المحتوى الرئيسى

رهان على الفلاح الفصيح | المصري اليوم

04/14 00:27

كلمة فلاح قريبة إلى قلبى فهى لفظ عربى فصيح مصدره فلح أي فاز وظفر وهو معنى دقيق وبليغ أكثر من كلمة مزارع، والتى تعنى ممارسة فعل الزراعة، بينما الفلاح تتضمن معنى الزراعة ومعنى تحقيق النجاح فيها معا.

وحينما تجتمع الفلاحة مع الفصاحة نكون أمام تكوين حضارى عميق عمره آلاف السنين تبدى مرة مع خن أنوب الفلاح الذي عاش خلال الأسرة العاشرة وتعرض للظلم من أحد المسؤولين في قريته مما دفعه لكتابة شكاوى لفرعون البلاد حتى أخذ حقه ومنحه فرعون وظيفة في قصره.

وهو نفسه الفلاح الذي يملك بين ضلوعه قلبا يحوى طبقات الحضارة المصرية برواسبها التاريخية يونانية ورومانية وعربية، والحضارية فرعونية وهللينية وقبطية وإسلامية والذى أشار إليه توفيق الحكيم في روايته الرائدة عودة الروح.

نحتاج إلى عقل وقلب الفلاح الفصيح لنحكى له حكاية المياه في مصر هي محدودة بحكم الاحتياجات المتزايدة طبقا للزيادة السكانية ومتطلبات التنمية وهى محددة بحكم الاتفاقيات الدولية التي نصت على مقدار ثابت سنوى يأتى من بحيرة ناصر إلى عمق البلاد عبر نهر النيل وفروعه.

يجب أن يعرف الفلاح الفصيح أن تلك المياه المحدودة تقتضى إدارة حكيمة لها تتيح تحقيق استفادة قصوى من كل متر مياه بما فيها من اختيار المحاصيل التي تحقق أكبر عائد اقتصادى وأقل كمية مياه مستهلكة، وحيث إن محصول الأرز شره لاستهلاك المياه، ويأتى في فصل الصيف بحرارته المرتفعة مما يستلزم وضع قيود على زراعته حتى تكفى كمية المياه المتاحة استخداماتنا المختلفة.

وبسبب محدودية الموارد المائية تقرر الحكومة النزول بالمساحة المقررة للزراعة للموسم الجديد 2017 لتصبح 700 ألف فدان وهى المساحة المثالية لتحقيق اكتفاء ذاتى من الأرز مع عدم إرهاق مواردنا المائية ومع ذلك ثارت أصوات تعارض وتطالب بزيادة تلك المساحة فتقبل الدولة زيادتها لتصبح مثل الأعوام الماضية مليون و67 ألف فدان بالرغم من زيادة المتطلبات وعلى رأسها الزيادة السكانية واحتياجات مياه الشرب.

اتخذت الدولة هذا العام تدابير مهمة وإجراءات استباقية فتم تطهير المجارى المائية مبكرا والإعلان عن المناطق المسموح بالزراعة فيها منذ شهر يناير الماضى وإطلاق حملة توعية وتعريف للفلاحين حتى يخبر الحاضر منهم الغائب وتجرى حاليا متابعة دقيقة للزراعات المخالفة في كل المحافظات.

الدولة تعانى من مراوغة المخالفين وسعة حيلتهم، بينما هي يدها مغلولة فحينما تكشر عن أنيابها وتحاول إزالة مشاتل الأرز المخالفة وترسل لجانا للتنفيذ في القرى المصرية في الدلتا تكتشف أن خبر قدوم اللجنة قد تسرب لأهل القرية ليجتمعوا معا للتصدى لعملية إزالة المشتل تطبيقا لمبدأ أنا وابن عمى على الغريب وحينما يتم التدقيق والحفاظ على سرية اللجنة لتحقيق عنصر المفاجأة لإزالة المشتل ينصرف الفلاحون عن المشاتل ويلجأو لحيلة أخرى من خلال زراعة الأرز بطريقة توزيع البذور في مساحة واسعة من الأرض لتستحيل فكرة الإزالة.

وحينما تلتزم الحكومة بأحكام القانون وتقوم بحصر أسماء المخالفين لزراعة الأرز وتبدأ في اتخاذ الإجراءات ضدهم، تثور حملة واسعة من جماعات الضغط طلبا لإعفاء المخالفات تحت مزاعم أن الفلاح مهضوم حقه بالرغم من أن أول من يتضرر من أفعال هؤلاء المخالفون هم باقى الفلاحين المتلزمين الذين يعانون من نقص المياه التي اغتصبها الآخرون بدون وجه حق.

وحينما تبدو هناك إرادة وحسم في حصر الأسماء لتطبيق القانون نكتشف أن كثيرا من الكشوف تتضمن أسماء خاطئة بحيث يصعب تطبيق المخالفة عليها أو أن هناك تربص بالبعض وغض للطرف عن الآخرين مما يجعل عملية الردع غير ذات قيمة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل