المحتوى الرئيسى

العاهل الأردني: حان وقت التخلص من الخوف في تحديث التعليم

04/17 04:47

طرح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ضمن سلسلة الأوراق النقاشية الملكية، ورقته النقاشية السابعة بعنوان “بناء قدرتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة”. وسلط العاهل الأردني من خلالها الضوء على ملف التعليم لإيمانه بدوره في النهوض بالأمم وقدرته على تجاوز التحديات الراهنة التي يعيشها الأردن والعالم العربي أبرزها تحديات فكرية عقب استفحال التطرف ونفاذ الفكر المتشدد إلى العقول الشابة وقدرته على استقطابهم.

ويقول “تنامى في الآونة الأخيرة نقاش محموم حول ملف التعليم، لم يقتصر على أمة دون أمة، ولا على قطر دون قطر ولقد أسعدني أنه كان لبلادنا العربية من هذا النقاش نصيب كبير شهدنا آثاره في الأردن على شتى الصعد، وعبر مختلف المؤسسات”.

واعتبر أن هذا النقاش الجاد، الذي كان له أثره ووقعه بالعالم العربي، يدل على “يقظة ووعي بما لهذا الملف من أهمية كبرى وأثر عظيم”.

ويضيف “ما من أمة تنهض بغير التعليم، وقد بات من البديهيات أن لا شيء يعادل التعليم في مسيرة بناء الدول، وتغيير وجه العالم إلى الأجمل والأكمل والأفضل، ولا سيما في مرحلة باتت تتسابق فيها الأمم في اقتصاد المعرفة، واستثمار الطاقات البشرية”.

شدد الملك عبدالله الثاني على ضرورة مواجهة تحديات هذا العصر ومواكبة إيقاعه السريع باعتماد أدوات معرفية جديدة، وبوسائل التقنية الحديثة. ويرى أنه في ظل هذا الواقع “لا يمكن أن نغفل عن التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع التعليم، بدءا من الاعتراف بها، ومن ثم بذل الجهود لتجاوزها، وابتكار الحلول الناجعة لها، وصولا إلى نظام تعليمي حديث، يشكل مرتكزا أساسيا في بناء المستقبل المزدهر الذي نسعى إليه”.

ودعا العاهل الأردني إلى “ضرورة اعتماد أهم التوصيات التي قدمتها لجنة تنمية الموارد البشرية العام الماضي والعمل بها”.

نريد أن نرى مدارسنا ومعاهدنا المهنية وجامعاتنا مصانع للعقول المفكرة، والأيدي العاملة الماهرة، والطاقات المنتجة

ويراهن العاهل الأردني على قيمة الموارد البشرية وقدرتها على تحقيق التقدم ومنافسة الدول الرائدة من خلال سلاح المعرفة والتعليم ويقول “إننا على ذلك لقادرون، فها هي ثروتنا البشرية، أغلى ما يمتلك الأردن من ثروات، قادرة، إذا هي نالت التعليم الحديث الوافي، على صنع التغيير المنشود، وليس أمامنا إلا أن نستثمر في هذه الثروة بكل قوة ومسؤولية، فلا استثمار يدر من العوائد كما يدر الاستثمار في التعليم”.

وأكد حرصه وإيمانه بأن كل “مواطن أردني يستحق الفرصة التي تمكنّه من أن يتعلم ويبدع، وأن ينجح ويتفوق ويبلغ أسمى المراتب، بإيمان وإقدام واتزان، فلا للمعرفة حد، ولا للعطاء نهاية، ويجب الانفتاح على كل الثقافات، يأخذ منها ويدع؛ الحكمة ضالته، والحقيقة مبتغاه، يطمح دوما إلى التميز والإنجاز، ويرنو أبدا إلى العلياء”.

ويلفت العاهل الأردني إلى أنه لن يتحقق ذلك “ما لم تتكاتف جهود الجميع، شعبا وحكومة ومؤسسات خاصة وعامة، لتوفير البيئة الحاضنة، وتأمين الاحتياجات الضرورية من أجل بناء قدراتنا البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة وناجعة، تؤتي أُكُلها كل حين بجهد أبناء وبنات هذا الوطن، على اختلاف مشاربهم ومسالكهم في الحياة”.

ويدعو العاهل الأردني المؤسسات التعليمية إلى تعزيز ثقتها بقدرات الأجيال المتوافدة عليها معرفيا قائلا “يجب أن تؤمن المؤسسات التعليمية بما يتمتع به أبناء الشعب وبناته من طاقات هائلة، وقدرات كبيرة، ومواهب متنوعة، وتسعى لاكتشاف هذه الطاقات، وتنمية تلك القدرات، وصقل تلك المواهب، وتحفيزها إلى أقصى حدودها عبر أحدث الأساليب التعليمية التي تشجع على الفهم والتفكير، والفهم لا التلقين، وتجمع بين العلم والعمل، والنظرية والتطبيق، والتحليل والتخطيط، وتفتح آفاقا رحبة أمام أبنائها، ليتفوقوا في كل مادة، وينبغوا في كل فن أو مهنة أو حرفة”.

ويرى أنه لم “يعد من المقبول، بأي حال من الأحوال، أن نسمح للتردد والخوف من التطوير ومواكبة التحديث والتطور في العلوم، أن يهدر ما نملك من طاقات بشرية هائلة”.

واعتبر العاهل الأردني أن قطاع التعليم “قطاع استراتيجي ومن غير المقبول أيضا، بل من الخطير، أن يتم الزج بالعملية التعليمية ومستقبل أبنائنا وبناتنا في أي مناكفات سياسية ومصالح ضيقة، غير آبهين بأهمية وضرورة استمرار التطوير والإصلاح وأثره العميق على أمتنا وحاضر الأجيال ومستقبلهما”.

وشدد على أن التطوير ضرورة أملتها الظروف متسائلا “بل متى لم يكن كذلك؟ فها هي صفحة التاريخ وتجارب الأمم تثبت أن لا محيد عن التغيير، ولا مصير إلا إليه، فالتغيير يفرض نفسه، ويثبت ذاته، ويمضي غير عابئ بمن يخشونه”.

ويضيف “طالما كان الأردن بشعبه مقداما ومبادرا ورائدا في التحديث والبناء في وطننا العربي، وكنا الساعين إليه، والمبادرين به، لتكون مقاليده في أيدينا، ونكون نحن المتحكمين في وجهته، لا يتنكر لماضينا المجيد، أو لتراثنا الخالد وحضارتنا العربية والإسلامية، بل يستلهمه ويبني عليه، وينهل منه ويعتد به، بعقل منفتح ونفس رضية، لا ترى في ذلك الماضي إلا مادة تبعث على الفخر والاعتداد، لا مادة لبث الفرقة والبغضاء، مادة للبحث والنظر والتحليل، لا مادة للتقليد والجمود والتكرار”.

وأوضح العاهل الأردني أن “لكل عصر أدواته ووسائله، وهمومه ومشاكله، فالتعليم في عصرنا الحديث، الذي يشهد تطورا هائلا في التكنولوجيا، لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتجاوز ذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت إلى إتقان لغات عالمية أساسية، وامتلاك مهارات التواصل مع الآخرين ومبادئ العمل المهنية، والقدرة على التحليل والتفكير ليكون قادرا على المشاركة في إنتاج المعرفة، والمساهمة في إحداث التقدم، عملا بقوله تعالى (وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)”.

ويشير الملك عبدالله الثاني إلى أهمية اللغة العربية باعتبارها ثروة معرفية يتمتع بها التراث العربي الإسلامي قائلا “أنعم الله علينا بثروة عز نظيرها من القيم العالية واللغة الثرية والتراث البديع. ولن يستطيع أبناؤنا أن ينهلوا من هذا التراث، إلا إذا أحبوا لغتهم العربية، وأجادوها وتفوقوا فيها، وكيف لا وهي لغة القرآن الكريم ولسان الأمة، فهي التي تشكل ثقافتهم وتكوِّن بناءهم المعرفي الأصيل”.

يتطلع العاهل الأردني إلى “أردن قوي، يقدم لأبنائه خير تعليم، ويؤهلهم لأن يواجهوا تحديات الحياة، بأن يقيموا أعمالا ناجحة، وأن يمارسوا حرفا قيمة، وأن ينشئوا أسرا متآلفة، وأن يبنوا مجتمعا متماسكا”. وتسعى جهود العاهل الأردني إلى أن يتبوأ الأردن مكانه في مصاف الدول التي سبقته في هذا الميدان، واستطاعت بالجهد والمثابرة انتزاع المراكز المتقدمة فيه.

ويقول “بناء قدراتنا البشرية، من خلال التعليم المتميز وتجويد مخرجاته، بوابتنا نحو المستقبل، فهو يشكل أرضية مشتركة لفهم الآخر وتعميق قيم التسامح، بعيدا عن الغلو والتعصب، كما أن تحقيق الإصلاح الشامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالنهضة التعليمية مهما كانت الظروف والتحديات”.

وعبر العاهل الأردني في ورقته النقاشية عن طموحه في أن “تكون للأردن تجربة تغري بنجاحها الآخرين، فيكون هو قائد مسيرة تحديث التعليم التعليم، غير مقتصر على بلد بعينه، ولا بد أن تتوحد الجهود، ويتم تبادل الخبرات لتجاوز هذا التحدي”.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل