المحتوى الرئيسى

الجارديان: كيف تستخدم مصر التكنولوجيا للإيقاع بالمثليين جنسيًا

04/15 08:01

تستخدم الشرطة التكنولوجيا والقوانين القديمة لاعتقال المثليين الجنسين. بينما يحاول المدافعون عن حقوق الإنسان تغير وجهات النظر المجتمع المصري حول المثلية الجنسية.

آخر مرة حاول فيها شادي رجب، طالب الهندسة المصري، زيارة صديقه أندرو مدحت في السجن، رفضوا السماح له.

“ترجيناهم. أردنا فقط أن نتمنى له عيد فصح سعيدًا. حتى الطعام الذي أحضرناه إليه لم يسلموه إليه”. يقول رجب، الشاب المسلم، الذي لم يعد يستمتع بالاحتفال بالأعياد المسيحية مع صديقه. شادي ليس واثقًا إن كان  مدحت قد علم بزيارته له، كانت منذ عام مضى. لم يره منذ ذلك الحين، انهار شادي باكيًا أثناء روايته للحكاية.

التقى رجب ومدحت في الجامعة قبل أعوام، كونا ثقة كافية مع صديقين آخرين للتحدث عن مثليتهم الجنسية معًا. لكن في مارس 2016، حكم على مدحت بالسجن لثلاثة أعوام على خلفية تهم تتعلق بـ “الفجور” والدعارة. وفي وقت مبكر من هذا العام، أرسل مدحت صورًا له عارية لرجل آخر على تطبيق “جريندر” وحددا معاد للقاء في ميدان التحرير. أدرك مدحت عند اعتقاله وهو في طريقه للقاء “الشاب الذي اتفق معه”، أنه كان في الحقيقة رجل شرطة سري.

المثلية الجنسية ليست فعلا غير قانوني في مصر. لكن في أواخر تسعينيات القرن العشرين، فعّلت الشرطة العمل بقانونين قديمين، قانون ضد ممارسة الدعارة صدر عام 1950 وآخر ضد ممارسة “الفجور” عام 1961، وذلك لاعتقال واتهام الجالية ذات التوجهات المثلية جنسيًا. أكبر إجراء أقدمت عليه الشرطة بهذا الشأن كان عندما داهمت نادي “كوين بوت”- نادي للمثليين جنسيًا على النيل- بالقاهرة عام 2001. واعتقلت 52 رجلًا.

وبحلول نهاية 2013، وعقب الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، لاحظ المدافعون عن حقوق المثليين جنسيًا حملة قمعية جديدة وقوية. بدأت الشرطة- التي عملت جنبًا إلى جنب مع الجيش- جولة جديدة من الاعتقالات. وهذه المرة استخدموا تقنيات جديدة.

قالت داليا عبدالحميد، مسئولة برنامج النوع الاجتماعي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية “الشرطة متقدمة تكنولوجيًا أكثر الآن”. واصفةً استخدامهم تطبيقات مثل “جريندر” لجمع “أدلة” فوتوغرافية وتنظيم لقاءات للإيقاع بالرجال. اعتقال مدحت وحبسه وسجنه هو مثال على العملية التي تتم.

قال رجب، أنه بمجرد أن اعتقل مدحت، أخبرت الشرطة والديه أنه أخذ مالًا وأنه اعتقل أثناء ممارسته للجنس في شقة. كلا الادعائين سمحا للشرطة بصناعة قضية ممارسة الدعارة والفجور. حبس مدحت في مكان احتجاز تحت الأرض في قسم قصر النيل”. تقول عبدالحميد ” الاستجواب هو الجزء الأسوأ”.

وفق عمرو عبدالرحمن، أستاذ قانون بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ورئيس برنامج الحريات المدنية بالمبادرة المصرية، أنه في أماكن الاحتجاز بالأقسام، التي تحظى بمراقبة أقل من السجن نفسه،  يكون المحتجز مستهدفًا من زملائه في العنبر والمحققون. والأسوأ، أن المحتجزين الذكور يخضعون لفحص شرجيّ مشكوك فيه علميًا من أجل الحصول على أدلة تشير إلى تورطهم في ممارسات مثلية جنسيًا، حتى وإن كانت العلامات المفترض وجودها غالبًا ما تكون حديثة جدًا ويمكنها أن تكون فقط نتيجة لاغتصاب تعرضوا له خلال فترة الاحتجاز.

الدعم والمساعدة القانونية هي قضية ملتبسة أيضًا. الخبراء القانونين متوفرين من جماعات مدافعة عن المثليين الجنسية. لكن وصمة العار المتعلقة بالاتهام تدفع عائلات المحتجزين في هذه القضايا إلى اتخاذ قرار تلقائي، وذلك من خلال تسليم ملف القضية إلى محامي ترشحه لهم الشرطة. سواء كانت العائلة تدعم ابنها أو لا، التواصل مع منظمات حقوقية يبدو وكأنه إشهار عام بالقضية. يتفق عبدالرحمن مع ذلك ” إذا قدمت نفسك كمحام حقوقي للأسرة يقولون لأنفسهم ” نحن الآن نصعب القضية على ابننا”.

في حالة مدحت، اختارت عائلته محاميًا رشحته الشرطة. لكن هذا التمثيل القانوني غالبًا ما يفشل في تحقيق ماهو ضروري. وثقت المبادرة المصرية قضايا كثيرة رشحت فيها الشرطة محامين  -أخذ في قضية مدحت 2000 جنيهًا فقط للإطلاع على القضية- لا يتصرفون وفق مصالح المدعى عليهم. محامي مدحت، على عكس نصيحة محامي من جماعات مدافعة عن المثليين جنسيًا، نصح مدحت بالاعتراف بتهمة الدعارة. لم يحضر المحامي حتى الجلسة. ويعتقد رجب أن اتفاق مالي يتم بين الشرطة والمحاميين الذي يوصون بهم.

وجدت المحكمة مدحت مذنبًا، وبدأ بالفعل فترة حكمه. من الصعب الوصول إلى أرقام دقيقة، لكن ذكرت نيويورك تايمز أنه سجن على الأقل 250 شخص من المثلين جنسيًا. وتقدّر المبادرة المصرية أن ربما يوجد على الأقل ضعف أعداد القضايا التي  أشرفوا على توثيقها كاملًا في عملهم. تعود أسباب ذلك إلى أن التأويل القانوني لمصطلحات مثل “الفجور” أو “الفحش العام” عام جدًا. والأحكام غالبًا ما يعظمها القضاة الذي يحكمون في جرائم تحمل نفس المصطلحات. هذا يعني الحكم على الأفراد المثليين جنسيًا لعقوبة تزيد عن ثمانية أعوام من أجل اعتقال واحد.

يصف عبدالرحمن الحملة القمعية الحالية بأنها منظمة ومسيسة، وتتعلق بمحاولة أكثر شمولًا لخلّق نظام وشرعية عامة للنظام المصري الحالي. وفي ظل هذه الظروف، مجتمع المثليين جنسيًا هدف سهل.

وأشار عبدالرحمن إلى أن قانون التظاهر المثير للجدل نوفمبر 2013، والذي يحدّ قدرة المصريين على الاشتراك في احتجاجات عامة، جاء في نفس الوقت الذي كانت فيه المبادرة توثق أول قضية متعلقة بالمثلية الجنسية، لكنه يشك “أنه يوجد تنسيق بين هاتين الخطوتين لكن هذا النوع من التشابك يخبرك عن عقلية رد الفعل العنيف. عقلية هي الآن  ضد صعود جميع التحيزات السياسية،  الإسلاميين، المبادئ “الأخلاقية” في الشوارع، اليسار الراديكالي، الشباب، الثورة”.

لكن بخلاف المزايا السياسية والاستغلال داخل جهاز الشرطة، ما الذي يغذي العنف الحالي؟ وماهو احتمال تغيير وجهة النظر العامة بشأن المثلية الجنسية؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل