المحتوى الرئيسى

التهجير القسري.. عقوبة من لم يمت في سوريا

04/19 18:16

لا يزال مسلسل التهجير القسري مستمرا في مناطق سيطرة رأس النظام السوري بشار الأسد، فالنظام يصر على تفريغ المدن السورية وتبديل سكانها بآخرين من إيران والعراق بحسب شهادات سوريين هجّرهم النظام.

من مدينة لأخرى، بدأت تتساقط  المدن السورية، فمن القصير إلى داريا ومعضمية الشام، مرورا بالتل والتركمان وريف دمشق الغربي، وحلب، وصولا لحي الوعر، والزبداني، مدن أجبر النظام أهلها على التهجير والنزوح.

الأسد رغم تراجعه في بعض المعارك العسكرية كالتي في ضواحي دمشق، ومنشية درعا، لا يزال مستمرا في التهجير ومعاقبة المدنيين، تارة مستخدما سلاح التجويع والحصار، وأخرى بالقصف الكيماوي وإجبار الأهالي على ترك منازلهم، بدأها بداريا، وتسليمها لشبيحة النظام، وصولا للزبداني وحمص.

مراقبون سوريون أكدوا أن عائلات شيعية وعلوية وعراقية استُقدمت إلى مدن السنة لتحل مكان أهلها الذين رُحّلوا عنها، دون وجه حق، مؤكدين أن عمليات ترحيل سكان الزبداني ومضايا في ريف العاصمة نحو الشمال السوري لريفي إدلب وحلب وسكان كفريا والفوعة إلى ريف دمشق، جريمة جديدة بحق الشعب السوري.

النظام اعتمد على عمليات تهجير واسعة لكثير من المناطق السورية، خصوصاً في حمص والعاصمة دمشق ومحيطها، بحجج المصالحة والتهدئة من جهة، والتهديد بسكين الميليشيات "الطائفية" والجوع والحصار من جهة ثانية.

مدينة القصير المحاذية للحدود اللبنانية ومدينة حمص الإستراتيجية، كانت أولى المدن التي سعى النظام إلى تهجير أهلها وتطبيق مخطط التغيير الديمغرافي عليها، والذي بدأ في عام 2013.

بعد ذلك انتقل النظام إلى أحياء حمص القديمة التي تضم أعداداً كبيرة من المقاتلين، وعمل على حصارها على مدى سنتين تقريباً، لينتهي الأمر بخروج المقاتلين منها وعددهم ألف مقاتل، باتفاق بين النظام وحلفائه والفصائل المعارضة برعاية الأمم المتحدة في مايو 2014.

نجاح إستراتيجية الحصار والتجويع والترحيل في حمص، شجّع النظام وحلفاؤه على اعتمادها في مدن أخرى لتأمين العاصمة والخط الذي يربطها بالساحل، فكانت داريا أولى ضحايا ريف دمشق، تلك المدينة التي خضعت لحصار وقصف طوال أربع سنوات، ليتم في الــ 27 من أغسطس، توقيع اتفاق يقضي بتهجير سكانها، حيث خرج منها 8000 شخصً بينهم 700 مقاتل، وتم نقلهم إلى شمال البلاد..

وبعد تهجير أهل داريا ذكرت مصادر صحفية، أن 300 عائلة تنتمي إلى حركة النجباء الشيعية العراقية وصلوا إلى داريا للإقامة فيها.

وفي الــ 13 من أكتوبر 2016 دخلت بلدتا قدسيا والهامة ضمن قائمة "التهجير"، وتم إجلاء أكثر من 2000 شخص، في 22 حافلة إلى مدينة إدلب، من بينهم أكثر من 300 مقاتل.

في الـــ 2 من ديسمبر لعام 2016 انطلقت "الباصات الخضراء" من مدينة التل، أو ما تعرف بمدينة "المليون نازح" إلى الشمال السوري، لإجلاء 2000 شخص بينهم 500 مقاتل، وعدد من المطلوبين للخدمة العسكرية، على أن يتم تشكيل لجنة من 200 شاب من أبناء المدينة، يسلّحهم النظام لحماية المدينة.

وفي الـ 19 من أكتوبر 2016 طُبِّقت عملية "تهجير" بحق مقاتلي معضمية الشام، وعائلات من مدينة داريا تقيم في المعضمية، وأخلي في هذه العملية ما يقدر بـ3000 شخص من المقاتلين وعائلاتهم، فضلاً عن عدد من عائلات داريا.

أما في 28 من نوفمبر 2016 على موعد مع حلقة جديدة من حلقات "التهجير القسري" في ريف دمشق إلى الشمال السوري، حيث بدأت عملية إجلاء 1450 شخصاً من مخيم خان الشيح وزاكية، بينهم مقاتلون وعائلاتهم، أعقبها مدينة كناكر آخر المدن في ريف دمشق الغربي التي خضعت للتهجير.

وفي منتصف ديسمبر 2016، كانت أكبر كارثة تهجيرية، حين حاصر الأسد حلب، وأجبر أهلها على قبول الاستسلام وترك المدينة، التي تعد أحد أهم النقاط العسكرية للمعارضة، التي أعقبها تهجير جديد لوادي بردى، حيث تم تهجير وادي بردى، تهجير بقوة الحصار 2100 شخص من مقاتلي ومدنيي وادي بردى إلى إدلب بينهم 700 مقاتل.

كما شمل التغيير الديمغرافي التركمان أيضاً، حيث قام النظام بتهجير أهل بلدتي قزحـل وأم القصـب فـي ريـف حمـص الغربـي، والتي تسـكنهما أغلبيـة تركمانيـة، ويبلـغ عددهـم 12ألـف نسـمة، مقابـل وقـف القصـف عليهـم.

ومنذ أيام بدأ تنفيذ الاتفاق الغامض الذي بات يعرف باسم اتفاق "المدن الأربعة"، والذي يقضي بتهجير قسري لسكان مدينتي الزبداني ومضايا المحاصرتين بريف إدلب، ونقل سكان من مدينتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام بريف إدلب، إلى مناطق النظام بدمشق.

واستؤنفت فجر اليوم الأربعاء، عملية إجلاء لسكان المدن المحاصرة، وأفاد ناشطون، بأن 4 حافلات خرجت من مدينة الزبداني وحافلتين من مضايا في ريف دمشق،  بالتزامن مع خروج القسم الثاني من الدفعة الأولى اليوم من مسلحي ومدني "الفوعة وكفريا" شمال إدلب باتجاه الراشدين.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريحات صحفية، أن "العملية استؤنفت، مع إجلاء ثلاثة آلاف شخص من الفوعة وكفريا عند الفجر، وحوالى 300 من الزبداني وبلدتين أخريين تحت سيطرة المعارضة".

الناشط الإعلامي السوري أحمد المسالمة قال: "الأسد ومن خلفه روسيا يقومان بالتهجير القسري أمام أنظار العالم، فالروس يقومون بالتغيير للمكون البشري بسوريا بسعي منها لتسهيل عمليات السيطرة التي تبدأها بالتجويع والحصار القاتل على تلك المناطق، ومن ثم تهجيرها.

وأوضح لـ"مصر العربية" أن الأسد وروسيا وإيران يجعلون من الجوع عدوا ثانيا للسوريين، العدو الأول القتل بالقصف والغارات الجوية والبراميل الحارقة، والعدو الثاني الجوع الذي يجعل من الإنسان بلا فائدة، فيرضخ مقهورا مرغما على الخروج من مسقط رأسه بأسى وحزن لا تطيقه الجبال.

الدموع بعيون كبار السن والنساء والحزن بقلوب الشباب لا تحمله الجبال، الكلام لا يزال على لسان المسالمة والذي أكد أن تغير المكون البشري هو ما يسعى إليه الأسد وروسيا المستفيد الأكبر.

وأكمل أن غارات روسيا الجوية تقتل المدنيين، وجنودها من الشرطة العسكرية الروسية تقوم بالإشراف على المناطق المهجرة، وبذلك تأخذ الحصة الأكبر لتكون دولة محتلة بامتياز، قائلا: "أعداء الشعب السوري يتكاثرون، (الأسد والمحتل والجوع).

بشير علاو المحلل السياسي السوري قال إن التهجير القسري للشعب للسوريين لعبة أسدية قذرة لا تنم إلا عن وقاحة وقلة حياء وأدب، لأنها تفرض على الناس الذين لاحول لهم ولا قوة، مغلوبون على أمرهم.

علاو رأى لـ"مصر العربية" أن التهجير يزيد التمزيق المجتمعي الحاصل الذي يلعب عليه العالم والنظام بجميع أدواته، هم  يريدون أناسا تصفق للباطل ليجعلوا منه حقا.

أحمد الجربا – رئيس تيار الغد السوري، قال: "بدأت عمليات ترحيل سكان الزبداني ومضايا في ريف، قبل يومين من ذكرى جلاء الفرنسي من أرضنا، ولعل في ذلك من عبرة لم تخطر في بال من أشرفوا على هندسة التهجير القسري للسوريين داخل أرضنا، ولكننا سوريون ونبقى، ولكن هل تكفي تلك البديهة؟ البديهة أننا سوريون وما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وعشنا سوية عبر قرون تعد بالآلاف ويستحيل ألا نكون سوية في يوم من الأيام.

سابقاً، اقتلعوا الفلسطيني من أرضه وذاكرته وتاريخه، لم تتحمل القلوب تلك التغريبة المأساوية ولم تمح من الذاكرة، وها هي الحادثة ذاتها تتكرر في وطننا السوري على مسمع ومرأى من سمع وبصر العالم، وبمشاركة ومباركة وتخطيط ممن تقول التواريخ إنهم أبناء جلدتنا وبعضهم من تقول بعض الروايات إنهم حلفاء ثورتنا، والطرف الآخر مجرم وسفاح بداعميه ومموليه وشركائه، يتم اقتلاع السوري من أرضه وتاريخه وحياته ومستقبله، ورغم مأساوية الحدث يأتي من يفجر نفسه في بعض حافلات المهجرين فيسقط عشرات الضحايا منهم، فهل تحولنا إلى شعب في مزادات العالم والجيران والأشقاء؟!.

الجربا في مقاله الأخير بموقع الغد السوري قال: "دعونا من الجانب المأساوي المرعب لعملية الاقتلاع والتهجير التي خبرها الفلسطيني جرحا عميقا في العقول والضمائر الحية عبر العالم، ولنترجم ما يجري بلغة السياسة، هناك عمليات اقتلاع قسري لمجموعات سكانية وأراضٍ سورية بين قوى متصارعة يدير أغلبها جهات إقليمية لم تعد خافية على أحد. يصادق العالم بالصمت والتواطؤ المريب، بل تذهب المنظمات الدولية والإنسانية، ومنها العاملة تحت غطاء هيئة الأمم المتحدة، دور الوسيط والناقل الحصري للمقتلعين من أرضهم.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل