المحتوى الرئيسى

المواطنة المفقودة بين التمييز والإرهاب | المصري اليوم

04/14 00:47

يعتبر التمييز من أكثر الأمراض والأوبئة فتكاً في الأرض منذ بدء الخليقة ويوجد منه نوعان الأول هو تمييز مباشر (جنوب أفريقيا ونظام الفصل العنصرى كمثال) والنوع الثانى هو تمييز غير مباشر (فى شكل فردى أو مؤسسى) من خلال استحداث معايير يتم بها تمييز فئة معيّنة من المجتمع دون أخرى مما يسبب ضرراً وإيذاءً لباقى فئات المجتمع ويدفعهم للتطرف والعنف في مواجهة الفئة المميزة، وقد تعرض المصريون على مدار التاريخ للتمييز المؤسسى من خلال إبعادهم عن مقاليد السلطة والجيش واستغلالهم في الأعمال الشاقة رغم أنهم سكان البلاد الأصليين إلى درجة أن المصريين عاشوا 12 قرنًا (1200 سنة) بدون أن يسمح لهم بالانضمام إلى الجيش بل على العكس فقد كان المصريون ممنوعين قانونًا في العهد العثماني من حمل السلاح!.

وتأتى مصر على رأس قائمة طويلة من الدول التي عانت من أثار التمييز خاصة في الخمسين سنة الأخيرة من تاريخها والتى كان من نتائجها أكثر من 180 حادث طائفى شهدته مصر منذ عام 1972 (إشعال النار في جمعية دار الكتاب المقدس بالخانكة) وحتى التفجير الانتحارى الأخير في طنطا والإسكندرية، إلا أن التمييز لم يكن من نصيب مسيحيى مصر فقط بل طال فئات أخرى متنوعة من المجتمع مثل القبائل البدوية في سيناء والساحل الشمالى، حيث كانت نظرة الدولة لهم دائماً نظرة ريبة وشك في انتمائاتهم وكانوا مع أهل النوبة أقل فئات المجتمع المصرى نصيباً في التنمية وفى التمثيل في المناصب العليا في الدولة، حتى التليفزيون والسينما كان المصريون من ذوى البشرة السمراء أقل حظاً في الظهور، وتم حصرهم في أدوار تمثيلية محددة ومقولبة في إطار فكرى محدود، بينما لم يظهر مذيع أو مذيعة ذات بشرة سمراء منذ افتتاح ماسبيرو في الستينيات وحتى الآن، بينما كان لأصحاب البشرة البيضاء نصيب الأسد في الظهور على الشاشة الصغيرة إلى درجة أن الصورة الذهنية لمصر في بعض الدول الأفريقية أنها دولة تنتمى للقارة الأوروبية ولا تنتمى للقارة السمراء!.

بينما يأتى الفقراء ( حوالى 60% من المجتمع المصرى ) كأكثر المتضررين من التمييز في المجتمع وخاصة في قطاع التعليم حيث يتاح التعليم الأحدث والأرقى والأعلى جودة للطبقات العليا من المجتمع أما الطبقات الأدنى فيتاح لها تعليم محدود أو معدوم الجودة، وحتى المتفوقين من الفقراء فهناك قطاعات في الدولة مثل الجيش والشرطة والقضاء والخارجية تغلق أبوابها في وجوههم، حيث لا يدرس أو يعمل بهذه القطاعات غير شرائح محددة سلفاً من الطبقة العليا من المجتمع ونسبة من الطبقة الوسطى ناهيك عن توريث المناصب والحق المقدس لتعيين الأبناء في هذه المؤسسات حتى ولو كانت لا تنطبق عليهم شروط المؤهل والكفائة وبالتالى يزداد الفقراء تهميشاً وحسرة بينما يزداد الأغنياء استحواذاً على السلطة وبالطبع على الثروة.

في عام 1995 أنهت جنوب أفريقيا رسمياً نظام التفرقة العنصرية (الأبارتايد) بعد أن وصلت مستويات العنف والتطرف إلى مستويات قياسية، في هذا الوقت كان نصيب السكان البيض (15% من إجمالى السكان) من الثروة 60% ويشغلون 80% من الوظائف العليا بالدولة، تبنى الرئيس مانديلا قانون المساواة في التوظيف والذى صدر عام 1998 ليسمح بتوظيف السود في وظائف عامة بصورة عادلة ويمنحهم فرصة للتطور والنمو من خلال تشجيعهم على التعليم وتحسين قدراتهم وكفائتهم النظرية والتطبيقية بغض النظر عن العرق أو الدين أو النوع أو اللون أو الثقافة أو حتى المستوى المادى والاجتماعى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل