المحتوى الرئيسى

روايات سيناوية تكشف طريقة صناعة «الدواعش»

04/14 19:37

مشايخ قبائل: وجوه غريبة غزت سيناء بعد ثورة يناير ودست «السم فى العسل»

التكفيريون يعملون فى تهريب الأفارقة إلى إسرائيل والاستيلاء على أموالهم واغتصاب النساء

حالات القمع فى عهد «مبارك» واعتقال عدد كبير من الشباب السيناوى دفعهم إلى التشبع بالأفكار الإرهابية

شيوخ الوهابية ورغبة الموساد فى خلو سيناء من السكان وراء انتشار الفكر المتشدد

فى إطار الجهود المبذولة على المستوى الدولى والإقليمى، للقضاء على ظاهرة الإرهاب والتطرف التى غزت العالم مؤخراً بشكل واسع، وباتت تهدد مستقبل الدول، كان لابد من البحث عن الأسباب الحقيقية وراء تحول الأشخاص الطبيعيين الى متطرفين، وبالتالى اعتناقهم الأفكار المغلوطة والمتشددة التى غيرت نظرتهم للحياة وطريقة تعاطيهم مع الأحداث، لاسيما بعد وقوع الكثير من الحوادث الإرهابية التى أودت بحياة المئات من الأبرياء عقب اندلاع ثورات الربيع العربى والإطاحة بنظام جماعة الإخوان الذى كان يحكم فى مصر.

أجريت فى هذا الشأن العديد من الدراسات والبحوث التى قامت بها بعض المؤسسات «الدينية والتربوية والأمنية والصحفية»، لتحديد السبب الرئيسى الذى يكمن وراء التحول الفكرى للشخص الطبيعى الى آخر متطرف كاره للدين والحياة لا يفكر سوى فى الانتقام من كل ما هو بشرى يعيش على كوكب الأرض، دون وازع من دين أو رحمة أو تمييز بين طفل وشيخ أو رجل وامرأة.

وأرجعت هذه المؤسسات أسباب التحول الفكرى الذى طرأ على عقول بعض الأشخاص ودفعهم الى اعتناق الأفكار المتشددة لعدة عوامل، أبرزها «دينية ومادية ونفسية» ما استدعى الدولة للبحث فى المناهج الدراسية وحذف بعض قصص التابعين التى تحوى مواد تحرض على العنف مثل سيرة «عقبة بن نافع وصلاح الدين الأيوبى وغيرهما».

واستقرت الدولة فى ضوء تلك الجهود التى ترعاها مؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف وبعض مؤسسات المجتمع المدنى، على ضرورة إجراء مراجعات شاملة لبعض المؤلفات الدينية فى إطار تجديد الخطاب الدينى، وفقاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى الرامية الى الحد من تنامى وتفاقم خطر الإرهاب. 

واستكمالاً لتلك الجهود التى تقوم بها المؤسسات للوقوف على حقيقة التحول الفكرى للأشخاص العاديين إلى متطرفين، نستعرض بعض الروايات والشهادات الموثقة برؤية أصحابها من شهود العيان فى سيناء الذين عايشوا بعض العناصر الإرهابية خلال فترة نشأتهم وطفولتهم وشبابهم قبل أن يتحولوا الى قطيع من الذئاب البشرية المتعطشة لسفك الدماء وإزهاق الأرواح.

يقول احد شيوخ سيناء، موثقاً شهادته لـ«الوفد»، مفضلاً عدم الإفصاح عن هويته لدواعٍ أمنية، بروايات كان شاهدا عليها عند ظهور هذه التنظيمات المتطرفة، ليرصد بداية التحول الفكرى لبعض الشباب السيناوى الذى تأثر بالفكر المتشدد وانخرط وسط الجماعات المتطرفة، قائلاً: هم أشخاص عاديون عاشوا بيننا لعقود من الزمن نعرفهم جيداً وبعضهم أقارب لنا ومن جلدتنا ولم نشاهد يوماً عليهم مظاهر شاذة أو افعالا غريبة، حتى قيام ثورة 25 يناير التى خلفت وراءها انفلاتا أمنيا كبيرا، مروراً بفترة تولى محمد مرسى رئاسة البلاد عام 2012.

واضاف الشيخ السيناوى: الأحداث بدأت بتدفق كميات كبيرة من السلاح المهرب من الأراضى الليبية إبان ثورة 17 فبراير التى أطاحت بنظام الزعيم الراحل معمر القذافى مستغلة حالة الانفلات الأمنى التى تعيشها مصر بعد سقوط نظام مبارك، بحجة توصيلها إلى المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة لقتال العدو الإسرائيلى، متابعاً: بعد تولى الرئيس المعزول محمد مرسى مقاليد الحكم فى مصر بدأت الأحداث تسلك منحى آخر، حيث ظهرت وجوه غريبة غير مألوفة بين أبناء سيناء من أصحاب اللحى الطويلة والجلابيب القصيرة، يملكون غلظة شديدة عندما يتحدثون وكان من غير المسموح سؤالهم من أين أتوا وماذا يفعلون هنا؟

وواصل الشيخ السيناوى: أعداد هؤلاء الرجال بدأت تزداد يوماً تلو الآخر بقرارات العفو الرئاسى التى كان يصدرها «مرسى» وشملت مجموعات من المحكوم عليهم بالإعدام فى قضايا إرهابية وجنائية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وجميعهم من الاخوان والجماعات الجهادية والسلفية الموالية لجماعة الاخوان، لافتاً الى أنه خلال هذه الفترة كان أهالى سيناء مشغولين بمصالحهم وأرزاقهم ولا يلقون بالاً لوجود هؤلاء الناس الغرباء الذين بدأوا يسألون عن دروب الصحراء ومداخلها وكيفية الوصول الى بعض المرتفعات والتلال سريعاً وعن كيفية الوصول الى الحدود مع الأراضى المحتلة وإلى قطاع غزة.

ويقول «ي ك» من رجال القبائل فى سيناء إن المجتمع السيناوى يعيش على الفطرة، والأغلبية ليسوا حاصلين على شهادات جامعية  والدين بالنسبة لهم «القران الكريم والسنة النبوية الشريفة» وبعضهم ينتمون الى الطرق الصوفية مثل الشيخ سلمان أبو حراز البالغ من العمر 90 عاما والذى قتل ذبحاً العام الماضى على أيدى المتطرفين والشيخ حمدى جودة وغيرهما من مشايخ القبائل الذين عاشوا وماتوا على الفطرة التى فطرهم الله عليها، حتى ظهور هؤلاء الرجال من أصحاب البنيان والقامات الطويلة الذين غزوا المجتمع السيناوى خلال رئاسة محمد مرسى وبدأوا يروجون لأفكار جديدة على المجتمع السيناوى مثل إسقاط الدستور وتطبيق الشريعة الإسلامية وقيام جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على غرار المملكة العربية السعودية وتعميم النقاب ومحاسبة المخطئين بعيداً عن العدالة التى وضعتها الدولة متمثلة فى «القضاء»، بالإضافة الى أساطير من الروايات التى تعود بالمجتمعات العربية الى العصور القديمة التى تحكى عن غزوات العرب للإمبراطوريات «الروم والفرس» فى فجر الإسلام بهدف إلهاب مشاعر الشباب الذى راح ينصت الى قصصهم فى شغف وتشوق وهما يدسون السم فى العسل ويزرعون بذور الكراهية للدولة المصرية متخذين من الدين ستارا للسيطرة وتحقيق المكاسب السياسية.

وواصل «ي ك»: ظل الحديث قائما بين الشباب وهؤلاء الرجال دون الشيوخ من أهل سيناء الذين سطر التاريخ دورهم البطولى فى مساندة الجيش المصرى إبان حروب الاستنزاف وحرب السادس من أكتوبر مع العدو الإسرائيلى حتى قامت ثورة 30 يونيو التى كانت بمثابة بداية حقيقية لانزلاق الشباب السيناوى فى عباءة التنظيمات المتطرفة متأثرين بروايات الجهاديين الذين خالطوهم بعد وصول مرسى للحكم.

وعاد «ي ك»، بذاكرته ليحدثنا عن طبيعة العمل الذى كان يقوم به شباب سيناء قبل انخراطهم فى صفوف التنظيمات المتطرفة، فيقول إن بعضهم كان يعمل فى التهريب وتجارة المخدرات والسلاح وجلب الأفارقة من السودان والدول الأخرى الى إسرائيل عبر الأنفاق مع غزة، مثل شادى المنيعى زعيم تنظيم بيت المقدس فى سيناء، وأبو مريم وأبو سالم من مقاتلى ولاية سيناء الذين لقوا حتفهم على أيدى رجال القوات المسلحة، فيما يعمل الغالبية العظمى من شباب سيناء فى مهن مثل الزراعة والتجارة وتربية الأغنام.

وروى الشيخ «إبراهيم ع» أحد شيوخ سيناء كيف كان يعيش شادى المنيعى قبل ان يصبح زعيما لتنظيم بيت المقدس وضمن أبرز مقاتليه، فقال إنه كان يعمل لسنوات فى تهريب الأفارقة الى إسرائيل ويمتلك ثلاثة منازل بشمال سيناء، الأول في قرية «المهدية» وهو المنزل الذي أدخله الحياة الجهادية، والثاني في قرية «المقاطعة»، أما المنزل الثالث فكان في منطقة «العجراء» وهو مخصص لاستقبال القادمين من شمال إفريقيا والسودان لإدخالهم الى إسرائيل بعد تعذيبهم بأبشع الصور والاستيلاء على أموالهم واغتصاب النساء، متابعاً: فى عام 2013، ثبت أنه لم يكن مجرد عنصر إرهابي في تنظيم، وأنه كان مؤيدا لجماعة الإخوان أثناء ترشح ممثلها المعزول محمد مرسي للرئاسة، حين قام بمنع المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي من إقامة مؤتمر جماهيري بهدف الدعاية في شمال سيناء وتم بث مقطع مصور تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي يعلن فيه أنه لن يسمح بدخول «صباحي» شمال سيناء باعتباره يحمل فكرًا شاذًا لا تقبله أي شريعة سماوية، فضلاً عن كونه متهما رئيسيا فى تفجيرات طابا عام 2005 التي أودت بحياة 305 أشخاص، وإصابة أكثر من 150 آخرين.

وأشار الكاتب والباحث السيناوى عبدالقادر مبارك: إلى «3» أسباب وراء تحول بعض الشباب الطبيعيين فى سيناء الى متطرفين، ممارسين العنف المسلح ضد الدولة والقيام بعمليات ارهابية ضد الجنود المصريين.

أوضح أن السبب الأول، دخول مؤلفات لشيوخ سعوديين متشبعين بأفكار وهابية جميعها تحرض على العنف، والثانى الأحداث الإرهابية فى مدينة طابا وما تبعها من اعتقالات عشوائية قامت بها الدولة ضد أبناء سيناء، والسبب الأخير، قرارات العفو الرئاسى التى اصدرها الرئيس المعزول محمد مرسى بعد توليه الحكم، وشملت الإفراج عن أعداد كبيرة من العناصر الجهادية بينهم منفذو حادث طابا الإرهابى.

وقال مبارك إن حالات القمع التى قامت بها الدولة إبان حكم الرئيس الأسبق مبارك ضد أبناء سيناء وسجن عدد كبير منهم فى معتقلات سياسية مع عناصر متطرفة ساهمت فى إشباع هؤلاء الشباب بالأفكار المتشددة خلال تلك المدة، حتى إنهم عقب الإفراج عنهم انطلقوا موالين للجماعة منفذين لكافة مطالبها.

وأضاف الباحث السيناوى: بعد تولى الاخوان الحكم انتقل بعض المفرج عنهم من الجهاديين للعيش فى سيناء ولم يكونوا جميعهم من ابناء سيناء، كانت بينهم أعداد كبيرة من شباب المحافظات الأخرى، متابعاً بعد قيام 30 يوينو فوجئنا بهؤلاء جميعهم يحملون السلاح الذى تدفق من ليبيا بكميات كبيرة ومتنوعة وأسلحة متطورة، حتى ان القبائل باتت عاجزة عن التصدى لهؤلاء المسلحين الذين انتشروا فى أرجاء المحافظة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل