المحتوى الرئيسى

إيكونوميست: السلطان يحول تركيا لدولة ديكتاتورية

04/16 16:16

تحت عنوان "تركيا تنزلق إلى دولة ديكتاتورية،" أفردت مجلة "إيكونوميست" البريطانية مقالة تحدثت فيها عن حملة القمع التي يطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد من يصفهم بأعداء الدولة، وهي الحملة التي تؤكد المقالة أنها الأعنف في عقود.

وطالبت المقالة الغرب بألا يتجاهل تركيا، لما تلعبه من دور استراتيجي في عدد من القضايا الملحة التي لا يمكن أن يستغنى فيها عن أنقرا،  وفي مقدمتها ملف اللاجئين الذي يمثل صداعا مزمنا في رأس الاتحاد الأوروبي، وأيضا لكونها قوة إقليمية مؤثرة وطرف أساسي في أي تسوية تتم في سوريا.

تركيا مهما ليس لحجمها فحسب، بل أيضا لكونها مركزا لقوى سياسية تشكل العالم. فـ لقرون عديدة، كانت تركيا مركزا لإمبراطورية عظيمة. واليوم يتعين عليها، بوصفها واحدة من دول المواجهة، التصدي للعنف الذي تسلل إلى خارج سوريا، البلد العربي الذي مزقته الحرب.

وتمثل تركيا حالة اختبار لإمكانية التصالح بين الديمقراطية والإسلام السياسي، كما يجب على أنقرا أيضا الإبحار بين الليبرالية الغربية والقومية الاستبدادية التي تتجلى في أزهى صورها في روسيا. وفي السنوات الاخيرة وفي عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، تراجعت تركيا إلى الوراء، ولكن تسنح لهذا البلد فرصة اليوم الأحد لكي تضع الأمور في نصابها من جديد.

فاليوم الأحد يصوت الأتراك في استفتاء شعبي على مشروع تعديلات دستورية، لاختيار ما إذا كانوا يقبلون التخلي عن نظام الحكم البرلماني وإقرار النظام الرئاسي بدلا منه. والتصويت بـ "نعم" في الاستفتاء محتمل، لكن ليس مؤكدا. فلا يوجد شيء خطأ مع رئيس قوي، لكن الدستور الجديد في تركيا يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. فالدولة ستجد نفسها أمام سلطان القرن الحادي والعشرين الذي لن يجد سوى معارضة تكاد لا تذكر من قبل البرلمان.

والتصويت بـ "نعم"  سسيخضع تركيا لديكتاتورية الرئيس أردوغان المنتخب، أما التصويت بـ "لا" فسيسمح للأتراك بكبح جماحه.

في أعقاب وصوله إلى السلطة في العام 2003، فعل أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) أشياء جيدة كثيرة.  فالحق أن الرجل قد نجح، مدعوما في ذلك من صندوق النقد الدولي، في كبح جماح التضخم المرتفع ودفع عجلة النمو الاقتصادي. وبتشجيع من الاتحاد الأوروبي استطاع أردوغان ترويض ضباط الجيش والبيروقراطيين في "الدولة العميقة،" ليعزز الحريات المدنية وإجراء مباحثات سلام مع الاكراد. كما فتح الرئيس التركي قنوات اتصال مع المتدينين في الطبقة العاملة التي ظلت مهمشة من قبل الحكومات التركية السابقة لعقود.

لكن اليوم تعج تركيا بالمشكلات. ففي ضوء الحرب السورية الطاحنة، يشن الجهاديون والمسلحون الأكراد حملات ضد الدولة. والصيف الماضي، نفذت مجموعة من ضباط الجيش محاولة انقلاب فاشلة، تتهم أنقرا جماعة رجل الدين التركي البارز فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة، بالوقوف ورائها.

الاقتصاد التركي الذي كان يسير بوتيرة متسارعة وقوية في الماضي، بات ينمو بمعدلات متباطئة، متأثرا في ذلك بالمحسوبية والإدارة المتواضعة وانهيار السياحة.

وصرح أردوغان في السابق بأن تركيا بحاجة إلى دستور جديد يحقق لها الاستقرار السياسي، مؤكدا أن الرئيس القوي فقط هو من يستطيع النهوض بالدولة، وتحجيم أعدائها. وبطبيعة الحال يتحدث الرجل عن نفسه.

والدستور الجديد يجسد "الديمقراطية غير الليبرالية" للقوميين أمثال فيكتور أوربان الرئيس المجري ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي كثيرا ما يُقارن به أرودغان. ومن هذا المنطلق، تكون القيود هي العقبات التي تعترض الحكومة القوية، ويحق للحزب الحاكم تخريب المؤسسات، مثل القضاء والصحافة.

ومع ذلك، فإن هذا الاستقرار أجوف، إذ أن أكثر الديمقراطيات نجاحا تتبع مبدأ الفصل بين السلطات. فالفكرة الاسترشادية للدستور الأمريكي تتمثل في منع الرؤوساء من التصرف وكأنهم ملوك، وذلك عبر وضع ضوابط وموازنات.

لكن تركيا ليست في وضع يؤهلها إلى تطبيق النظام الرئاسي. فالبلد مقسم بين المواطنين العلمانيين والمتدينين والقوميين، إضافة إلى الأتراك والأكراد وعدد قليل من اليونانيين، والأرمن واليهود. وإذا ما حاول المتدينون، وهو يقتربون من الأغلبية في تركيا، إسكات الجماعات الأخرى، فلن يُكتب لهذا البلد الاستقرار يوما ما.

الإبقاء على العلاقات مع أردوغان

لا يمكن للغرب  بأي حال من الأحوال الاستغناء عن تركيا، ولكنه يجب أن يتحلى بالصبر تجاهها من أجل مصلحته الشخصية. فلكونها عضوا في حلف شمال الأطلسي الناتو" وأيضا قوة إقليمية مؤثرة، تمثل تركيا أهمية كبيرة للعالم الغربي. فهي ستلعب دورا محوريا في أي اتفاقية سلام في سوريا. ولذا فإن ترك أنقرا تذهب لأحضان روسيا ليس في صالح الغرب.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل