المحتوى الرئيسى

الهجرة إلى الموت

04/15 22:32

بالفيديو.. اتفاق قطري - روسي على تحقيق مستقل في الهجوم الكيميائي في "خان شيخون"

مكتب الاتصال الحكومي ينفي إطلاق سراح القطريين المخطوفين بالعراق

الشيخ حمد بن ثامر : منتدى الجزيرة منصة للحوار الجاد حول قضايا الاصلاح

وزير الخارجية يبحث مع لافروف الوضع في سوريا والمنطقة

استئناف الدراسة بالمدارس المستقلة بعد عطلة الربيع غداً

البحر يبتلع الكثيرين وظروف اجتماعية وإقتصادية قاهرة وراء المغامرة

أخبار عربية السبت 15-04-2017 الساعة 11:05 م

تغيرت النظرة العامة إلى قضية "الهجرة السرية" نحو الأراضي الأوروبية أو ما يسمى هنا بـ"الحرقة" نسبة إلى حرق الحدود الرسمية اي تجاوزها بشكل غير قانوني، حيث أضحت الحرقة تستهوي الجنس الناعم بعد ان كانت حكراً على الشباب الذكور، وذلك بالرغم مما يحف بكل رحلة من مخاطر تصل حد الموت غرقا أو في اقل الأحيان السقوط بين براثن شرطة السواحل الإيطالية التي تعمل بالليل والنهار على دحر آلاف المبحرين في مركبات آيلة للسقوط والغرق في عمق المحيط..

يحلمن بالثروة والعمل والاستقرار وتوفير المال الوفير، يركبن قوارب تتسع لنصف ما تحمله مقابل آلاف الدولارات.. يحلمن بالوصول إلى لامبادوزة، أقرب جزيرة ايطالية للتراب التونسي، ومنها تنطلق رحلتهن مع الهجرة إذا ما قدر لهن الوصول إليها ولم تبتلعهن مياه البحر الأبيض المتوسط الغادرة والعميقة.. يحلمن بغد أفضل لهن ولعائلاتهن ولصغارهن.. بعد ان سُدت المنافذ امام حصولهن على شغل يحفظ كرامتهن.

قارب يتسع لخمسين يحمل مائتين

تماما كما يحلم الشبان بالهجرة إلى ما وراء البحار، تتقاسم معهم البنات والنساء هذا الحلم الذي قد يتحول في اي لحظة إلى كابوس.. يستحيل معه العثور على الجثة، فتبكي الأمهات ويجهزن مواكب دفن افتراضية لجثث ابتلعها البحر لفلذات اكبادهن.. بنات واولاد في عمر الزهور طغى عليهم حلم استحال تحقيقه.

الأخطر أن تقارير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كشف أن محاولات الهجرة غير الشرعية في صفوف الإناث ارتفعت بنسبة 10 بالمائة خلال شهر فبراير الماضي مقارنة مع شهر جانفي الفارط. وهو ما يؤشر لميلاد ظاهرة اجتماعية خطيرة أخرى تتهدد الشابات.

وتشير مصادر اعلامية إلى ان "عدد المهاجرين الموقوفين خلال شهر فيفري الماضي قد ارتفع حسب المعطيات التي قام المنتدى بتجميعها إلى جانب ارتفاع عدد الإيقافات على الحدود البحرية التونسية خلال نفس الفترة من العام الجاري حيث بلغ 30 حالة ايقاف مقابل 11 في نفس الفترة من 2016،

كثيرا ما تكون هذه نهاية الحارقين

فيما ارتفع عدد الذين تم ضبطهم خلال شهر جانفي الفارط أثناء محاولتهم اجتياز الحدود البحرية خلسة إلى 87 شخصا مقابل 37 شخصا في الفترة ذاتها من 2015، أما بالنسبة للرغبة في الهجرة بصفة عامة فقد كانت بنسبة 19.6 بالمائة قبل الثورة وأثناء الثورة بلغت16.1 بالمائة لتصل في نهاية سنة 2016 إلى 41.5 بالمائة، أما بالنسبة للرغبة في الهجرة السرية فإن النسبة العامة بلغت 31.1 بالمائة وبالنسبة للاناث 14.4 بالمائة".

تؤكد لغة الأرقام الرسمية ان 10 آلاف "حارق" ابتلعهم البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2014 وفق احصائيات قدمتها المنظمة الدولية للهجرة التابعة لهيئة الأمم المتحدة، فيما غرق اكثر من 2815 شخصا في الثلاثية الأولى لعام 2016 في محاولة اجتياز الحدود البحرية مع ايطاليا فيما تمكن اكثر من 200 ألف مهاجر غير شرعي من الوصول إلى التراب الأوروبي.

وبغض النظر عن الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع بآلاف الشباب والشابات إلى الرمي بأنفسهم في أتون البحر الأبيض المتوسط بأمواجه العاتية والمشاركة في مغامرة غير محسوبة العواقب؛ فإن الغوص في الإجراءات القانونية الردعية التي تواجه كل متهم باجتياز الحدود خلسة، يجد أن المنطلق الإستراتيجي الدافع للحرقة أو للسفر خلسة، هو نفسه لدى الذكور والإناث بالنظر إلى تساوي الظروف السيئة التي ترافق الباحثين عن شغل والذين يدفعون دفعا إلى التفكير في الهجرة السرية علها تمنحهم حقوقا استحال عليهم الحصول عليها في البلد الأم.

وتقول وسائل اعلام محلية إن اجتياز الحدود بالنسبة للنساء هو "بمثابة أمل وسبيل للتحرر من اليأس والعجز خاصة إذا ما كان لديهن أبناء حيث ينتابهن أحساس بثقل الحمل عليهن وينتابهن شعور بأن أبنائهن ضحايا وهن عاجزات عن توفير حاجياتهن والتكفل بهن فيخترن "الحرقان" بمعية أبنائهن مهما كانت النتيجة باعتبار أن "الحرقان" من الناحية الدينية ليس محرما مثل الانتحار وبالتالي فإن خياره يكون أفضل باعتبار أنه لا يخلف إحساسا بالذنب، فالمرأة تهرب من الانتحار الذي يعاقب عليه دينيا إلى "الحرقان".

وفق ما صرحت به الاختصاصية النفسية الدكتورة مريم صمود والتي تضيف في حوار لها مع احدى الصحف المحلية هنا، "إن مسألة "الحرقة" هي مسألة رمزية تحيل على الثورة التي انطلقت شرارتها بـ"حرقة" من نوع آخر ".. وتضيف قائلة: "هذه العبارة أصبحت لا شعوريا لها قيمتها لدى التونسي.. بل ولها رمزية بطولية فهناك قيمة في لاوعي الإنسان للفظة الـ"حرقة"..

حتى عندما يصلون الى أوروبا يتم ترحيلهم ثانية الى تونس

واعتبرت صمود أن ما يدفع النساء لـ "الحرقان"، الإحباط واليأس إلى درجة تشعر فيها المرأة أن "الحرقان" الذي هو موت مفترض ونوع من الانتحار؛ السبيل الوحيد للنجاة فترمي بنفسها في المجهول رغم علمها بمخاطره.. بالرغم من انه سلوك مرادف للانتحار.. فهي ترى في الموت أو في احتمال الموت تحررا وهو حل وليس مشكلا بالنسبة إليها وذلك بسبب انسداد الآفاق على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي مما يؤثر على نفسية المرأة، فتحس أنها مهددة خاصة بالنسبة لمن يعانين هشاشة نفسية ولا يمكنهن التعايش مع هذا الوضع فيخترن الهروب ويرمين بأنفسهن للتهلكة خوفا من المستقبل وعلى أولادهن من التهلكة".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل