المحتوى الرئيسى

خان شيخون.. المجزرة المتفق عليها دولياً وإقليمياً لماذا؟

04/19 09:47

قبل مفاوضات جنيف 5 تكفلت المعارضة السورية بإرسال رسالة تحذيرية كانت موجعة إلى حد ما من جانب بعض اﻷطراف الإقليمية والدولية التي أظهرت للنظام قدرتهم على إسقاطه، خاصة بعد المعارك العنيفة التي انطلقت من حي جوبر المحاصر ووصلت قرب القصر الجمهوري لنظام بشار الأسد في وسط العاصمة دمشق، وفي معارك مدينة حماة أيضاً التي كلفت النظام مئات القتلى، فارتفعت نقاط المعارضة السورية قبل بدء التفاوض.

النظام المجرم بعد تراجعه في عدة نقاط في حماة ودمشق مؤقتاً، لكن كان تراجعه مزعجاً جداً؛ حيث حرك المياه السياسية الراكدة بعنف، خاصة في دمشق؛ لذلك قرر حلفاء النظام رفع سقف التفاوض على طريقتهم اﻹجرامية أو على الطريقة الروسية البوتينية؛ حيث أراد هو وحلفاؤه روسيا وإيران وحزب الله القول بأنهم هنا، وأن التفاوض يسير وفق أهوائهم، وليس هوى أي طرف آخر، فتم الضرب في خان شيخون بصواريخ تحمل الغاز الأبشع والقاتل الصامت والمحرم دولياً، غاز السارين،

بمجزرة سياسية متفق عليها مسبقاً وتعرف بها كافة اﻷطراف حتى اﻷميركان أنفسهم، قبل الروس والإيرانيين، فلو أن النظام الطائفي المجرم أراد قتل 500 سوري فلن يعجز عن قتلهم كما فعل مسبقاً في حلب مسبقاً وداريا، بالطرق التقليدية، بالبراميل المتفجرة، والقنابل العنقودية، وقصف اﻷحياء واﻷسواق المكتظة، دون اللجوء للسلاح الكيماوي الذي دفع ثمناً سياسياً باهظاً عندما استخدمه مسبقاً، أبرزه وقتها نزع سلاحه الكيماوي، والتهديد بقصفه من جانب إدارة أوباما بسبب استخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطة الشرقية عام 2013؛ لذا فالنظام الهالك في دمشق لن يجرؤ على أفعال كهذه ساقطة بدون غطاء من كفيله الروسي، والجميع يعلم بذلك، فالروس حذروا اﻷسد العاجز بعين الحدة لا تقدم على أي شيء دون إذن منا وإلا!

إذاً ما هي الدوافع وراء مجزرة خان شيخون؟

الهدف اﻷول دون أدنى جهد هو دوافع سياسية قذرة يستفيد من نتائجها روسيا ونظام اﻷسد بشكل خاص ومنها:

* رفع سقف التفاوض في جنيف، خاصة بعد أن لطمت المعارضة وجه روسيا وإيران ونظام اﻷسد في معارك قلب دمشق ومعارك مدينة حماة.

* حالة من الغليان الشديد بسبب أعداد القتلى المرتفعة جداً تعيشها المدن المؤيدة للنظام ذات الطابع التكويني العلوي مثل طرطوس واللاذقية والقرادحة بسبب نتائج المعارك اﻷخيرة في مدينة حماة السورية وفي أحياء مدينة دمشق القريبة من القصر الرئاسي الذي يعتبر رمزاً مهماً ﻷتباع النظام.

* محاولة تحريك المياه الراكدة حول الإدارة اﻷميركية بقيادة ترامب ومحاولة كشف استراتيجيتها الجديدة حول القضية السورية.

* تعليق اﻷنظار دولياً عما يحدث من انتهاكات من طرف فلاديمير بوتين ضد المتظاهرين ضده في روسيا، وعن هذه التظاهرات من اﻷساس، وأنا أعتقد أن هذه المجزرة كانت تكميلاً لانفجار سان بطرسبورغ الذي تظهر به بصمات الاستخبارات الروسية بوضوح من جذب اﻷنظار إليها من خلال أحداث مغايرة في سان بطرسبورغ ثم في اليوم التالي خارجياً في سوريا أو أوكرانيا، وكثيراً ما فعل الروس ذلك، خاصة في أزمة الطائرة الماليزية المنكوبة التي سقطت بصاروخ دفاع جوي من منظومة بوك إم الروسية فوق مناطق الانفصاليين اﻷوكران المدعومين بقوة من نظام بوتين في شرق أوكرانيا واتجاه أصابع الاتهام نحو روسيا وقتها.

* إرسال رسائل لعدة أطراف إقليمية منها السعودية وقطر وتركيا بأن محاولة العبث بقواعد اللعبة مجدداً، أو العبث مع حليفنا في دمشق نتائجها سوف تكون وخيمة للغاية، ولن يقدر على ردعنا أحد، وهي رسالة لطواغيت العرب المدعومين من جانب موسكو أمثال خليفة حفتر في ليبيا والسيسي في مصر وجنرالات الجزائر الحاكمين في صورة القعيد بوتفليقة وغيرهم، رسالتنا أننا نبقى مع أتباعنا ولا نبيعهم مطلقاً كما فعل الغرب مع بن علي ومبارك.. إلخ، وهذا نظام اﻷسد خير مثال يقتل ويسرف في الجرائم ونحن نحميه وندعمه، بل ونشارك معه على كل جبهاته التي يختل توازنه فيها.

أنا أعتقد أن هناك أعمال عنف دامية مثل تفجيرات كبيرة سوف تطال اﻷماكن المدنية الموالية للنظام السوري، سوف تحصد عشرات المدنيين من الموالين له للتغطية على مجزرة خان شيخون، والتخفيف من حدة آثارها الدولية، وحتى يتسنى له العزف على النغمة المفضلة لديه، ولكل الطواغيت العرب، وهي محاربة الإرهاب.

* هذه المجزرة سوف توضح إن كانت إدارة ترامب جادة في تحجيم دور روسيا المتعاظم في الشرق الأوسط أم أنها سوف تسير على خطى إدارة أوباما التي دائماً ما أوكلت المهام القذرة للوكيل الروسي كدعم الطواغيت ومحاربة الشعوب في الخفاء؛ لعدم قدرة أميركا على القيام بذلك الدور في العلن، كما حدث في العراق وأفغانستان مسبقاً.

هل سيسير ترامب على خطى سلفه بارك أوباما الذي طالما وصفه ترامب بالعجز والضعف؟

هل سوف يكشر ترامب عن أنيابه أم أن الحليب الروسي ما زال عالقاً في حلقه من جراء صفقة تلاعب الروس بنتائج الانتخابات اﻷميركية التي ما زالت التحقيقات مشتعلة فيها، والإعلام اﻷميركي الذي ما زال عاكفاً على مهاجمة ترامب بوصفه جاء إلى البيت الأبيض على ظهر الدب الروسي.

اﻷيام القادمة سوف تكشف الكثير حول مجزرة الكيماوي في خان شيخون، كما فعلت في وقائع مشابهة في مجزرة الغوطة الشرقية في عام 2013 وحلب 2016 وفي مضايا وحمص.. إلخ، الجرائم كثيرة ولا يسعني ذكرها.

أن عام 2017 سيكون عاماً أكثر دموية وقسوة، وأعتقد أنه عام التقسيم رسمياً وتفتيت بعض الدول أمثال العراق وسوريا، خاصة إلى عدة دويلات صغيرة وضعيفة طائفية متحاربة فيما بينها لعقود طويلة؛ حتى يكون هذا التقسيم حجر الزاوية في أمن الكيان الصهيوني والمصالح الاقتصادية والسياسية التي طالما ما تحدث عنها ترامب بقوله: نحن نحميهم ونحن نعطيهم السلاح ونحن نحارب ﻷجلهم إذاً فليعطونا نصف ثرواتهم على اﻷقل؛ ﻷنها بلاد فاشلة غير ذات سيادة. هكذا هو الواقع الطمع والجشع اﻷميركي الروسي سيحول الهلال الخصيب في الشرق الأوسط إلى إفريقيا جديدة، بل نموذج أكثر سواداً وبشاعة من إفريقيا الحروب اﻷهلية والصراعات الطائفية والعرقية التي تستمر عشرات السنين.

ويبدو أن رسالة مرشد الإخوان المسلمين التي أرسلها لحكام العرب في مؤتمر القمة العربية بالقاهرة عام 2003 وتحذيره لهم بسبب خيانتهم وتخاذلهم عن العراق وقتها قد وقعت بالكامل بل أسوأ عندما أبلغهم:

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل