المحتوى الرئيسى

«تيتان اليونانية» وسنين الخصخصة | المصري اليوم

04/18 01:19

يقول قانون مورفي للخدعة الإرادية أن «الأنظمة الجديدة ينتج عنها أخطاء جديدة» New systems generate new problems وهذا المنطق هو ما يعكس مشكلات تطبيق نظام الخصخصة في مصر، على الرغم من توقفه منذ سنوات إلا أن طبيعة مشكلاتها وأزماتها الجديدة والغريبة مازال يعاني منها الكثير من العمال، وأن توقف العمل بالقانون لم يعف البعض من تحمل ويلاته والكي بناره حتى الآن.

فمنذ أيام اتصل احد العاملين السابقين بمصنع «تيتان اليونانية للأسمنت»- «بني سويف للأسمنت سابقا»- يطلب مني الوساطة لدي نقابة الصحفيين لعقد مؤتمر صحفي لحوالي 400 عامل وموظف من عمال المعاش المبكر بالمصنع بهدف الإعلان عن الحكم القضائي الذي حصلوا عليه بالعودة مرة أخرى للعمل والحصول على مستحقاتهم المالية.

في البداية تعجبت كثيرًا من الطلب، فالحصول على حكم قضائي نهائي لا يحتاج إلى إعلان عبر مؤتمرات صحفية أو حتى عبر إعلانات ورقية ولكن كل ما يحتاجه هو التنفيذ، وفقط التنفيذ والحصول على الحقوق من المدعي عليه في الدعوي القضائية المقامة وهي الشركة صاحبه النزاع، ولكن صاحب الاتصال فاجأني بالأزمة الحقيقية التي دفعتهم لهذا الطلب، فعلي الرغم من حصولهم على حكم قضائي يلزم الشركة اليونانية التي تحمل اسم «تيتان اليونانية» بعودتهم للعمل والحصول على رواتبهم ومكافآتهم عن كل سنوات الانقطاع السابقة، إلا أن الشركة لا ترغب في عودتهم ولا تسمح بتنفيذ الحكم بل وتمتنع عن صرف مستحقاتهم حتى الآن التي وصلت إلى 150 مليون جنيه نظير أحقيتهم في رواتبهم منذ الاستغناء عنهم.

وترجع قصة هذه الشركة إلى عام 1999 حينما تم بيعها من قبل الحكومة ضمن صفقات الخصخصة وكانت وقتها تحمل اسم شركة «بني سويف للأسمنت» إلى شركة «لافارج الفرنسية» حيث استحوذت في البداية على 73.6% من أسهم الشركة في صفقة قيمتها 589 مليون جنيه، ثم أكملت الحكومة بيع بقية الأسهم في عام 2000 ووقتها بدأت الشركة الفرنسية سياسة تسريح العمالة مبكرًا فقامت بالاستغناء عن حوالي 100 عامل وإحالتهم للمعاش المبكر.

ثم تم بيع الصفقة مرة أخرى في غضون عام من «لافارج الفرنسية» إلى تيتان اليونانية، والتي أكملت سياستها في تسريح العمالة، فوصل عدد العمال المستغني عنهم نحو 400 عامل بدعوي إحالتهم إلى المعاش المبكر.

ومنذ عام 2000 والعاملون بدأوا في رفع دعاوي قضائية ضد الشركة بأحقيتهم للرجوع إلى العمل استنادا إلى رجوع عدد آخر من العمال في شركات أخرى طبق عليهم قانون الخصخصة مثل عمر أفندي وغيرها بعد إلزام المستثمر بذلك، وهذا قبل ردها للدولة من جديد.

وأخذت القضايا دورتها المعروفة في المحاكم وسنوات ترفعها وسنوات تضعها إلى أن حصل العاملون على حكم نهائي وواجب النفاذ منذ شهور بأحقيتهم في العودة مرة أخرى إلى العمل، مع إلزام الشركة برد مستحقاتهم المالية من رواتب ومكافآت منذ تركهم العمل وحتى الآن.

وذهب العمال يوم التنفيذ للشركة ولكن «يا فرحة ما تمت» امتنعت الشركة عن التنفيذ ...... نعم امتنعت ورفضت أن تعيد العمال ورد المستحقات، وتحججت برغبتها في إثبات أن الحاصلين على الحكم كانوا عاملين لديها في الأصل، ولأننا نعرف أن الشركة نفسها هي الجهة التي تملك سجلات العاملين فببساطة امتنعت عن التنفيذ.

والحقيقة أن نتائج مشكلات الخصخصة ليست جديدة في مصر، ولكن هذا النوع من المشكلات هو الجديد، فلا أحد يستطيع أن يجبر الشركة أن تبرز سجلاتها لتؤكد أن أسماء الحاصلين على الحكم مسجلون لديها وبالتالي فلا احد يستطيع أن يجبرها على التنفيذ.

وللأسف فالشركة مباعة من صفقة على صفقة ومن مستثمر إلى مستثمر والحكومة لا حول لها ولا قوة في الأزمة، وحتى رئيس الوزراء أو الحكومة أو وزارة الاستثمار لا يستطيعون الضغط على المستثمر لعودتهم.

والخصخصة كنظام اقتصادي بدأ في مصر مع بدايات عام 1993 في عهد حكومة الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء ووزير قطاع الأعمال آنذاك، وبدأت ببيع شركة الكوكاكولا إلى محمد نصير رجل الأعمال وبيع فندق شيراتون القاهرة عام 1993.

وتوقفت عملية الخصخصة قبل ثورة 25 يناير في عام 2010 في عهد حكومة الدكتور أحمد نظيف وآخر شركة تم بيعها هي شركة عمر أفندي والتي أثارت هي الأخري حولها مشاكل كثيرة.

والمعروف أن برنامج الخصخصة في مصر أتى ضمن حزمة من الإجراءات التي التزمت بها مصر للوصول إلى اتفاق مع البنك الدولي والصندوق الدولي للتخلص من نصف ديونها الخارجية مطلع تسعينات القرن الماضي، كما أن مصر قامت بالتوقيع على اتفاقية عضوية لجنة الاستثمار بمنطقة التعاون الاقتصادى والتنمية التي تشترط على مصر إلغاء احتكار القطاع العام لبعض الأنشطة مثل الاتصالات وتوليد الكهرباء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل