المحتوى الرئيسى

أميرة ملش تكتب.. 3 حكايات عن رحلة 'أولاد الذوات' من النعيم إلى مستنقع الإرهاب

04/13 22:23

دائمًا ما يأتى الحديث عن الإرهاب مقرونًا بالفقر وتدنى الحالة الاجتماعية ومستوى المعيشة، على اعتبار أن ضيق الحال

والصعوبات الحياتية قد تكون بمثابة «حاضنة» مناسبة لشياطين الإنس، ممن يلعبون على احتياجات محدودى ومنعدمى الدخل، ويستغلون ما مروا به من معاناة، فى استقطابهم وجذبهم لجماعات الدم والقتل والتطرف والإرهاب.

رغم تلك الصورة التى تبدو «طبيعية» لدى كثيرين اعتمادًا على معادلة، عناصرها: فقر يؤدى لاكتئاب وشعور بالتهميش تنتج عنه رغبة فى إثبات الذات ثم انضمام للجماعات التكفيرية، إلا أن هناك آخرين من ذوى «الأيدى الناعمة» ممن اختاروا نفس الطريق الإرهابى رغم حياتهم المعيشية «الهاى كلاس» وكونهم «أولاد ذوات».. إن كنت لا تصدق سُنسمعك قصصهم على لسان ذويهم ممن تحدثوا لـ«الدستور» عن حكايات تطرف «إرهابيى الهاى كلاس».

1 ◘ إبراهيم.. ترك رحلات أوروبا ونادى هليوبوليس.. وانضم لـ«داعش»

أمام مكتب رئيس النيابة، حضرت سيدتان أثار وجودهما التفات وهمزات وهمسات كل الموجودين والعابرين، ليس لحسنهما وجمالهما بل لمظهرهما الراقى الثرى، صحيح أن المحيطين لا يكادون يعرفون شيئًا عن ماركات ما كانتا ترتديانه، لكن المظهر يقول شيئًا واحدًا فقط إنهما من «علية القوم».

السيدتان فى متوسط العمر لا تضعان الماكياج، ويغطى الحزن والانكسار ملامحهما، وبرُقى شديد طلبا من العسكرى المتواجد أمام المكتب مقابلة رئيس النيابة، وقالت إحداهما: «عايزين نسأل عن أخونا المحبوس إبراهيم»، فما كان منه إلا أن دخل للمكتب واستأذن لهما فى الدخول.

الشقيقتان قالتا لرئيس النيابة إنهما علمتا من المحامى أن شقيقهما الوحيد لديه تحقيق اليوم، وجاءتا لرؤيته، خاصة أنهما تواجهان صعوبة بالغة فى زيارته بمحبسه غير المستقر، ولا تعلمان على وجه الدقة أين هو، مشيرتين إلى أنهما رفضتا اصطحاب زوجته لأنها منتقبة «والحكاية مش ناقصة».

حسب رئيس النيابة، فإن شقيقهما ينتمى لمجموعة إرهابية شديدة الخطورة، رغم نشأته فى عائلة تسكن حى مصر الجديدة، وتعلمه هو وشقيقتاه فى مدارس فرنسية.

وقالت الشقيقتان إن المتهم شقيقهما الأصغر، وتربى فى مستوى ثقافى واجتماعى بعيد تمامًا عن أى «تدين مبالغ فيه»، حيث نادى هليوبوليس والمدرسة الفرنسية والبيت المنفتح والوالدان المتحرران فكريًا، وأضافت إحداهما: «لم يكن فى المنزل الذى نشأنا فيه أى تزمت أو تشدد أو حتى التزام دينى ولا قيود من أى نوع».

وتشير الأخرى إلى أنه كان يهوى السفر والرحلات إلى أوروبا برفقة أصدقائه، وكانت والدته تناديه دائمًا «إبراهيم الطاير» بسبب عشقه للسفر، مضيفة: «النقود لم تكن يومًا مشكلة فى بيتنا، وشقيقى تخرج فى كلية الآداب بقسم اللغة الفرنسية، وبعدها عمل فى عمل خاص مع والدى».

وعن قصة انضمامه للمتطرفين، قالت الشقيقة الكبرى: «بدأ التحول تدريجيًا نحو الصلاة والالتزام الدينى، وكنا نسخر منه فى البداية، واعتبرنا الأمر مجرد شىء جديد وطارئ وسيأخذ وقته ويمضى ولم ننزعج، وقلنا (ربنا يهدى)».

وتضيف: «أطلق لحيته وبدا زاهدًا فى كل شىء، وأهمل مظهره تمامًا رغم أنه كان فى السابق يهتم بملابسه التى كان أغلبها من الخارج، وأصبح لا يرتدى منها غير القليل، ثم كانت المفاجأة عندما رأيناه يخرج من غرفته ذاهبًا إلى العمل بجلباب، وقال إنها سنة عن الرسول سيلتزم بها من الآن».

وتتابع: «تبدلت أحواله وأصبح عنيفًا معنا ويلومنا على مشاهدة التليفزيون والذهاب للسينما وعدم صلاتنا وعدم ارتدائنا الحجاب، ثم بدأ يسحب أموالًا كثيرة من رصيد تجارة والدنا بدعوى دفع الزكاة، ما دفع والدى لإلغاء التوكيلات التى كتبها له فى وقت سابق، فتشاجر مع والده وكاد أن يمد يده عليه لولا تدخل أمى وزوج شقيقتى».

وأشارت إلى أنه ترك المنزل وبعد شهر اتصل بوالدته وأخبرها بأنه تزوج من فتاة صالحة ويريد أن يزورنا، وجاء بالفعل ومعه فتاة منتقبة، مضيفة: «كانت المرة الأخيرة التى نراه فيها، فلم نعرف شيئًا عنه بعدها لمدة عام تقريبًا، إلى أن جاءت إلينا زوجته وقالت إنه مقبوض عليه على يد أشخاص قدموا لمنزلهما بسيارات شرطة وأخذوه». وتختتم: «اتصلنا بالمحامى الذى تم إخباره من قبل النيابة بأن شقيقى من المتهمين الرئيسيين فى مجموعة إرهابية تنتمى إلى تنظيم داعش، وأن دوره فيها هو جمع الشباب وتسفيرهم إلى سوريا.. أُصبنا بالفزع، ومن وقتها ونجرى وراءه من سجن لآخر، حتى علمنا من المحامى أنه يواجه تحقيقًا هنا فى النيابة».

2 ◘ تامر.. نزوات «فَلاتى» نادى الصيد.. تنتهى فى «بيت المقدس»

لم يكن يعرف المقربون من «تامر» - المحامى الشاب الذى كان معروفًا وسط أصدقائه وزملائه بخفة الظل وحب السهرات- أنه سينضم فى يوم من الأيام إلى التنظيمات الإرهابية.

ويكشف أصدقاء «تامر»، أنه تخرج فى كلية الحقوق «قسم اللغة الإنجليزية»، وتربى فى منطقة «المهندسين» بالقرب من «نادى الصيد» الذى كان عضوًا فيه، مضيفين فى إشارة إلى الترف الذى كان يعيش فيه: «كان زير نساء بمعنى الكلمة»، حسب تعبير أحدهم.

ويضيف صديق تامر: «كان محاميًا كفئًا والجميع تنبأ له بمستقبل واعد وأن يصبح محاميًا مشهورًا فى المستقبل، إلا أننا فوجئنا بتحوله لشخص آخر».

التحول كان تدريجيًا، وبدأ بتعرف شاب عليه فى «نادى الصيد»، وكان ملتزمًا دينيًا ونشأت بينهما صداقة جعلت «تامر» يواظب على الصلاة والصوم بعد أن كان لا يصوم حتى شهر رمضان.

بعد ذلك ترك العمل وتزوج من فتاة محجبة ارتدت النقاب فيما بعد، وارتدى هو الجلباب وأطلق اللحية، وانقطعت أخباره عن أصدقائه، وذلك قبل ثورة يناير بعامين تقريبًا.

وعلم أصدقاؤه أن جهاز «أمن الدولة» كان يقبض عليه أكثر من مرة ثم يتركه، وبعد الثورة بدأ يتصل بزملائه وأصدقائه القدامى مرة أخرى، وتغير تمامًا، وبدأ يدعم جماعة الإخوان بشدة فى الانتخابات سواء مجلس الشعب أو الرئاسة.

بعد ثورة ٣٠ يونيو علمت أسرته من زوجته أنه سافر للجهاد فى سوريا، ثم انتقل إلى سيناء ليحارب فى صفوف تنظيم «بيت المقدس»، حتى تم القبض عليه فى حملة من حملات الجيش والشرطة فى سيناء.

3 ◘ ميدو.. «الباشمهندس» مدرس خصوصى فى «الإنجليزى» للإرهابيين

ينتمى «محمد» أو «ميدو»، كما اعتادت أسرته وأصدقاؤه على مناداته، لأسرة ثرية فى محافظة الإسكندرية، تعلم فى مدرسة أجنبية شهيرة، ثم التحق بكلية الهندسة، ومنها عمل مهندسًا فى محافظة البحر الأحمر.

فى «البحر الأحمر» بدأت قصة تحول «ميدو»، حيث تعرف على أشخاص كانوا يتحدثون إليه عن «الحرام» و«الجهاد» و«الفرقة الناجية»، حتى عاد إلى منزل أهله فى الإسكندرية شخصًا آخر، يكفرهم ويكفر الدولة ويتحدث بلغة غريبة عليه وعليهم بـ«تحريم» كل شىء.

كان يتردد عليه فى المنزل أشخاص من ذوى اللحى ويرتدى كل منهم الجلباب، وبعد مشاجرة مع والده الذى طالبه بترك هذا الطريق وعودته لطبيعته مرة أخرى، عاد إلى «البحر الأحمر» ومنها إلى سيناء بعد أن ترك عمله.

وانضم «ميدو» فى سيناء للتنظيم المتطرف الموالى لـ«داعش»، واشترك مع عناصره فى عدة هجمات، وهو معروف لدى الأمن بأنه من العناصر الخطيرة والنشطة جدًا باعتباره أحد أمراء «التنظيم»، ويمتلك قدرًا كبيرًا من الذكاء يجعله هاربًا حتى الآن، وتبحث عنه وتتعقبه الأجهزة الأمنية فى شمال سيناء.

وحسب ما هو معروف عن «ميدو»، فإنه يتحدث أكثر من لغة أجنبية وهو ما يجعله على اتصال بقيادات فى الخارج تنتمى لـ«داعش»، كما أنه يكتب بعض بيانات التنظيم باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ويستعينون به فى تعليم بعض العناصر اللغات وتدريب الأجانب المنضمين للتنظيم، وهو ما كان يفعله عندما سافر إلى أفغانستان، حسب المعلومات التى توجد فى ملفه عند إحدى الجهات الأمنية، وتبذل أجهزة الأمن فى سيناء جهودًا كبيرة للقبض عليه.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل