المحتوى الرئيسى

عمرو بدر يكتب في الذكرى الأولى لـ «جمعة الأرض»: جمعة الرسائل والبشائر.. حضور يناير وسقوط «محدش يتكلم تاني»

04/15 17:17

منذ عام بالضبط كان الآلاف في الشوارع يهتفون ويعلنون الغضب ..

فقد كان يوم 15 إبريل من العام الماضي هو جمعة الغضب الأولى في عصر السيسي ..

في مسارات الصراع السياسي في مصر هناك أيام كانت تحمل الرسائل والبشائر .. هكذا كانت جمعة الأرض ، التحرك السياسي والاحتجاجي الأكبر والأهم منذ وصول السيسي إلى السلطة ..

في الرسائل التي حملتها جمعة الأرض بشائر بأن الأوضاع في مصر مهما كانت صعوبتها لا يمكن أن تستمر ..

وقد كانت الملاحظة المهمة هي أنها المرة الأولى التي تأتي الاحتجاجات علي خلفية قضية ليست ضمن القضايا التي رسختها ثورة يناير في المشهد السياسي ، فلم تكن المظاهرات للمطالبة بالحريات العامة ولا احتجاجاً ضد قمع سياسي ولا مناداة بعدل اجتماعي غائب، بل كانت في مضمونها دفاعا عن " مصرية الأرض " ، وصداماً مع سلطة تحكم ليل نهار بشرعية مقولات الوطنية ، كانت جمعة الأرض في رمزيتها دفاعاً عن الدم والتاريخ الذين تترنم السلطة بهما ليل نهار ، لتأتي المظاهرات فاضحة لزيف الكثير من شعارات الحكم الحالي ..

الرسالة الأولى التي حملتها جمعة الأرض بكل زخمها أنها أسقطت وللأبد أسطورة رددها أنصار الثورة المضادة مفادها أن ثورة يناير قد انهزمت وانتهت للأبد ، فقد كان الحضور الكبير لشباب يناير ورموزها السياسية والنقابية ، بل وشعاراتها الكبرى ،هو الرد الأكبر علي هذه المقولة الساقطة ، حضرت ثورة يناير قوية متألقة ، ومنحها شبابها الذين احتشدوا في الشوارع زخما عظيما أرعب السلطة الحالية وجعلها تشعل نيران القمع والاستبداد الذي طال مئات الشباب بعد أن أحالتهم لمحاكمات عبثية وبتهم واهية .. فقد كانت السلطة ورجالها يظنون أن يناير قد انتهت ، وأن السجون أحيانا والإحباط أحيانا أخري قد تغلب علي هذه الروح العفية الشابة ، إلا أن جمعة الغضب كانت المفاجأة التي كشفت رسالة في غاية البساطة والعمق : يناير لا تنهزم لا بالسجون ولا بالإحباط حتى وإن تراجعت حركتها ، فتأثيرها عميق أكثر مما تدرك السلطة الحالية  ..

الرسالة الثانية التي حملتها جمعة الأرض هي أن زمن الحكم الفردي والمتسلط قد انتهى، وأن الحكم علي طريقة " محدش يتكلم تاني " قد سقط للأبد ، فقد انطلقت المظاهرات الحاشدة بعد لقاء جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بنخبة من السياسيين والإعلاميين والشخصيات العامة ، وقتها أطلق السيسي صيحته الشهيرة محذراً الحاضرين من الحديث في قضية تيران وصنافير ، ومع استسلام النخبة الحاضرة " المهذبة " لمقولة الرئيس ، ومع السكوت الذي أصاب الجميع خلال اللقاء كان هناك صوت آخر يستعد للرد العملي علي التحذير ، كانت قوى يناير الشابة ورموزها السياسية والنقابية تستعد للحشد الأكبر والأهم منذ وصول السيسي للسلطة ، كانت تستعد للحظة فارقة في تاريخنا لإسقاط الحكم الفردي والاستبداد لتنطلق بالآلاف في الميادين تهتف وترفض وتعلن الغضب وتبعث برسالتها الجديدة ، لن نصمت ولن نتراجع و " هنتكلم " ..

جمعة الأرض لم تكن الضربة الأولى لاتفاق العار الذي وقعه شريف إسماعيل مع السعودية ، بل كانت الضربة الأهم لقناعة الرئيس الحالي بأن حكم مصر علي الطريقة القديمة يمكن أن يستمر ، فقد أثبتت جمعة الأرض أن أجيالا جديدة أصبحت في مواجهة ليس فقط مع الاتفاق ومضمونه المخزي ، بل مع كل من يظن أنه يمكن أن يحكم بلا رقيب ولا حسيب ..

الرسالة الثالثة التي بعثت بها جمعة الأرض إلى السلطة الحالية هي أن القوانين الجائرة مثل التظاهر وغيره لا يمكن أن تمنع غضباً مشروعا ، فقد أسقطت جمعة الغضب كل القوانين القمعية التي ظن النظام الحالي أنها يمكن أن تحميه من غضب ، فلا قانون التظاهر منع الآلاف من الخروج للشوارع ، ولا قانون الإرهاب أخاف الذين رأوا أن قضيتهم عادلة وأن هزيمة السلطة في معركة تيران وصنافير معركة لا يمكن التراجع فيها ، ولعل هذه الرسالة " بروفه " لما يمكن أن يكون عليه المستقبل إذا ما استمر الحكم بالقمع ، فلن يجدي وقتها قوانين تظن كل سلطة مستبدة أنها ستحميها من الغضب ..

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل