المحتوى الرئيسى

عن فرقة "جيل جيلالة" المغربية التي أفقدت عبدالحليم عقله في السبعينات

04/16 10:41

"أين توجد الموسيقى، لا مكان للشر" (سيرفونتيس/ دون كيشوت).

يتأثّر الفنان بما يحيط به في مجتمعه، وهو في علاقة تفاعل متواصلة مع الأحداث والتغيّرات، يستوعبها ويحوّلها إلى تعبيرات فنيّة تعكس وجهة نظره.

في العالم العربي، ظهرت مجموعة من الفرق الموسيقية الملتزمة التي اختارت أن تكرّس أعمالها لخدمة الشعب، واتّخذت من اهتمامات الشباب قضايا تدافع عنها. ولعلّ "جيل جيلالة" المغربية من بين أبرز هذه المجموعات الموسيقية التي كانت أغانيها ترجماناً للقضايا السياسية والأوضاع الاجتماعية.

بخبرة كبيرة اكتسبوها من ممارستهم لمسرح الهواة، اقتحم محمّد درهم، سكينة الصفدي، محمود السعدي وغيرهم عالم الموسيقى بعد أن لاحظوا تفاعل الجمهور مع أغانيهم في وسط العروض المسرحية.

رغبوا في المغامرة وتشكيل فرقة موسيقية، لتتبلور الفكرة وتظهر على أرض الواقع سنة 1972 في "حي المحمديّة" بالدار البيضاء.

لم يكن اختيار الإسم إعتباطياً، فجيل جيلالة كانت تسمية ترمز إلى المنهج الذي ستتبعه الفرقة، ويقوم على المراوحة بين الانفتاح على معاصريهم ولكن أيضاً العودة والنهل من التراث، ذلك أن جيلالة هي طائفة من طوائف الشّيخ عبد القادر الجيلاني.

هكذا ارتسمت ملامح هذه الفرقة التي ستكون همزة وصل بين الماضي بموسيقاه الثريّة والحاضر بصخبه وتنويعاته الفنيّة.

عمدت الفرقة منذ نشأتها إلى الاعتماد على أعضائها في التأليف والتلحين (باستثناء عيسى الفاسي ومحمّد بن عيسى) فكانت بمثابة المختبر الموسيقي الذي يضمّ محمّد الدرهم وعبد العزيز الطاهر المختصين في البحث والنّبش في التراث مع صوت المايسترو الطاهر الأصبهاني. وأدّى اجتماع هذه المواهب مع العمل الدؤوب بهدف تطوير موسيقاهم إلى تسجيل ثلاث أغانٍ في القناة المغربية هي "الكلام لمرصع" و"العار آبويا" و"جيلالة".

قفزة نوعية ستتعزز بعد مقابلة عبد الحليم حافظ - الذي كان نجمه لامعاً في تلك الفترة - إذ أُعْجِبَ بأداء الفرقة لأغنية "ليغارة" ليبلغ به التأثّر حدّ الصعود على المسرح ومشاركتهم في الغناء ثم الإشادة بصوت الأصبهاني.

والحقيقة أنّ هذه الأغنية - إضافة إلى صوت مولاي الطاهر - شدّت العندليب لأنها تتعرّض للحب، وتتميّز بنسقها المنخفض وإيقاعها الهادئ السلس الذي يضفي عليها نفحة صوفية وحساً وجدانياً دينياً.

من مسرح الهواة إلى التلفاز، انطلقت الفرقة في أداء أغانيها التي لاقت رواجاً لدى الجميع وخاصة شباب السبعينات. وفي 7 أكتوبر 1972 أحيت "جيل جيلالة"حفلاً أمام أكثر من 2000 متفرّج بالدار البيضاء ليتمّ استدعاؤها بعد ذلك إلى القصر الملكي. وقد كانت هذه المقابلة مع الملك بمثابة الإنطلاقة الحقيقية وميلاد فرقة ستكتسح الساحة العالمية.

لقد حلّق الأصبهاني وزملاؤه عالياً في سماء أشهر المدن في العالم واكتسحوا مسارحها وعرّفوا بالأغنية المغربيّة والعربيّة عموماً. فبعد التكوين وسنوات البحث، انطلقت الفرقة لإحياء مجموعة من الحفلات في مختلف أنحاء العالم، وأصبحت أصبحت "جيل جيلالة" رمز الأغنية الملتزمة في العالم العربي.

وفي المملكة العربية السعودية سنة 1979، وفي إطار الأسبوع الثقافي المغربي سيعجب الجمهور بأغنية "القدس" وسيتفاعل معها بشكل لافت.

وهي أغنية تتميّز بإيقاعها الأفرو-مغاربي مع نسق سريع، وتشير كلماتها إلى الحالة المزرية التي وصل لها العالم العربي، وهي أيضاً دعوة للوحدة والانعتاق من كل سلطة مستبدة.

كما شاركت المجموعة في المهرجان الإفريقي بطوكيو سنة 1986 وحصلت على الجائزة الأولى. من إفريقيا إلى آسيا مروراً بأميركا، تركت "جيل جيلالة" بصمتها وظلّت خير سفير للأغنية المغربية.

من بين مجموعة الأغاني التي قدّمتها فرقة "جيل جيلالة"، تبقى "الله يا مولانا" الأكثر رواجاً في العالم العربي إذ يطلبها الجمهور ويردّدها ويحفظها عن ظهر قلب. لقد تحوّلت هذه الأغنية إلى رمز للفرقة، وإن قدّمت مجموعة من الأغاني ذات البعد الديني الصوفي كـ"سبحان الفرح"و"نور الله".

قام "كورال البحيرة" بأدائها على قناة نسمة بطريقة شدّت التونسيين وأحيت في القلب شجوناً للفرقة، التي قابلت الجمهور التونسي في مهرجان قرطاج الدولي.

بعدما حقّقت "جيل جيلالة" شهرة واسعة في كل أنحاء العالم، فشلت في تجنّب الهزّات والخلافات، فغادرها العديد من الأعضاء المؤسسين، الذين كانوا منذ البداية القلب النابض للمجموعة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل