطنين مثل غيرهم من الطوائف الأخرى، وجمد العلاقات مع الفاتيكان حتى أعيدت مؤخرا بزيارة الطيب ولقائه ببابا الفاتيكان وزيارة أخرى مرتقبة للأخير هذا الشهر الجاري.

كان الجنرال أو المعلم يعقوب واحدا من مثيري الجدل دائما في التاريخ المصري فأجمع علماء التاريخ على خيانته بسبب تعاونه مع الحملة الفرنسية على مصر، ويراه بعض المؤرخين المسيحيين بأنه بطل ثائر ضد الظلم العثماني حاول تخليص مصر منه بمساعدة إنجلترا وفرنسا لكن البعض الآخر يراه خائنا متعاونا مع الاحتلال.

مع نهاية الحملة الفرنسية على مصر ومغادرتها قرر الخروج من البلاد وبعد ركوبه البحر بيومين لقي نهايته بعد إصابته بحمى شديدة مات على إثرها وكانت وصيته أن يدفن بجوار صديقه الفرنسي الجنرال ديسيه، وتعددت الروايات حتى الآن هل تم تنفيذ وصيته أم أن الفرنسيون ألقوا جثمائنه في البحر.

في المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر كان المحامي أخنوخ فانوس واحدا من رؤس الفتنة في المجتمع المصري، فحين قرر الددخول إلى العالم السياسي بتأسيس حزب ففي عام 1908 أصدر دعوته لتأسيس الحزب المصري، كان البرنامج مغاليا في دعوة للتمثيل الطائفي فيما اقترحه من نظام نيابي.

وقاطع الأقباط هذا الحزب كما قاطعه المسلمون ولم يدخله أحد غير مؤسسه فمات حزبه قبل أن يولد، ورفض توجهه رموز قبطية عديدة ومن أبنائه أيضا الذي كانوا ينتمون إلى الوفد أو أقرب له.

”عدو الإسلام الأول” هكذا وصف مراقبون شخصية القمص القبطي زكريا بطرس والذي عرف لدى العامة بعد زهوره في قناة الحياة التبشيرية دائمة الهجوم على الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكن ظهوره لم يدم ففي يوليو من العام 2010 قررت منظمة «جويس ماير التبشيرية»، وهي منظمة تبشيرية أمريكية تعمل بالشراكة مع قناة الحياة، وقف بث برامج زكريا بطرس.

وفي أبريل 2011 أطلق بطرس قناة جديدة خاصة به باسم الفادي تبث في أمريكا الشمالية وهي تبث الآن في الشرق الأوسط، وظل من المرفوضين لدى المسلمين وكثير من المسيحيين أيضا، وقال عنه البابا شنودة الثالث إن أسلوبه غير مرضٍ وأن مشاكله لا تتعلق بالهجوم على الإسلام وحسب وإنما بمفهومه للخلاص واعتقاده في الخلاص في لحظة.

وثارت ضده ردود فعل غاضبة فتقدم محامين ببلاغات تطالب بإسقاط الجنسية المصرية عنه وإلقاء القبض عليه عن طريق الانتربول.

أبو إسلام أحمد عبد الله 

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل