المحتوى الرئيسى

قضية الإيجارات القديمة

04/15 22:11

يبدو أن لجنة الإسكان فى البرلمان على وشك التوصل إلى صيغة جديدة لقانون يحل محل قانونى الإيجارات القديمة للمساكن، الذى حدد فيهما الأول سقف قيمة الإيجارات بينما خفض الثانى من قيمة الإيجارات. ولأن سابقة خبرة اللجنة فى التعامل مع قضيتى التصالح فى مخالفات البناء وزيادة الحيز العمرانى للمدن والقرى لا تبشر بالخير وتوضح محدودية قدرات اللجنة فى تقدير التوابع الكارثية شديدة الوطأة على المجتمع والاقتصاد والبيئة لما تتوصل إليه من قرارات.

لذلك فإنه من المتوقع أن تتعامل اللجنة مع قضية الإيجارات القديمة بذات الأسلوب الهامشى بالنظر فقط إلى جوانب الظلم الشديد الذى لا تقره الشرائع السماوية وطال مالكى العقارات القديمة المؤجرة للغير، دون البحث بشمولية فى أبعاد القضية المختلفة شديدة التعقيد.

تبنت جماعة 52 فى بداية عهدها سياسات تحقق لها السيطرة الكاملة على الحياة فى مصر، من خلال استقطاب المؤازرة الشعبية لهذه السياسات، التى لم يكن الهدف منها الإصلاح الاجتماعى والاقتصادى للقاعدة العريضة بقدر ما كان انتقاما من أصحاب رءوس الأموال الوطنية، مهما صغر حجمهم ولأسباب مجهولة، وأدت هذه السياسات بعد سنوات من تطبيقها إلى انهيار الاقتصاد المصرى وهو ما نعانى منه الآن وأدى لفقدان مصر لقدراتها على المستوى الإقليمى والعالمى، وضعف بنية المجتمع وترابطه وعدم توافر الحد الأدنى من جودة الحياة للغالبية العظمى للمصريين.. يأتى على رأس هذه السياسات إصدار القوانين الثلاثة التالية:

1ــ تحديد ثم تخفيض قيمة إيجارات العقارات المؤجرة للغير:

نتج عن تطبيق القانونين المذكورين إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار فى بناء المساكن لعدة عقود مما أدى فى النهاية إلى أزمة إسكان طاحنة، إضافة إلى امتناع الملاك عن صيانة عقاراتهم حيث انتهى الأمر إلى تدهور حالة مبانيها تدهورا شديدا، ومن هذه العقارات ما يندرج تحت قائمة التراث المعمارى الذى يستوجب الحماية، كما أدى ذلك أيضا إلى توتر متضخم فى العلاقة بين جموع الملاك وجماهير المستأجرين وتحفز كل طرف منهم للآخر.

صاحب ذلك أيضا تحجيم قيمة الزيادة فى دخول المواطنين.. الأجور والمرتبات وعدم نموها النمو الطبيعى الموازى لزيادة حجم التضخم الاقتصادى فى البلاد، الأمر الذى أدى إلى عدم قدرة السلطة على تصحيح العلاقة بين الملاك والمستأجرين لضعف موارد الغالبية العظمى من مستأجرى العقارات.

2 ــ قانونى الإصلاح الزراعى:

حدد القانون الأول الملكية للفرد بـ 200 فدان ثم أعقبه صدور قانون ثان لتحديد ملكية الأسرة بـ 100 فدان وتم توزيع الأراضى المنزوعة ملكيتها على المزارعين، ومع تعاقب وتوارث أجيال الملاك والمزارعين للأراضى حدث تفتت فى الملكيات الزراعية إلى أن وصل الجزء الغالب من حيازة الأراضى الزراعية إلى أقل من فدان، وهى حيازات لا تحقق جدوى اقتصادية على الإطلاق بعد تطور تقنيات الأنشطة الزراعية وتوجه الاقتصاد الزراعى الناجح المحقق لجدواه نحو إدارة الحيازات الكبيرة التى تستخدم الميكنة والتقنيات الحديثة، وأدى ذلك إلى انخفاض كبير فى حجم إنتاج الغذاء للاستهلاك المحلى الموازى لزيادة سكانية غير منضبطة احتلت تدريجيا وبعشوائية شديدة مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية، ووصل الحال إلى أن مصر بعد أن كانت مصدرة للغذاء أصبحت تستورد أكثر من ثلاثة أرباع احتياجاتها منه.

3 ــ تأميم الاستثمارات الصناعية الوطنية وشركات الخدمات الخاصة:

باستخدام ذات الأسلوب، تم تأميم غالبية الشركات التى أقامها مصريون وأجانب فى مصر بمجهوداتهم الخاصة على مدى سنوات طويلة لسد احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض صاحبه تأهيل وتشغيل عمالة محلية عديدة، حيث كان الاقتصاد المصرى قبل 52 فى قمة قوته، وكانت مصر مركز جذب للاستثمارات العالمية بما يفوق قدرات أسواق بلدان كثيرة فى الشرق والغرب فى العالم اجمع، للأسف انتهى أمر هذه المصانع والشركات المؤممة إلى تدهور قدراتها وتراجعها بسبب سوء إدارتها وإلى بيعها فى السوق خردة للمصريين والأجانب فى إطار تطبيق سياسات الخصخصة العشوائية المريبة المشكوك فى أمرها.

النتائج الوخيمة لتطبيق السياسات المذكورة وغيرها على مصر التى أدت بها إلى ما آلت إليه أحوالها والتى لا تخطئها العين إلى الحد الذى نعتها فيه الرئيس شخصيا بأنها شبه دولة.

عودة إلى قوانين الإيجارات القديمة، فهناك مبدأ قانونى معروف وهو أنه من كان السبب فى الضرر يتحمل مسئولية إصلاحه، ولما كانت السلطة الممثلة للدولة هى المسئولة عن هذه الأوضاع الظالمة للملاك وغيرها، وأن الدولة هى كيان متواصل يتشارك فيه كل من تبوأ السلطة فى تحمل المسئولية، فلابد أن تقدم الدولة تعويضات وتتحمل المسئولية.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل