المحتوى الرئيسى

سامح إسماعيل يكتب: أن تكون باحثًا في مصر! | ساسة بوست

04/19 13:34

منذ 4 دقائق، 19 أبريل,2017

رغم أن مصر فيها أقدم قاعدة أرشيفية في العالم وهي دار الوثائق، التي أنشأها محمد على عام 1828 وسميت وقتها بالدفترخانة، والتي أصبحت الآن الهيئة المصرية العامة لدار الكتب والوثائق القومية وفقًا لقرار رئيس الجمهورية 176 لسنة 1992، وبعدما انضمت للهيئة المصرية العامة للكتاب سنه 1990، وتمتلك الدار نحو أربعة ملايين كتاب، ومائة وعشرة آلاف مخطوط، ومائة وستين ألف مجلد من الدوريات، وتسعة وثلاثين ألف مادة صوتية موسيقية، ونحو مائة مليون وثيقة تصور تاريخ مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي منذ العصر الفاطمي وحتى سبعينيات القرن العشرين.

كان الهدف من تجميع وأرشفة المخطوطات والوثائق والخطابات والاتفاقيات، ناهيك عن فرمانات السلاطين، هو أولاً حفظ الحقوق التاريخية لكل بلد، سواء أكان حقًا علميًا أم جغرافيًا، ومن ثم الحفاظ على حق الشعوب في موروثاتهم أينما كانت، وتدريسها للأجيال ليتوثقوا ويقتدوا بما قدمه أسلافهم، وهذا ما يحدث في العالم بأسره، لكن بما أن مصر دائمًا صاحبة «الريادة» في كل شيء؛ فالأمر عندنا مختلف كل الاختلاف، ولك أن تعرف أن الجهات الرسمية في مصر وغير الرسمية في مصر أيضًا تصنفك إن كنت باحثًا بأنك خائن عميل تعمل مع جهات خارجية ثلاثية الـبعاد دائرية الحلقات، إما شيعيًا علويًا تهدف على إعلاء التشيع في مصر، وإما ملحدًا زنديقًا كافرًا تسعى لنشر العلمانية في بلد «ادخلوها آمنين».

لكن في النهاية أنت حليف ومساعد ومساند للمؤامرة العالمية على مصر المفلسة في كل شيء، مستخدمًا نظريات ونهج حروب الجيل التاسع عشر.

سلطة العلم والمعرقة تنتصر دومًا على سلطة النفط، سلطة العلم أصبحت من السلطات التي تمنحك القوى والثبات في المقاومة، ولغة الأرقام أصحبت نوافذ الشعوب تصديًا وحافزًا. ’

الباحث في مصر، حتى وإن كان باحثًا علميًا صاحب دراسات عليا في حقيبته التعليمة يواجه مشاكل وصعوبات كثيرة وفجة لممارسة حقه في البزوغ والتطرق في مادته العلمية، حتى يخرج للمجتمع صاحب علم له أصل وفصل يتم تدريسه والاستفادة منه وبه في عالم تحركه سلطة ماكينات العلم التي لا تقف مطلقًا، ناهيكم عن الباحث الاجتماعي الذي يحصل على تصنيف مما سبق أعلاه، إما شيعيًا وإما عميلاً وإما ملحدًا، وهذا بعدما تطأ قدمه دار الوثائق، وإليكم حوار مع السادة المعنيين بأمر الأبحاث والوثائق في مصر.

الموظف: نعم أؤمر، جاي ليه؟

باحث: أنا جاي أقرأ وأبحث عن فترة حكم الفاطميين لمصر.

الباحث: إيه دخل شيعي وسُنى في البحث اللي عايز أعمله؟ ده مرحلة عًمرية في تاريخ مصر وجب البحث فيها وده عمل بحثي.

الموظف في صوت عالٍ وتبريق شديد ويد ملوحة لأعلى: روح للي باعتينك قولهم مصر سُنية سُنية وهتفضل سُنية فاهم.

الشيء المؤكد أن النظام في مصر كونه نظامًا ديكتاتوريًّا مستبدًا يكره لغة الأرقام والتوثيق والبحث، وذلك هروبًا من المواجهة بالفشل في صورة الرقم، وخوفًا من المسائلة يومًا ما حال وجود المستند الذي يدينه حال توثيق جرائمه، فنرى اليوم حرب غير عادية على الباحثين التي ترعاهم منظمات مجتمع مدني، حرب مُعلنة ومبهمة، فالنظام في مصر معدوم الشفافية، فلا أرقام صحيحة حتى وإن كانت عن مراكز المعلومات التابعة للدولة، ولا وثائق متاحة في دارها التاريخي، نظام يفتقر لممارسين حسبة الأرقام العدولية بمنهجية وإنصاف.

مصر من أكثر الدول التي بها القضايا الــــــــــ Dialectical في العالم كله؛ فمثلاً حريق 1952 حادثة لم يحسم الأمر فيها بفاعل، وذكرت حريق يوليو 52 تحديدًا لأنه كان حدثًا مؤثرًا استغله الطامعون في الحكم الذين يريدون الانقلاب على فاروق وقتذاك، مثلها مثل أشياء كثيرة في التاريخ المصري الجميل «بتاعنا»، مهنة الباحث في مصر مهنة غلفها النظام بأغلفة سوداء مكتوب عليها «غير مرغوب فيك» فحتى الآن لم يتم الإعلان الحقيقي عمن كان وراء حريق 26 يوليو 52 ولا يوجد أرشفه كاملة للحدث.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل